انهيار الليرة التركية... وترامب يشدد حربه التجارية ضد أنقرة

انهيار الليرة التركية... وترامب يشدد حربه التجارية ضد أنقرة

10 اغسطس 2018
تراجع الليرة يقلق المواطنين الأتراك (فرانس برس)
+ الخط -
دخلت تركيا مرحلة جديدة من الأزمات الاقتصادية والنقدية، مع انهيار الليرة التركية  إلى مستويات غير مسبوقة، وصولاً إلى 6.49 أمام الدولار، مع تصاعد التوتر بين أنقرة والولايات المتحدة الأميركية على خلفية احتجاز قس أميركي.

وبعد دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المواطنين إلى مواجهة "الحرب  الاقتصادية التي تتعرض لها أنقرة"، وإعلانه "الكفاح الوطني"، وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمسته المتشفية في محاولة لتعميق الأزمة، فأعلن في تغريدة على موقع "تويتر" استكمال حربه التجارية ضد أنقرة بزيادة الرسوم الجمركية على صادرات تركيا من الصلب والألمنيوم إلى نسب قاسية جداً.

وقال: "أصدرت للتو أمراً بمضاعفة رسوم الصلب والألومنيوم فيما يتعلق بتركيا في الوقت الذي تتراجع فيه عملتهم، الليرة التركية، تراجعا سريعا أمام دولارنا القوي جداً". وأضاف "رسوم الألومنيوم ستصبح 20 في المائة والصلب 50 في المائة. علاقاتنا مع تركيا ليست جيدة حالياً". 

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت، في آذار/مارس الماضي، رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات تركيا من الصلب و10% على واردات الألومنيوم، وتعتبر تركيا سادس أكبر مصدر للصلب إلى السوق الأميركية. وردت تركيا، في يونيو/حزيران الماضي، برسوم جمركية طاولت سلعاً أميركية بقيمة 1.8 مليار دولار.

انهيار الليرة
وسجلت الليرة التركية انخفاضاً تاريخياً، اليوم الجمعة، حين تعدّى صرف الدولار 6.49 ليرات. ويأتي هذا التراجع بعد عودة وفد تركي من اجتماع مع مسؤولين أميركيين، الخميس، من دون الإعلان عن مجريات اللقاء أو التوصل إلى حل بشأن الأزمة التي نشأت بين البلدين، الأسبوع الماضي، على خلفية فرض تركيا الإقامة الجبرية على القس الأميركي أندرو برونسون، وردّ واشنطن بفرض عقوبات على وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، ووزير العدل عبد الحميد غُل.

وتراجع سعر صرف الليرة، صباح اليوم، إلى 5.968 أمام الدولار، قبل أن يصل سعر صرف الدولار إلى 5.834 ليرات ظهراً، ويستكمل تراجعه ليتخطى الست ليرات.

هذا التراجع دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القول، في تصريح نقله تلفزيون "تي.آر.تي" الحكومي، اليوم الجمعة، إن "أنقرة لن تخسر الحرب الاقتصادية".

وأضاف: "إن كانت لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية، إنه كفاح وطني". وقال الرئيس التركي إن بلاده مستعدة لجميع الاحتمالات الاقتصادية السلبية التي قد تواجهها. وأكد مطمئنا شعب بلاده، أنه "لا داعي للقلق، فلا يمكن إعاقة مسيرتنا بالدولار وسواه".

وأضاف: "أوصي بأن لا يتحمّس أولئك المتربصون بسعر صرف العملات الأجنبية والفائدة"، مشددا على أن "الشعب التركي سيرد على معلني الحرب الاقتصادية ضد تركيا".

وعن تقلبات سعر صرف الليرة، قال إن "الشعب التركي الذي لا يخشى الدبابات والطائرات والمدافع والرصاص، لن يخشى مثل هذه التهديدات، ومن يظن عكس ذلك فإنه لم يعرف هذا الشعب إطلاقا".

وتابع: "أقول للوبيات الفائدة لا تتحمسوا عبثا، فلن يمكنكم التكسب على حساب هذا الشعب وإخضاعه".
ولفت إلى ضرورة دفاع الشعب التركي عن بلاده أمام الهجمات الاقتصادية بكل حزم، تماماً كما دافع عنها في وجه الانقلابيين... لكن الليرة استكملت تراجعها بعد هذا التصريح مباشرة ووصلت إلى 6.08 أمام الدولار.

