اليمن يعود إلى الوراء... "ذراع صالح" يقود الملف الاقتصادي

اليمن يعود إلى الوراء... "ذراع صالح" يقود الملف الاقتصادي

02 سبتمبر 2018
اليمنيون يأملون تحسن أوضاعهم المعيشية (Getty)
+ الخط -
يبدو أن الحكومة الشرعية لم تجد سوى العودة إلى الوراء والاستعانة برموز النظام السابق التي أطاحت بها الثورة من أجل حلحلة الملف الاقتصادي المتدهور. وفي مسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قرارا بتشكيل لجنة اقتصادية برئاسة حافظ معياد تتبع الرئاسة، فيما يواصل الريال اليمني التراجع المستمر أمام العملة الأميركية متسببا في ارتفاع مخيف لأسعار السلع والخدمات، ما فاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وكشف معياد والذي عيّنه هادي مستشاراً اقتصادياً له أيضاً، في 27 أغسطس/ آب الجاري، عن قرار رئاسي يحدد أعضاء اللجنة نشره في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).
ومعياد يعد أبرز النافذين في نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح ويوصف بأنه "الذراع الاقتصادية لصالح"، ومدير استثمارات العائلة، وشغل عدة مناصب رفيعة منذ عام 2001، حيث تولى رئاسة مصلحة الجمارك قبل أن يصبح رئيسا لبنك التسليف الزراعي الحكومي (كاك بنك) في 2003 ثم رئيسا للمؤسسة الاقتصادية اليمنية في 2010.
وتتكون اللجنة من معياد رئيسا وأحمد الفضلي وزير المالية نائبا، وتضم في عضويتها محمد زمام محافظ البنك المركزي الحالي ومنصر القعيطي المحافظ السابق، وأحمد غالب رئيس مصلحة الضرائب السابق، بالإضافة إلى أحمد ثابت العبسي مدير بنك اليمن الدولي (تجاري)، وعبيد سعيد شريم أستاذ المحاسبة بجامعة صنعاء، وفارس الجعدبي، نائب الرئيس التنفيذي السابق لمصرف "كاك بنك" الحكومي.



وأكد مسؤول حكومي رفيع لـ"العربي الجديد" أن تدخلات سعودية وإماراتية تقف خلف إعادة مسؤولي النظام القديم إلى مناصب رفيعة في الدولة، ومنها التغييرات الاقتصادية الأخيرة.
وبحسب المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح، فإن المهام الرئيسية للجنة الاقتصادية تتركز في إعداد الخطط الاقتصادية والإشراف على تنفيذها، ووضع معالجات لأزمة تهاوي الريال، بالإضافة إلى الإشراف على تشغيل البنك المركزي من عدن ومتابعة إجراءات توحيده مع البنك المركزي في صنعاء بالتنسيق مع سلطات الحوثيين وضمن جهود المبعوث الأممي مارتن غريفث.
وفي هذا السياق، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، لـ"العربي الجديد": "ليست هناك معلومات تفصيلية حتى الآن عن مهام اللجنة وصلاحياتها، لكن الواضح أنها فريق اقتصادي سوف يصنع السياسات ويراقب الأداء أو هكذا يفترض وننتظر الإعلان عن تفاصيل أكثر لكشف بعض الغموض حول أدائها".
ولا يرتبط معياد بعلاقة جيدة مع الرئيس هادي الذي أقاله من آخر مناصبه مديرا للمؤسسة الاقتصادية اليمنية التي تتبع وزارة الدفاع، ضمن حملة نفذها الأخير لإزاحة أقارب صالح وأذرعه من مؤسسات الدولة عقب توليه الحكم رئيسا توافقيا خلفا لصالح عام 2012.
وقال أحد أعضاء اللجنة الاقتصادية، لـ"العربي الجديد" إن اللجنة تتبع الرئاسة اليمنية وتشرف على جميع الوزارات المتعلقة بالجانب الاقتصادي، موضحاً أنها ستجتمع للمرة الأولى خلال سبتمبر/ أيلول المقبل لتحديد مهامها والوقوف على صلاحياتها لكنه يخشى أن تكون دون مخالب وصلاحيات.
وأشار العضو في اللجنة، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن اللجنة ستتولى رسم السياسات الاقتصادية بالإضافة إلى متابعة الإيرادات وتوريدها إلى حساب الحكومة في البنك المركزي.
وتركت الحرب تداعيات خطيرة على الاقتصاد اليمني الكلي، حيث تدهورت المالية العامة، ووصلت إلى مرحلة الانهيار التام منذ نهاية عام 2016، وتمثلت أكبر التداعيات في تراجع الإيرادات العامة متأثرةً بعدد من العوامل أهمها تعثر إيرادات النفط والغاز – التي كانت أكبر موارد الموازنة العامة وتعليق دعم المانحين للموازنة العامة، وتدهور الإيرادات الضريبية.
واستمر الريال اليمني في التهاوي، متراجعا إلى مستويات قياسية منخفضة مقابل الدولار، وقال صرافون ومتعاملون، إن سعر الصرف بلغ أكثر من 620 ريالا مقابل الدولار أول من أمس.
وتوقع الخبير في الإدارة، عبد الواحد العوبلي، أن اللجنة الاقتصادية لن تمتلك الوسائل والصلاحيات لتطبيق الرؤى والخطط التي ستقوم باقتراحها، معتبراً أنها ستكون لجنة دون مخالب. وقال العوبلي لـ"العربي الجديد": "لنفترض أن اللجنة الاقتصادية ستكون قادرة نظريا على رسم السياسات والخطط التي من شأنها إنقاذ الريال والاقتصاد بشكل عام، لكن عمليا لن تمتلك الصلاحيات والسلطة اللازمة لتنفيذ تلك الخطط".
وأشار العوبلي إلى أن اللجنة أمام اختبار حقيقي في مسألة تحويل عائدات النفط إلى حسابات البنك المركزي اليمني بدلاً من إرسالها إلى حساب خاص في السعودية، بالإضافة إلى إيقاف عمليات تهريب وسرقة النفط من حقول صافر، وحشد الإيرادات الضريبية والجمركية وتحويلها إلى حساب الحكومة العام.
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت نهاية عام 2014 بعد سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/ آذار 2015، عندما قادت السعودية تحالفاً عسكرياً بدعم من الإمارات، شن ضربات جوية مكثفة ضد الحوثيين الذين لا يزالون يسيطرون على نحو نصف محافظات اليمن.
وأصابت الحرب العملة اليمنية في مقتل، واهتزّت الثقة بها مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي من 215 ريالاً في مارس/ آذار 2015 إلى أكثر من 600 ريالاً حالياً.
وقدّر تقرير حكومي يمني حديث، خسائر الناتج المحلي اليمني بنحو 50 مليار دولار حتى نهاية العام الجاري 2018، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو 3 سنوات. وتوقّع التقرير الذي أصدرته وزارة التخطيط اليمنية، بالتعاون مع المكتب القُطري لمنظّمة "يونيسيف"، أن تتواصل خسائر الاقتصاد بسبب الحرب، ما لم يتحقّق السلام المستدام، ويتم تحييد الاقتصاد عن الصراع.
وأضاف التقرير: "بعد سنوات من الصراع، تراوحت الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بين 6 و15 % في المنطقة مقارنةً بما بين 4 و9 % في العالم، بينما قدّرت في اليمن بنحو 47.1 % بين عامي 2015 و2017".