ترامب يُصعّد حرب الرسوم الجمركية وبكين تتعهد بردّ مضاد

قصف جسور التجارة... ترامب يُصعّد حرب الرسوم الجمركية وبكين تتعهد بردّ مضاد

18 سبتمبر 2018
تصعيد الحرب التجارية يثير فزع الشركات العالمية (Getty)
+ الخط -

 

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حربه التجارية مع الصين، بفرض رسوم بنسبة 10% على واردات صينية بنحو 200 مليار دولار مساء الإثنين، مهددا بتوسيع نطاق الصراع، إذا ردت بكين بإجراءات انتقامية جديدة، فيما وردت بكين بفرض رسوم ​على ما قيمته 60 مليار دولار من السلع الأميركية، كما تقدمت بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية بشأن الرسوم الأميركية الجديدة.

وأثار التصعيد فزع كبريات الكيانات الاقتصادية العالمية، إذ طالبت الغرفة التجارية الأميركية في الصين بحل تفاوضي لوضع حد للمعركة، كما أعربت الشركات الأوروبية عن تضررها من التصعيد، مؤكدة أنه يؤدي إلى اضطراب عمل شبكة إمداداتها العالمية، فيما توقعت شركات صينية ضخمة أن يصل أمد المعركة إلى 20 عاما.

ومع صدور القرار الأميركي الجديد، فإن الإجراءات الحمائية الأميركية ستكون قد شملت نصف الواردات الصينية، ما يؤجج المواجهة مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ويرى محللون وشركات عالمية كبرى، أن المعركة الحالية تدك جسور التجارة العالمية وتدفع الأسواق إلى ركود كبير يعجل بأزمة عالمية باتت على الأبواب.

ورغم إعلان ترامب تأجيل صدور قرار فرض الرسوم الجديدة إلى ما بعد انتهاء التداولات في وول ستريت في وقت متأخر من مساء الإثنين، إلا أن الأسهم الأميركية تراجعت مع ترقب المستثمرين للقرار، حيث قادت أسهم التكنولوجيا وشركات السلع الاستهلاكية غير الأساسية الخسائر.

ويتهم ترامب الصين بأنها لا تصحح ممارساتها التجارية التي يعتبرها "غير نزيهة". وقال في بيان وزّعه البيت الأبيض إن "الرسوم الجمركية ستدخل حيّز التنفيذ في 24 سبتمبر/أيلول الجاري وتبلغ 10% لغاية نهاية العام".

وأوضح البيان أنه "اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني ستُرفع هذه الرسوم الجمركية إلى 25%"، مضيفا: "إذا اتخذت الصين إجراءات انتقامية ضد مزارعينا أو صناعات أخرى، عندها سنقوم في الحال بتفعيل المرحلة الثالثة أي فرض رسوم جمركية على ما قيمته 267 مليار دولار من الواردات الإضافية".

وكانت الصين قد فرضت أخيرا رسوما جمركية بنسبة 25% على نحو 50 مليار دولار من البضائع الأميركية، خاصة الزراعية منها. وقد أكدت استعدادها لفرض رسوم جمركية جديدة على سلع أميركيّة مستوردة بقيمة 60 مليار دولار في السنة، ردا على الرسوم الأميركية السابقة التي جرى تطبيقها قبل نحو شهرين بنسبة 25% على ما يقارب 900 سلعة صينية.

واستثنى ترامب من الرسوم الجديدة، منتجات لشركة أبل الأميركية منها هاتف آيفون والساعات الذكية، وسلعا استهلاكية أخرى كخوذات سائقي الدراجات ومقاعد الأطفال في السيارات. وأبلغت أبل جهات رقابية بأنها ستتأثر بالرسوم على الواردات، وذلك في خطاب أرسلته إلى مسؤولين تجاريين في الخامس من سبتمبر/ أيلول.

لكن إذا فرضت إدارة ترامب مجموعة أخرى من الرسوم على واردات بقيمة 267 مليار دولار، لتشمل كل ما تبقى من واردات الولايات المتحدة من الصين، فمن غير المرجح استثناء هواتف آيفون الذكية ومنافسيها.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، وفق ما نقلته رويترز، إن بدء تحصيل الرسوم بنحو 10% على قائمة الواردات في الرابع والعشرين من الشهر الجاري وزيادة النسبة إلى 25% بحلول نهاية العام، يعطيان الشركات الأميركية وقتا لتحويل دفة سلاسل الإمداد التابعة لها إلى بلدان أخرى.

وقال ترامب: "منذ أشهر، ندعو الصين إلى تغيير هذه الممارسات غير النزيهة ومعاملة الشركات الأميركية معاملة عادلة ومتبادلة (...) ولكن، حتى الآن، لا تزال الصين غير راغبة في تغيير ممارساتها".

وهدد الرئيس الأميركي بفرض "تعرفات" جمركية على الدول التي ترفض ممارسة تجارة عادلة مع الولايات المتحدة". وقال إن الرسوم الجديدة "ستدخل مبالغ كبيرة إلى خزائن الولايات المتحدة".

