غلاء القمح عالمياً يرهق موازنة تونس

غلاء القمح عالمياً يرهق موازنة تونس

15 اغسطس 2018
حصاد القمح بالقرب من العاصمة تونس (فرانس برس)
+ الخط -

يطرح ارتفاع سعر الحبوب في السوق العالمي تحديات جديدة على موازنة تونس التي ستضطر إلى زيادة واردات القمح لسداد حاجياتها المحلية، في ظل تراجع عام في محصول الحبوب هذا العام قُدّر بـ13% مقارنة بالعام الماضي.

ومن المنتظر أن يزيد ارتفاع سعر القمح في ضغوطات ميزان الغذاء الذي زادت وارداته بنسبة 12.3 % خلال السداسي الأول من 2018 مقارنة بالفترة ذاتها من 2018 لتبلغ 2596 مليون دينار أي نحو 998 مليون دولار.

وتعتبر منظمة المزارعين التونسية أن الحكومة تدفع ثمن خيارات خاطئة بالتوجه إلى توريد الحبوب عوض دعم الزراعات المحلية وتحفيز المزارعين على تحسين الإنتاج المحلي وزيادة المساحات المزروعة.
وأكد عضو اتحاد الفلاحة والصيد البحري المكلف بالإنتاج النباتي، محمد رجايبية في حديث لـ"العربي الجديد" أن حاجيات تونس من واردات القمح هذا العام ستكون في حدود 8 ملايين قنطار، باعتبار أن معدل المحصول المجمع في حدود 12 مليون قنطار مقابل 20 مليون قنطار احتياجات السوق المحلي.

وأضاف رجابية أن زيادة السعر العالمي له تأثيرات كبيرة في فاتورة واردات الغذاء التي تؤثر فيها واردات القمح بشكل لافت، مؤكدا أنه من المرجح حصول مزيد من الارتفاع للسعر العالمي بسبب التغيرات المناخية في الدول المصدّرة وتراجع الإنتاج العالمي.

وبيّن عضو منظمة المزارعين أن الحكومة مطالبة بتقليص تداعيات هذه الزيادة عبر دعم الإنتاج المحلي والزيادة في المساحات المزروعة، فضلا عن إقرار زيادة مجزية في سعر القنطار برفع السعر من 75 دينارا حاليا أي نحو 29 دولارا إلى 100 دينار ما يعادل 38.4 دولارا، مؤكدا أن توجيه جزء من الدعم المخصص للحبوب نحو تنمية المنظومة سيمكن من خفض الكميات الموردة من 8 ملايين قنطار إلى 4 ملايين قنطار على المدى المتوسط.

ولفت المتحدث إلى أن منظومة الحبوب تحتاج إلى حزمة إجراءات لإنقاذها منها زيادة الدعم على المحروقات وتجميد الزيادة في أسعار الأسمدة، مشيرا إلى أن فروعا جهوية لمنظمته في كل من محافظتي الكاف وسليانة (أكبر المحافظات المنتجة للحبوب) هددت بمقاطعة الموسم القادم للزراعات الكبرى بسبب الخسائر الكبيرة التي يتكبدها المزارعون نتيجة تتالي مواسم الإجاحة والجفاف وارتفاع كلفة الإنتاج.
وتنتظر تونس اليوم تسلم دفعة من صفقة واردات القمح التي تعاقدت عليها في يونيو/ حزيران الماضي وتقدر نحو 125 ألف طن من قمح الطحين اللين و75 ألف طن من علف الشعير.

وفي السياق ذاته، أفاد مصدر مسؤول بديوان الحبوب (مؤسسة حكومية مسؤولة عن الشراءات) بأن الشحنات التي تصل إلى الموانئ التونسية بداية من منتصف الشهر الحالي ستغطي الحاجيات المحلية خلال الأشهر القادمة، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الديوان استبق الزيادة بتنفيذ هذه الشراءات لتجنب تداعيات ارتفاع السعر في السوق العالمية على فاتورة دعم الغذاء والميزان التجاري.

ولفت المصدر ذاته إلى أن عمليات الشراء تبرمج بحسب حركة الأسعار في السوق العالمية، لتفادي أي ضغوطات جديدة على الميزان التجاري وفاتورة دعم الغذاء التي تؤثر فيها مقتنيات القمح بشكل كبير.

وبحسب أحدث البيانات لوزارة الزراعة، سجل الميزان التجاري الغذائي، خلال الستة أشهر الأولى لسنة 2018 تحسنا ملحوظا في نسبة تغطية الواردات بالصادرات، حيث بلغت 108.7% مقابل 68.5% خلال الفترة نفسها من سنة 2017، ويعود هذا النمو إلى تطور قيمة الصادرات الغذائية بنسق فاق قيمة الواردات (78.3 % للصادرات مقابل 12.3 % للواردات الغذائية)، ما أدّى إلى تسجيل فائض في الميزان التجاري الغذائي بــ226 مليون دينار مقابل عجز مالي بــ728.5 مليون دينار خلال الستّة أشهر الأولى من سنة 2017.

وبلغت صادرات المواد الغذائية خلال السداسية الأولى لسنة 2018 ما يعادل 2822 مليون دينار، مسجلة نموا بــ 78.3% مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2017، نتيجة تضاعف صادرات زيت الزيتون من حيث الكمية والقيمة وتحسن مستوى الأسعار بــ3%، بالإضافة إلى تطور عائدات منتجات البحر الطازجة.
وبحسب التقارير الرسمية، سجلت كبرى المحافظات المنتجة للحبوب نقصاً في الكميات المحصلة يتراوح بين 7% و13%، بسبب نقص المياه وتقلص المساحات المروية.

وبلغت كميّات الحبوب المجمّعة، حتى الخامس من يوليو/ تموز الجاري، حوالي 5 ملايين و806 آلاف قنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام)، إثر حصاد 507 آلاف هكتار، أي ما يناهز 70% من المساحات المتوقع حصادها.

دلالات

المساهمون