خطة سودانية "قصيرة الأمد" لعلاج الأزمات الاقتصادية

خطة سودانية "قصيرة الأمد" لعلاج الأزمات الاقتصادية

17 سبتمبر 2018
السودانيون يعانون من موجة غلاء طاولت مختلف السلع (Getty)
+ الخط -

بدأت الحكومة السودانية الجديدة ممارسة مهامها بالسعي إلى تنفيذ خطة قصيرة المدى تعتمد على استخدام أسلوب الصدمات من أجل حلحلة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تعاني منها البلاد.

ولم تكشف الحكومة عن تفاصيل الخطة وما إذا كانت تتضمن قرارات متعلقة بسوق الصرف الأجنبي، واكتفى رئيس الوزراء السوداني الجديد معتز موسى بالقول أمس، خلال انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء الجديد، إن المرحلة المقبلة ستكون لإحداث نقلة عملية لصالح الاستقرار الاقتصادي وفق برنامج عمل مكثف موحد يتسم بجدية التنفيذ ومصداقية التوجه بجداول زمنية معلومة ومحددة برقابة ومتابعة فاعلة ولكن بهدف إحداث تغيير شامل يخدم الأجندة الوطنية التي تلبي تطلعات الشعب السوداني.

وشدد موسى على أهمية تعزيز الثقة ومضاعفة الجهد وزيادة الإنتاج والإنتاجية وعلو الهمة لأن المرحلة الجديدة لا تتحمل أي تقاعس أو تأخير.

وحسب مصادر رسمية " تتبنى الحكومة الجديدة برنامج عمل قصير المدى يعتمد على الصدمة لمواجهة تحديات ارتفاع تكلفة المعيشة وزيادة عجز ميزان المدفوعات والميزان التجاري وتفاقم التضخم الذي تجاوز 65%".
وكان رئيس الحكومة قد أشار في أول تصريحات له، الأربعاء الماضي، إلى أن "أولويات حكومته للفترة المقبلة هي تنفيذ برنامج الإصلاح الكلي والهيكلي والشامل للاقتصاد الوطني"، والبدء ببرنامج أسماه صدمة قصيرة الآجل، بهدف معالجة اختلالات معاملات الطلب الكلي، أبرزها التضخم وسعر صرف العملة الوطنية".

محللو اقتصاد تحدثوا لـ"العربي الجديد" أكدوا أهمية الدعم المالي والفني والمساندة الخارجية للحكومة الحالية لإنجاح خطتها السريعة خلال الفترة القصيرة التي تبقت لحكومة موسى والتي تعقبها انتخابات 2020.

ووصف وكيل المالية الأسبق، رئيس القطاع الاقتصادي السابق بالمؤتمر الوطني، حسن أحمد طه، برنامج رئيس الوزراء الجديد بالمهم جداً، غير أنه أشار لصعوبة معالجة الاختلالات الهيكلية في الطلب الكلي بما فيها التضخم وسعر صرف الجنيه مقابل العملات الحرة خلال فترة قصيرة تبلغ نحو 400 يوم حتى الانتخابات المقبلة.

وقال طه إن إعادة التوازن تحتاج لوقت طويل ودعم خارجي فني ومالي لسد العجز الكبير في ميزان المدفوعات وللتنمية، وهي مهمة صعبة وتحتاج لجهد وتحديات كبيرة.

وكان الرئيس السوداني عمر البشير شكل الحكومة الجديدة مكونة من 20 وزيرا اتحاديا و27 وزير دولة لتنفيذ المرحلة المتبقية من توصيات الحوار الوطني وقيادة البلاد للانتخابات العامة التي ستقام في عام 2020.

وحدد البشير مهام الحكومة الجديدة بأنها اقتصادية من الدرجة الأولى ومعنية بمعيشة المواطنين ووضع حلول جذرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الدائم للبلاد من خلال توظيف كافة الطاقات والقدرات داخليا وخارجيا.

وشهد السودان خلال الفترة الماضية العديد من الأزمات الاقتصادية والمعيشية منها نقص الخبز والوقود وتهاوي العملة المحلية، ما دفع المواطنين إلى تنظيم احتجاجات في عدة مناطق كانت السبب الرئيسي في تغيير الحكومة السابقة.

ويشهد الاقتصاد السوداني ارتفاعاً في معدل التضخم الذي بلغ وفق إحصاءات رسمية في أغسطس/ آب الماضي 66.88 % من 63.94 % في يوليو/ تموز السابق له. وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء في السودان (حكومي) الارتفاع إلى صعود أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات.

وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي لـ"العربي الجديد" إن استغلال الصدمات في إحداث تحولات اقتصادية واجتماعية خاطفة لم يكن ليسمح بها المواطنون في الأحوال الطبيعية، واصفا مصطلح العلاج بالصدمة بأنه يستهدف علاجاً جذرياً وسريعاً لأن الاقتصاد السوداني بحاجة فعلية إلى إجراءات قوية لإنعاشه.


وأبان فتحي أن الاقتصاد السوداني لا يمكن أن يتعافى بجرعة واحدة وفي مدة قصيرة وإنما يحتاج لمعالجة المشكلات الهيكلية.

وأشار إلى ضرورة معالجة الوضع الاقتصادي خاصة التضخم لأنه يرفع تكلفة الإنتاج الكلية خاصة للقطاع الخاص ويضعف النمو والاستثمار وتنافسية الصادر، داعيا لوضع واتخاذ حزمة جديدة متكاملة من الإجراءات لإصلاح البيئة الاقتصادية بوجه عام وتحقيق الاستقرار في السياسات الكلية والمالية على الآماد القصير والمتوسط والطويل.

وطالب بتنفيذ إصلاحات بقطاعي الزراعة والصناعة، من أجل تحسين التنافس وتحقيق مرونة سوق العمل، وتشجيع الاستثمار، وإعفاء كافة مدخلات إنتاج القطاعات الحقيقية من الجمارك والضرائب.

واقترح فتحي 3 سيناريوهات للمعالجة الاقتصادية بالصدمة وهي: تحجيم القطاع العام، ومنح الحرية الكاملة للقطاع الخاص، والحد الكبير للإنفاق الحكومي مهما كان نوعه.

ومن جهته، دعا أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، إبراهيم أونور، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى تركيز الحكومة الجديدة على تحقيق الاستقرار في سعر الصرف واحتواء التضخم لما يحدثانه من ربكة اقتصادية وارتفاع حاد في الأسعار، مشيرا إلى أن الزيادة في الأسعار بالأسواق سببها الرئيسي انعدام الرقابة الحكومية على حركة السلع. وأوضح أن هذه الأسعار نتجت أيضاً عن عوامل غير اقتصادية مثل جشع التجار، مؤكدا على ضرورة ضبط انفلات سعر الصرف وإيقاف المضاربات.

المساهمون