تجدد أزمة الوقود في السودان واتجاه للتوزيع بالبطاقات

تجدد أزمة الوقود في السودان واتجاه للتوزيع بالبطاقات

04 يوليو 2018
عودة طوابير السيارات أمام محطات الوقود (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

تجددت أزمة الوقود في السودان، بخاصة الغازولين (وقود السيارات)، وذلك بعد أقل من شهر من انفراج الأزمة التي خنقت البلاد على مدار ما يقرب من شهر ونصف، إذ عاودت طوابير المركبات الاصطفاف بمحطات التزود بالوقود من جديد في العاصمة الخرطوم والمدن الرئيسية المجاورة.

وطالبت وزارة البنى التحتية والمواصلات بالخرطوم، المواطنين في رسالة نصية على الهواتف المحمولة، بالتوجه لمراكز تسجيل الغازولين بالمحليات ورئاسة إدارة النقل والبترول في العاصمة قبل العاشر من يوليو/ تموز الجاري، وذلك لضمان حقوق المواطنين في الخدمة.

وتسبب نقص الديزل والبنزين وغاز الطهي ووقود الطائرات في ارتفاع أسعار هذه المنتجات في السوق الموازية (السوداء)، ليقفز سعر البنزين بمعدل 5 أضعاف سعره الرسمي المعلن، مسجلا 250 جنيها (13.9 دولارا) للغالون الذي يحوي 20 لترا مقابل 27 جنيها (1.5 دولار).
ويصطف المواطنون منذ الثلاثاء الماضي في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، بحثا عن المشتقات بأنواعها. وأبدى بعض المواطنين وأصحاب المركبات العامة والخاصة الذين تحدثوا لـ"العربي الجديد" امتعاضهم الكبير من تجدد الأزمة، مؤكدين تسببها في تعطل حركة النقل بخاصة للبضائع والخضر واللحوم من مواقع الإنتاج إلى الأسواق وزيادة التكلفة وتعرفة المواصلات.

وأشار عاملون في محطات التزود بالوقود إلى ظهور طلب غير طبيعي على الوقود منذ نحو أسبوع، ولجوء بعض أصحاب المركبات إلى التعبئة بالوقود مرتين في اليوم بغرض التخزين خوفا من نقص المحروقات.

وتباينت رؤى المزارعين حول موقف الوقود الزراعي، ففي الوقت الذي يشكو فيه صغار المزارعين بالمشاريع من عدم صرف حصصهم من الغازولين كاملة، واستلامهم 30% فقط من الكمية المخصصة لهم، أشار حسابو عبدالرحمن، أمين الزرّاع والرعاة، الرئيس المناوب لتنظيمات المنتجين الزراعيين بالنيل الأزرق في حديث لـ"العربي الجديد" إلى استمرار انتظام الوقود الزراعي بالولاية للمزارعين كافة بلا مشاكل.

ولفت إلى تسلمه على الصعيد الشخصي نحو 800 برميل غازولين، لأغراض مساحته الزراعية البالغة 40 ألف فدان، مشيرا إلى التنسيق الكامل بين وزارتي الزراعة والنفط والجهات الأمنية لتأمين انسياب الوقود الزراعي بلا مشاكل.
وقالت منيرة محمود، مديرة المصفاة الرئيسية للنفط في الخرطوم لـ"العربي الجديد"، إن العمل في المصفاة يسير بشكل طبيعي عقب انتهاء فترة الصيانة، وأرجعت تجدد اصطفاف المركبات أمام محطات الوقود إلى عدم كفاية إنتاج المصفاة اليومي من الغازولين والذي يبلغ نحو 5 آلاف طن بما يعادل 60% من احتياجات الاستهلاك.

وأشارت محمود إلى أهمية توفير بنك السودان المركزي ووزارة المالية مخصصات مالية لاستيراد كميات الغازولين التي يصل العجز فيها إلى 40%، داعية في الوقت نفسه إدارة النقل والبترول بالخرطوم إلى إيقاف التعبئة المضاعفة للمركبات من الجازولين وغيرها من الظواهر السلبية، تحقيقا للعدالة في تلقي الخدمة ومنع الاصطفاف.

وفي سياق متصل، ندد أصحاب المركبات العامة بتوجه وزارة البنى التحتية والمواصلات لتوزيع الوقود بالبطاقات، لما يؤدي إليه من تفاقم في أزمة المواصلات لتقليصها فرص الحصول على الوقود لواحدة فقط في اليوم مقارنة بفترة عمل المركبة الواحدة التي تمتد أحيانا حتى صباح اليوم التالي في حال المركبات الداخلية، أما بالنسبة إلى السفريات الخارجية للولايات فأكدوا أن نظام البطاقة لن يجدي معها بسبب الكميات الكبيرة التي تستهلكها في السفرية الواحدة.
وخلال أسابيع معدودة قبل تجدد الأزمة حاليا، تنفس الشارع السوداني وكافة القطاعات الاقتصادية الصعداء بانفراج أزمة المشتقات النفطية، واختفاء ظاهرة الطوابير الممتدة أمام محطات الوقود، التي لازمت مختلف مناطق البلاد نحو شهر ونصف، ما أثر آنذاك في العديد من القطاعات الحيوية، ومنها الزراعة ونقل السلع والمواصلات، وتسبب في ارتفاع أسعار المحروقات في السوق الموازية بشكل كبير، في أقوى وأطول أزمة من نوعها منذ تولي الحزب الحاكم السوداني السلطة في عام 1989.

وكان البرلمان قد استدعى مسؤولي وزارة النفط والغاز عدة مرات خلال الفترة الماضية لاستجوابهم حول مسببات الأزمة، فضلاً عن عقد اجتماعات مكثفة للقطاع الاقتصادي مع مسؤولي وزارة النفط والمالية والبنك المركزي لبحث الخروج من الأزمة وتحديد حجم الإنتاج والفجوة وسبل تلافيها مستقبلاً.

وتُرجع الحكومة أزمة المحروقات إلى تهاوي الإنتاج النفطي إثر انفصال جنوب السودان عنه عام 2011، من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف برميل، ولجوء الحكومة لاستيراد أكثر من 60% من المشتقات، لتلبية الاستهلاك المحلي، بينما تشهد البلاد أزمة مالية.

وبدا مجلس الوزراء أكثر تفاؤلا بإجازته أخيرا إجراءات عدة لرفع إنتاج البلاد النفطي خلال العام الجاري إلى 31 مليون برميل. وأعلن أخيرا وزير النفط والغاز أزهري عبد القادر، عن خطة تتم دراستها لتحقيق الوفرة في الوقود، من خلال جذب الاستثمارات، متوقعا حدوث انفراجة في الإمدادات.

المساهمون