وفرة القمح الجزائري تٌقلق المزارعين بسبب "التسعيرة"

وفرة القمح الجزائري تٌقلق المزارعين بسبب "التسعيرة"

06 يوليو 2018
نمو الإنتاج بعد تزايد المتساقطات (Getty)
+ الخط -
يواصل مزارعو الجزائر  عملية الحصاد، بعدما شهد هذا الموسم الزراعي تأخراً بسبب تواصل هطول المطر حتى منتصف يونيو/ حزيران الماضي، وسط تفاؤل بموسم وافر ينسيهم خسائر السنوات الماضية التي تميزت بتراجع المحاصيل بسبب الجفاف. إلا أن زيادة حجم الإنتاج  هذا العام لها وجهها الآخر، الذي ينعكس هواجس لدى المزارعين من شراء قمحهم بتسعيرة  منخفضة.

فقد عرف موسم الحصاد الحالي خلال الذي انطلق منتصف مايو/أيار الماضي ارتفاعاً في محصول القمح، ليفوق الأرقام المسجلة في السنتين الماضيتين التي شهدت انتكاسة في حجم الإنتاج مقارنة بالسنوات التي سبقتها. إذ سجلت سنة 2017 إنتاج ما يوازي 4.5 ملايين طن من القمح و4 ملايين طن في السنة التي سبقتها.

ويأتي تفاؤل الفلاحين بعد ارتفاع كميات الأمطار المتساقطة هذه السنة مقارنة مع السنة الماضية، ما أدى إلى ارتفاع مخزون المياه المخصصة لري الأراضي.
ويشرح رئيس اتحاد الفلاحين الجزائريين محمد عليوي أنه "من المتوقع أن يصل محصول هذه السنة عند انتهاء موسم الحصاد في نهاية آب/أغسطس إلى ما بين 5.5 ملايين و7 ملايين طن من القمح".

ويلفت المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" إلى أن هذا الرقم يعود إلى وفرة مياه الأمطار التي عرفتها الجزائر هذا العام، حيث استمرت الأمطار المتساقطة منذ بداية عمليات الحرث إلى غاية منتصف يونيو/حزيران، عكس السنوات الماضية التي أفسد فيها الجفاف والجليد الأراضي المزروعة، بالتزامن مع شح هطول المطر.

ويضيف عليوي أن "دعم الدولة للفلاحين خاصة بالأسمدة الزراعية وبالآلات خلال عمليات الحرث ساعد على زرع مساحات جديدة"، إلا أن هذه الكمية تبقى بعيدة عن تلبية الطلب الداخلي والمقدر بحوالي 13 مليون طن.

من جانبه، يقول عبدي العربي، رئيس غرفة الفلاحة في محافظة "تيارت" (350 كلم غرب العاصمة الجزائرية) إن "موسم القمح هذه السنة يحمل إشارات إيجابية توحي بأنه سيكون أفضل المواسم مقارنة بالسنوات القليلة الماضية".

ويضيف أن "جميع المحاصيل التي تعتمد على الأمطار في عمليات السقي أعطت إنتاجاً لافتاً، فالفلاحون لم يشهدوا فترات جفاف وانحباس للمطر مثلما حصل في الأعوام الماضية".

ويضيف العربي في حديث مع "العربي الجديد" أن "الفلاحين في المحافظة يتوقعون حصد قرابة نصف مليون طن من القمح مقارنة بـ 350 ألف طن المسجلة السنة الماضية على طول 704 آلاف هكتار من الأراضي المزروعة في تيارت، وهو رقم يبقى بعيدا عن الرقم الأعلى المسجل في السنوات العشر الأخيرة والمقدر بـ 700 ألف طن سنة 2009".

ووسط هذا التفاؤل، يبقى هاجس تسعير المحصول وحده ما يؤرق الفلاحين الذين يشتكون من الأسعار التي تحددها وزارة الفلاحة بعد استشارة دواوين الحبوب والقمح، والتي لا تغطي وفق تصريحاتهم لـ "العربي الجديد"، المصاريف الأساسية المطلوبة، ويأتي ذلك في وقت استوردت فيه الجزائر كميات كبيرة من القمح السنة الماضية، وصلت كلفتها إلى ما يعادل المليار و700 مليون دولار.

ودأبت الحكومة الجزائرية على تحديد سعر مرجعي للقمح، عند بداية موسم الحصاد، حيث يفرض على دواوين الحبوب والمطاحن عدم النزول عن هذا السعر المدعّم عند الشراء من المزارعين، في الوقت ذاته تعمد السلطات إلى غلق باب الاستيراد في هذه الفترة حتى تتيح للمنتجين المحليين تصريف محصولهم من القمح.

ولا يخفي بعض المزارعين في الجزائر تخوفهم من عدم حصولهم على السعر الذي حددته الدولة لمحصول القمح، لوفرة الإنتاج في هذا العام الذي شهد تساقطات مطرية مهمة.

ويقول عبد القادر دغماني، وهو فلاح من محافظة بوسعادة يملك أرضاً مساحتها 15 هكتاراً إن "الحكومة دأبت على تحديد سعر مرجعي للقمح عند بداية موسم الحصاد يكون الفارق بين كل سنة وأخرى بعض الدنانير وفي غالب الأحيان لا يتعدى السعر 5 آلاف دينار للقنطار الواحد (45 دولاراً).

إذ يجب على دواوين القمح عدم النزول عن هذا السعر المدعّم عند الشراء وهو ما يحدث أحياناً حيث تشتري الدواوين تحت هذا السعر المحدد من طرف الحكومة، علماً أن الأخير لا يغطي 50 في المئة من تكلفة زراعة القنطار الواحد".

ويشير دغماني لـ"العربي الجديد" إلى أن "مصاريف اليد العاملة مرتفعة. إذ يدفع للشباب في عملية الحصاد بين 1000 و1500 دينار (13 دولاراً) لليوم الواحد، يضاف إلى ذلك ارتفاع سعر الوقود مقارنة بالسنوات الماضية وهي زيادات لم تأخذها وزارة الفلاحة ودواوين الحبوب والقمح بالاعتبار. في وقت لم أستلم بعد التعويض الذي مُنح لي عن الخسائر التي خلفها الجفاف في محصول القمح السنة الماضية".

يُذكر أن الجزائر تعد من أكبر مستوردي القمح في العالم، إذ تستورد بما يفوق المليار دولار سنوياً.

المساهمون