تدابير تركية مرتقبة لحماية الليرة وحملة شعبية لمواجهة الدولار

تدابير تركية مرتقبة لإيقاف نزيف الليرة وحملة شعبية لمواجهة الدولار

11 اغسطس 2018
التراجع الحاد للعملة التركية أصاب الأسواق بالصدمة (Getty)
+ الخط -


انطلقت حملات شعبية وحزبية في تركيا لتبديل المدخرات والمكتنزات بالعملات الصعبة إلى الليرة التركية، كتدبير شعبي لمنع تدهور العملة المحلية، فيما يترقب الأتراك وأسواق المال العالمية عودة التعاملات إلى سوق الصرف، يوم الإثنين، بعد يومي العطلة الأسبوعية، لمعرفة أي سعر ستستقر عليه الليرة، وكذلك تحديد مصير المعاملات الدولية التي انتشرت مخاوف من تمدد عدوى الانهيار إليها، في ظل الحرب الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة.

وتعرضت الليرة التركية لهبوط حاد، يوم الجمعة الماضي، لتصل إلى مستوى 6.43 ليرات مقابل الدولار الأميركي، خاسرة نحو 13.7% من قيمتها، في حين وصلت هذه النسبة خلال ساعات النهار إلى 24%.

وأثارت أزمة العملة التركية صدمة عمّت العالم، وانعكست على البورصات الأوروبية الرئيسية والبورصات الأميركية التي أغلقت جميعها على تراجع، وطاولت بصورة خاصة القطاع المصرفي، مع قيام المستثمرين بالبيع في أسهم البنوك الأوروبية التي لها انكشاف كبير على الاقتصاد التركي، غير أن الأسواق بدأت في التقاط أنفاسها، اليوم السبت، وبدأت في معاودة الهدوء.

وتزامن الهدوء في الأسواق مع نفي صندوق النقد الدولي ما أثارته تقارير إعلامية حول تقدم تركيا بطلب مساعدة مالية من الصندوق.

وأكدت متحدثة باسم صندوق النقد، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لرويترز، مساء أمس الجمعة: "لم نتلق أي إشارة من السلطات التركية إلى أنها تدرس طلب مساعدة مالية".

ويزداد القلق من اتجاه العملة التركية إلى مزيد من الخسائر، في ظل احتدام الأزمة بين أنقرة وواشنطن، بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم التركيين، إلى 50% و20% على التوالي. وأعلنت الإدارة الأميركية، أمس، أن تطبيق الرسوم الجديدة سيبدأ اعتباراً من 13 أغسطس/ آب الحالي.

وفي هذه الأثناء يعوّل الأتراك والمستثمرون على إجراءات حكومية وتدخلات مباشرة، للجم تدهور الليرة التي فقدت أكثر من 40% من قيمتها خلال شهر، كان نصيب الأسبوع الأخير منها أكثر من 30%.

وانطلقت حملات شعبية وحزبية لتبديل المدخرات والمكتنزات بالعملات الصعبة بالليرة، كرد شعبي على تراجع سعر صرف العملة المحلة، وما يراه كثيرون استهدافاً من قبل الولايات المتحدة لاقتصاد بلادهم وعملتهم، نتيجة مواقفها السياسية.

وبدأ حزب الحركة القومية، أمس السبت، بحملة لتحويل العملة الصعبة في خزانته إلى الليرة التركية، بعدما أصدر زعيم الحزب دولت بهتشلي تعليمات إلى حزبه بتحويل العملات الصعبة المقدمة لخزانته كمساعدات إلى الليرة، من أجل مجابهة الارتفاع غير الحقيقي لسعر العملة الأجنبية.

وقال رئيس البرلمان التركي، بن علي يلدريم، في تغريدة له نشرها في حسابه على موقع تويتر، اليوم السبت، "نرى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة تتحول إلى حرب اقتصادية عالمية".

كذلك حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في افتتاحية في صحيفة "نيويورك تايمز"، السبت، من أن شراكة الولايات المتحدة مع تركيا قد تكون في خطر.

وكتب أردوغان "على الولايات المتحدة التخلي عن الفكرة الخاطئة بأن علاقتنا قد تكون غير متكافئة، وأن تدرك حقيقة أن لدى تركيا بدائل قبل فوات الأوان".

وبينما يرى محللون اقتصاديون تصاعد الخلافات بين أنقرة وواشنطن وتضرر الليرة بشكل أكبر، رأى رئيس اتحاد الحرفيين الأتراك، بندوي بلان دوكان، أن أزمة العملة التركية مؤقتة و"ستعود الأسواق لطبيعتها خلال الأسبوع المقبل، عبر كسر لعبة المضاربين التي تتم عبر جهات خارج تركيا".

ويشير محللون إلى عدم وجود ما يدعو إلى الهبوط الحاد الذي شهدته الليرة، أمس، في ظل موارد الدولة القوية، إذ يصل احتياطي النقد الأجنبي إلى نحو 120 مليار دولار، فضلاً عن تخطي قيمة الصادرات 157 مليار دولار عام 2017 وبلوغ عائدات السياحة 26 مليار دولار، نتيجة استقطاب أكثر من 32 مليون سائح. كذلك بلغت الاستثمارات الأجنبية أكثر من 34 مليار دولار في العام الماضي وحده، ليصل إجماليها منذ عام 2002 إلى 200 مليار دولار.

ويرى أستاذ العلوم المصرفية بالمركز الكندي في إسطنبول، فراس شعبو، لـ "العربي الجديد"، أن تحريك سعر الفائدة ورفعه قليلاً ضرورة خلال هذه الفترة، لأن ما وصفه بالخوف يتعاظم بالسوق التركية، بعد استفحال الخلاف بين أنقرة وواشنطن.

من جهته، يؤكد أستاذ المصارف في جامعة ماردين، مسلم طالاس، أنه من الضرورة تقليل التصريحات الرسمية والعمل بصمت وعلى مستويات عدة، أولها سحب فتيل التوتر مع الولايات المتحدة، التي لا يمكن تجاهل أثرها الاقتصادي ودور عقوباتها على أي اقتصاد بالعالم، ومن ثم تحريك أسعار الفائدة لنقطتين على الأقل، لتوجيه السيولة إلى المصارف والحد من المضاربة في العملات الأجنبية.

ويتابع: "على الحكومة التركية أن تقدم تطمينات حقيقية وملموسة للمستثمرين وقطاع الأعمال، سواء من قبيل إعفاءات ضريبية أو منح قروض أو تسهيلات وما إلى هنالك من انطباع اقتصادي مستقر، لأن تركيا من الدول التي تستقطب الأموال الساخنة أو استثمار المحافظ، وهذه الأموال حساسة بالنسبة لأي تقلبات، سياسية واقتصادية، وعادة ما تغادر أمام أي أزمات أو تتريث بواقع تهاوي سعر الصرف".