اللبنانيون يتذمّرون من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

اللبنانيون يتذمّرون من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

21 اغسطس 2018
الخلافات أدخلت الاقتصاد في دوّامة الغموض (فرانس برس)
+ الخط -

يشير مازن رحال، وهو مالك لأحد المتاجر في أحد ضواحي بيروت المزدحمة، إلى أن اقتصاد لبنان لم يكن على هذا النحو من الاضطراب إلا نادراً.

شهد عام 2018 امتزاج سنوات من التباطؤ التدريجي بعدد من العوامل الأحدث: ارتفاع أسعار الفائدة، انخفاض أسعار المنازل وشكوك بشأن العملة، في وقت تسود فيه حالة من عدم التيقن في ظل تشاحن السياسيين بشأن تشكيل حكومة جديدة.

وبالنسبة للشركات والشعب اللبناني، فإن الاضطراب الاقتصادي والافتقار لحكومة تسيطر بقوة على السياسات - بعد نحو ثلاثة أشهر من تصويت اللبنانيين في انتخابات عامة - أصبحا مصدرين مستمرين للقلق.

وقال رحال "نحارب لنتمكن من دفع المصاريف التي يتوجب دفعها". تملك عائلة رحال متاجر بشارع الحمراء التجاري الرئيسي في غرب بيروت منذ سبعينيات القرن الماضي.
ومع إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما وانتهت في 1990، كانت هناك فترة من النمو الاقتصادي، وكما في أوج ازدهاره في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، جذب لبنان السياح العرب الخليجيين المستعدين للإنفاق مع فرارهم من لهيب الصيف الخانق في بلدانهم.

لكن المشكلات كانت قاب قوسين أو أدنى طوال الوقت. ففي 2005 اغتيل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ما أدى لانقسامات واسعة بشأن دور حزب الله داخل البلاد.

وتسببت الحرب السورية المشتعلة منذ 2011 في تفاقم تلك الخلافات، في حين قلصت معظم التجارة البرية للبنان وأدت إلى إثارة خوف  السياح، لا سيما الخليجيين.

أعقبت ذلك حال من الجمود السياسي. فبعد وفاة الحريري، لم تقر الحكومة ميزانية عامة أخرى حتى العام الماضي. ولم تجر انتخابات برلمانية منذ انتخابات 2009 حتى مايو/ أيار من العام الجاري.

وبلغ النمو الاقتصادي، الذي دار بين 8% و10% في المتوسط قبل الحرب السورية، ما بين 1% و2% في المتوسط منذ اندلاع الحرب، وأظهر مؤشر بنك بلوم لمديري المشتريات انخفاض أنشطة الشركات في كل شهر منذ 2013.

وبلغت ديون البلاد 150% من الناتج المحلي الإجمالي، معظمها للبنوك المحلية، التي يعتمد نشاطها بشكل جزئي على التحويلات المالية التي يقدمها اللبنانيون العاملون في الخارج، المنجذبون جزئيا بدورهم لأسعار الفائدة المغرية.

مصاعب الأعمال


ويقول رومان ماثيو إنه يخبر موظفيه كل عام منذ أصبح رئيسا لمجلس إدارة "خوري هوم"، وهي إحدى الشركات الكبيرة في لبنان، في العام 2013، بأن العام المقبل سيكون أصعب من السابق. 

وفي خطوة قد تزيد المصاعب التي يواجهها ماثيو، قامت الحكومة العام الماضي بتقليص سلسلة من المحفزات للبنوك بخصوص قروض المساكن، ما ساهم في تراجع سوق الإسكان. وفي الوقت الذي يشتري فيه عدد أقل من الأشخاص منازل، فإن عددا أقل يرغب في ثلاجات أو تلفزيونات جديدة.

لكن المعاناة لا تشمل جميع الشركات. وقال مايكل رايت، الرئيس التنفيذي لسلسلة "سبينيس" لمتاجر البقالة، إنها زادت أحجام المبيعات لأن الكثير من سلعها مستورد من أوروبا، وإن تقلبات العملة دفعت الأسعار إلى الانخفاض. واضاف "نبيع أكثر، وأحجامنا ترتفع. لكن ذلك يقابله انخفاض في الأسعار".

ومنذ الانتخابات النيابية التي تمّت في مايو/ أيار الماضي، يدور سجال حاد بين الأحزاب السياسية المتنافسة بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، تضم العدد الكافي من الأحزاب الرئيسية لضمان دعم سياسي من أنحاء البلاد.
وفي غياب حكومة جديدة، لا يمكن للبنان تطبيق الإصلاحات المالية اللازمة لوضع ديونه تحت السيطرة أو الإفراج عن مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية المتعهد بها في البنية التحتية لتنشيط الاقتصاد.

في غضون ذلك، زادت أسعار الفائدة في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة على نحو متزايد لجذب مستويات أعلى من ودائع البنوك والتي يعتمد عليها الدين الحكومي.



(رويترز)

المساهمون