بدورها، دعت غرفة صناعة إسطنبول، أكبر الغرف التجارية التركية، اليوم الجمعة إلى إجراءات عاجلة لاحتواء العواقب المحتملة للتراجع الحاد لليرة على الاقتصاد الحقيقي قائلة إن التقلبات تحولت إلى مصدر لعدم الاستقرار المالي. وقال إردال باخشيوان رئيس الغرفة في بيان مكتوب "تقلبات سعر الصرف الأجنبي وصلت إلى حد يهدد جودة ميزان المدفوعات"

أسباب الانهيار
ورأى الاقتصادي التركي خليل أوزون، أن جملة عوامل أدت إلى تدهور الليرة، إذ تزامن استمرار خلاف تركيا مع الولايات المتحدة مع بدء تطبيق العقوبات الاقتصادية على إيران ومن ثم روسيا، وهما أهم شريكين اقتصاديين لتركيا.

وقد جاءت هذه المشكلات دفعة واحدة هذا الشهر، وفق أوزون، لتؤثر في المتعاملين وتخلق خوفاً من زيادة التأزم مع واشنطن وتراجع أكبر لسعر الليرة، فيما لو استمرت الولايات المتحدة في فرض عقوبات لتطاول مسؤولين حكوميين أو قطاعات مالية ومصرفية.

وأشار الاقتصادي التركي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى دور لعبته الوكالات العالمية مع خفضها التصنيف الائتماني لتركيا، ما زاد من مخاوف المستثمرين وخلق تردداً قبل توطين المشروعات أو الاستثمار في تركيا. واعتبر أوزون أن تركيز تلك الوكالات على عدم قدرة تركيا على إيفاء الالتزامات المالية، ساهم في تراجع سعر الصرف.

وأعلنت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، الخميس، أن "تركيا بحاجة إلى وقف الانخفاض الحاد لليرة سريعاً"، محذرة من أن وضع البلاد قد ساء منذ خفضت الوكالة تصنيفها لها.

تأثيرات على الأسواق الدولية
وهوى اليورو إلى أقل مستوياته في أكثر من عام اليوم الجمعة بعد تقرير بأن البنك المركزي الأوروبي يزداد قلقاً حيال انكشاف البنوك على الانحدار الحاد في الليرة التركية.

وتدافع المستثمرون القلقون على الملاذات الآمنة الدولار والين والفرنك السويسري وتخلصوا من العملات ذات المخاطر مثل عملات الأسواق الناشئة، وفق تقرير "رويترز".

وتلقى اليورو ضربات عنيفة بعدما قالت صحيفة فايننشال تايمز اليوم نقلاً عن مصدرين إن لدى البنك المركزي الأوروبي بواعث قلق حيال بنوك في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وانكشافها على متاعب تركيا.

وقال المتعاملون إن ذلك دفع اليورو للانخفاض مقابل الدولار وعملات أخرى مثل الفرنك السويسري. وقال كيت جوكيس المحلل لدى سوسيتيه جنرال "الأسواق تنتظر رد تركيا على أزمة سوق الصرف الأجنبي، وتأمل في مزيد من السياسة النقدية الموثوقة فضلا عن المبادرات الدبلوماسية".

وأضاف "كلما طال انتظار السوق، زادت إمكانية اتساع نطاق الأزمة، ليس إلى أصول الأسواق الناشئة فحسب بل إلى الأسواق المتقدمة أيضاً".

وهبط اليورو 0.6 في المئة إلى 1.1432 دولار مسجلاً أدنى مستوياته في 13 شهراً. وأمام الين نزل اليورو واحداً في المئة إلى أقل سعر في شهرين عند 126.79 يناً.

أيضاً، فتحت الأسهم الأميركية على انخفاض اليوم الجمعة مع اهتزاز الأسواق العالمية بفعل تهاوي الليرة التركية. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 108.04 نقطة بما يعادل 0.42 في المئة ليفتح عند 25401.19 نقطة وانخفض المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 13.94 نقطة. ونزل المؤشر ناسداك المجمع 57.07 نقطة.