ويرى ترامب أن "الرسوم الجمركية تجعل الولايات المتحدة في موقع تفاوضي قوي جدا، مع مليارات الدولارات ووظائف تتدفّق إلى بلادنا".

وفرضت الولايات المتحدة إلى الآن رسوما على منتجات صينية قيمتها 50 مليار دولار للضغط على الصين، حتى تجري تغييرات شاملة لسياساتها في مجالات التجارة ونقل التكنولوجيا ودعم صناعات التكنولوجيا المتطورة وفق المسؤولين الأميركيين.

واعتبر لاري كودلو المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي، أن الولايات المتحدة منفتحة على الحوار "في أي وقت". ورأى مسؤولون أميركيون أن الهدف من الرسوم الجمركية ليس الحد من نمو الاقتصاد الصيني.

لكن وزارة التجارة الصينية قالت في بيان الثلاثاء: "من أجل ضمان حقوقها ومصالحها الشرعية في نظام التبادل الحر العالمي، ليس أمام الصين سوى خيار اتخاذ تدابير مضادة مماثلة".

كما نقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، عن مصدر حكومي في بكين، أن الصين لن ترسل على الأرجح وفدا تجاريا إلى واشنطن بعد قرار ترامب.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصين تراجع ما كانت تخطط له في السابق، من إرسال وفد برئاسة ليو خه نائب رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لإجراء جولة جديدة من المباحثات.

ووفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، فإن الحكومة الصينية تبحث الرد على القرار الأميركي الجديد. وقال محللون من سيتي بنك في مذكرة إن أثر الرسوم الجديدة سيظهر تدريجيا في بيانات الصين للربع الأخير من العام، وإن الأثر الكامل لرسوم إجمالية نسبتها 25% من المتوقع الشعور به العام المقبل، حيث سينخفض معدل النمو 0.83%.

لكن نائب رئيس الهيئة المنظمة للأوراق المالية في الصين فانغ شينغ هاي قال، خلال مؤتمر في مدينة تيانجين الساحلية، إنه حتى إذا فرض ترامب رسوما على جميع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، فسيكون الأثر السلبي على الاقتصاد الصيني نحو 0.7%. ولم يوضح ما إذا كان يشير إلى الأثر على حجم الناتج المحلي الإجمالي أم نموه.

وكان وزير التجارة الصيني تشونغ شان، قد قال في تصريحات لممثلي شركات أجنبية، يوم الإثنين، إن النهج الفردي الذي تسير عليه الولايات المتحدة والحماية التجارية من شأنهما التأثير في مصالح البلدين وإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي.

وأبلغ الوزير الصيني، ست شركات عالمية أنه لا رابح في أي حرب تجارية وأن التعاون هو الخيار الوحيد الصحيح، وذلك وفقا لبيان نشرته وزارة التجارة على موقعها الإلكتروني، أمس الثلاثاء.

ويطالب ترامب الصين بخفض العجز التجاري الأميركي بنحو 200 مليار دولار، عبر فتح أسواقها بشكل أوسع للبضائع الأميركية.

ويثير التصعيد الأميركي قلقا متناميا خارجيا وداخليا أيضا. وقالت الغرفة التجارية الأميركية في الصين إن بكين "ستتمسك بموقفها" عقب رفع الجمارك الأميركية، وطالبت بحل تفاوضي لوضع حد للمعركة التجارية.

وحذرت الغرفة، اليوم الثلاثاء، وفق ما أوردته وكالة أسوشييتد برس من "تراجع" يبدو مؤكدا عقب قرار ترامب. وقال وليام زاريت، رئيس الغرفة التجارية: "على عكس وجهة نظر واشنطن، يمكن للصين - وستفعل - أن تتمسك بموقفها، ولسنا متفائلين بشأن فرصة إيجاد حل على المدى القصير". وناشدت الغرفة كلتا الحكومتين التفاوض بهدف التوصل إلى حل.

كما قالت غرفة التجارة الأوروبية في الصين، إن تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يضر بالشركات الأوروبية، ويؤدي إلى اضطراب عمل شبكة إمداداتها العالمية.

وبحسب بيان لغرفة التجارة الأوروبية نشرته، الثلاثاء ، فقد تبين أن 54% من الشركات الأوروبية (التي شملها مسح أجرته الغرفة) تنظر بشكل سلبي إلى الرسوم الأميركية على السلع الصينية، في حين قالت 43% من الشركات إنها تنظر بنفس الطريقة إلى الرسوم الصينية على السلع الأميركية، وقالت 17% من الشركات إنها أجلت زيادة استثماراتها أو توسعاتها بسبب التوترات التجارية.

وأكدت الغرفة أن الرسوم المتبادلة تؤدي إلى تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد العالمي، وتقلص عدد الوظائف وتؤخر تحديث المنتجات.

كما قال جاك ما، رئيس مجلس إدارة مجموعة علي بابا عملاق التجارة الإلكترونية الصيني، خلال مؤتمر للمستثمرين نظمته المجموعة، اليوم الثلاثاء، إن الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تدوم لما يصل إلى 20 عاما، مضيفا أنها ستكون "مبعث فوضى" لجميع الأطراف الضالعة فيها.

 

المساهمون