3 أزمات تفاقم معيشة سكان غزة

3 أزمات تفاقم معيشة سكان غزة

24 سبتمبر 2018
السكان يعانون من تزايد الضغوط المعيشية (عبد الحكيم أبورياش)
+ الخط -

 

يقضي فايز سالم معظم وقته داخل محلّه التجاري في سوق الزاوية وسط مدينة غزة، جالساً على كرسي بلاستيكي لا يكاد يحمله مع ثقل همه. ضغوطٌ حياتية يعيش الفلسطيني تفاصيلها بصعوبة شديدة، فعجلة الحياة في القطاع متوقفة منذ زمن، وما بقي له، سوى معايشة ذلك الروتين المرهق يومياً، مع ذهنٍ شارد ربما يرسم حالاً أفضل.

مشهدٌ لا يجد له سالم تفسيراً سوى أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية في غزة باتت تحت نقطة الصفر، ويضيف لـ"العربي الجديد": "حالنا صار معروفا عند الكل، لا بيع ولا أي مقومات للحياة الكريمة، شكونا همنا إلى الله. لا مجال إنه نضحك على حالنا ونظل نقول الوضع راح يتحسن".

تلك الحالة، يقف خلفها 3 أزمات هي وقف تمويل "أونروا" وتشديد الاحتلال الإسرائيلي الحصار وحسومات السلطة لرواتب الموظفين. فالاحتلال الإسرائيلي أحكم سياسة خنق غزة عندما شدد حصاره المفروض على القطاع في عامه الثاني عشر على التوالي، وهي الإجراءات التي عادت بانهيار كارثي على جميع مناحي الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني يسكنون مساحة لا تزيد عن 365 كيلومتراً مربعاً.

زاد على ذلك، إجراءات عقابية اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد سكان غزة، منذ إبريل/ نيسان 2017، تمثلت في حسومات وصلت حد 50% من رواتب موظفي السلطة بالقطاع، وأخرى نالت من قطاعي الصحة والخدمات، فيما لا يزال الرئيس عباس يُمعن بهذه الخطوات التي يُعتقد بأنه لا يُفكر بإحلالها في وقت قريب.

وجاءت أزمة "أونروا" لتعصف بقطاع غزة المنكوب، عندما قررت الولايات المتحدة أخيراً، وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بشكل كامل، وهو القرار الذي لاقى سخطاً واسعاً، وينذر بمزيد من فصول المعاناة وحالة الإرهاق الاقتصادي في غزة.

الموظف في "أونروا" إبراهيم نبيل، لم ينفِ أن أزمة الوكالة الأممية خالفت توقعات الكثيرين، إذ لم يكن يرى بأن مشكلات غزة وأوضاعها غير المستقرة اقتصادياً ولا معيشياً قد تصل إلى الوكالة، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "بتنا الآن في حالة تهديد واضحة على صعيد أمننا الوظيفي، لا نعرف إلى أين يمكن أن نصل في ظل هذه الظروف السيئة".

ضغوط الحياة التي يعيشها الفلسطينيون في هذه الأيام، يمكن تفسيرها بلغة الأرقام، ففي إحصاءات رسمية صدرت أخيراً، وصلت نسبة البطالة في القطاع إلى 49%، وهي من النسب الأعلى في العالم، بينما تجاوزت 61.2% في صفوف الشباب وحملة الشهادات الجامعية.

بينما ارتفعت معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي لما يزيد عن 55%، ناهيك عن ازدياد معدل اعتماد الأفراد على المساعدات الإغاثية المقدمة من المؤسسات الدولية لنحو 80%، فيما يشير تقريرٌ صادر عن اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في شهر أغسطس/ آب الماضي، إلى أن متوسط دخل الفرد اليومي في غزة قد تراجع إلى دولارين.

ولما يزيد عن عام من فرض الرئيس محمود عباس إجراءاته العقابية ضد غزة، توقع خبراء ومختصون اقتصاديون أن أسواق القطاع قد حُرمت من أكثر من 300 مليون دولار، بواقع أكثر من 20 مليون دولار شهرياً، وهي السيولة النقدية التي كانت تشكل مصدراً رئيسياً لتحريك التجارة بغزة رغم الحصار الإسرائيلي المفروض عليها.

أرقامٌ تعكس عدم قدرة الغزّيين على التعامل مع مناحي الحياة في القطاع، وتفسر أيضاً حالة الركود التي تعيشها أسواق غزة كما حالة الشلل المعيشي والاقتصادي. أزمات ومشكلات كثيرة ربما لا تنتهي على المدى القريب، تدفع بمزيدٍ من الضغوط على سكانٍ أرهقتهم حياة القطاع البائس من دواعي حروب ثلاثة وحصارٍ خانق.

وقال أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، سمير أبو مدللة لـ"العربي الجديد"، إن "أزمات سكان غزة وعنوانها استمرار إجراءات السلطة ضدهم والحصار الإسرائيلي، تجعل الخيار أمامهم الاضطرار إلى التعايش مع هذه الأزمات".

ويضيف أبو مدللة: "حالة الضعف لدى كثير من السكان وخاصة لدى الشباب وحتى أسر فلسطينية بأكملها، دفعتهم نحو الاتجاه إلى الهجرة بسبب ما يعانيه قطاع غزة من أزمات واضحة أثرت على كل مناحي الحياة، بسبب الحصار المفروض منذ 12 عاماً والانقسام الفلسطيني وإجراءات السلطة التي تم إقرارها قبل أكثر من عام".

ويؤكد أبو مدللة هذه الضغوط، بأن تلك الإجراءات قد "أثقلت كاهل الموظفين وأدت إلى أوضاع اقتصادية صعبة، كما أن هذه الإجراءات جعلت معظمهم يتلقون رواتبهم إما بالسالب أو أصبحوا مدينين للبنوك، لأن جزءاً منهم عليهم قروض من البنوك، وهذه أزمة وصلت إلى القطاع الخاص، المتراجع بسبب الحصار والحرب الأخيرة صيف عام 2014".

المساهمون