عودة النيل... فتح الملاحة النهرية بين السودان وجنوبه مجدداً

عودة النيل... فتح الملاحة النهرية بين السودان وجنوبه مجدداً

27 يوليو 2018
الشحن النهري ينعش حركة التبادل التجاري بين البلدين (Getty)
+ الخط -

أتاح فتح المعابر الملاحية بين دولتَي السودان وجنوبه، نجاح برنامج الغذاء العالمي في نقل مئات الأطنان من المواد الغذائية عبر البواخر النيلية من ميناء كوستي في السودان إلى مدينتي "الرنك وودكونا" بولاية أعالي النيل في جنوب السودان

وهذه أول رحلة نيلية تقطع هذه المسافة منذ أكثر من 3 سنوات حين أغلقت الحدود بين البلدين بسبب النزاع الذي أعقب انفصال جنوب السودان.

المعبر النهري الذي يربط السودان ودولة الجنوب ينقل أكثر من 70% من منقولات دولة الجنوب، إلا أن وحدة الملاحة النهرية ترى أنه يحتاج إلى التنشيط باستخدام تقنيات حديثة لتقليل زمن العمليات وتكاليفها.

وينتظر أن تتم ترتيبات فنية وإدارية مشتركة توطئة لتشغيل المجرى الملاحي على مدار اليوم بعد وضع العلامات الملاحية والإرشادية على طول المنطقة، بخاصة أن قطاع كوستي- ملكال يبلغ طوله 501 كيلومتر، وقطاع كوستي- ملكال- بانتيو 755 كيلومتراً، وملكال- جوبا 925 كيلومتراً.
مدير وحدة الملاحة النهرية يس محمد محمود، قال لـ"العربى الجديد" إن الملاحة النهرية من أكبر القطاعات التي تعتمد عليها الدولة الوليدة في الحركة التجارية، وإن المعبر النهري يخدم أكثر من 70% من منقولات دولة الجنوب، لكن توقفت فيه الحركة بسبب الحرب، و"بمطالبة الجنوبيين، استبقنا المفاوضات بخطوة تفعيل النقل النهري، ووقعنا اتفاقاً مسبقاً في يونيو/ حزيران الماضي للترتيبات الأولية لتنشيط الملاحة النهرية.

وأكد الاتفاق على طرح طريقة جديدة ومستحدثة للمسرح المائي، تهدف الى تقليل التكاليف والزمن باستخدام التقنيات الحديثة، كما التزم الجانب السوداني أمام مسؤولي الجنوب تقديم مساعدة في الدراسات والترتيبات في المجرى الملاحي حتى مدينة جوبا، إلى جانب مساعدتهم في تدريب الكوادر.

كما تم التوافق على أن يعمل المجرى الملاحي 24 ساعة، وقال: "لذلك شرعنا في وضع العلامات الملاحية الإرشادية على طول المنطقة"، مشيراً إلى أن "المعبر النهري مناسب، لكنه يحتاج إلى توسعة، لأنه لتنشيط حركة الصادر لدينا ترتيبات لاعتماد الحاويات في عملية النقل".

وكان مدير إدارة النقل النهري بوزارة النقل والطرق في السودان، مجدي محمد عبدالرحيم، أكد إعادة حركة الملاحة النهرية، وكشف عن خط سيرها للشركات من مدينة بربر، شمال السودان، إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، وسط السودان، ومنها إلى جنوب السودان، إضافة إلى الاستثمار في هذا القطاع.

ويقول محمود إن "فتح الملاحة النهرية يقود إلى مزيد من الرحلات النيلية لنقل أكثر من 20 ألف طن من المواد الغذائية خلال الرحلات التالية، وقد تم فتح هذا الممر المائي المهم، وإقناع أطراف الصراع المسلح عبر مشاورات ومفاوضات بين المسؤولين، حتى وضعت الترتيبات النهائية لعملية النقل التي بدأت فعلياً".
أما نائب الأمين العام للغرفة التجارية، سمير أحمد قاسم، فتوقع بحديث لـ"العربي الجديد" أن يُسهم فتح المعبر النهري بزيادة حجم التبادل التجاري مع دولة الجنوب، وأن "يشجع الصناعة الوطنية للصادر، مع لحظ أن التبادل التجاري يمتص البطالة".

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي بحديثه لـ"العربي الجديد" أن استئناف النقل النهري أمر إيجابي يُفترض أن تنساب فيه الحركة بالاتجاهين"، وأضاف: "أما بالنسبة لدولة الجنوب، فسوف يكون متلقياً فقط لا مانحاً"، مطالباً "بضبط العملية التجارية وحركة المواطنين، حتى لا تفتح منفذاً جديداً للتهريب".

وتابع يقول: "نعرف جيداً أنه حتى المحروقات تُهرّب إلى دولة الجنوب"، وتساءل عما إذا كانت مثل هذه الأمور تدعم الاقتصاد السوداني الذي لم يستطع في فترة ما ضبط حدوده مع الجنوب؟ محذراً من انفلات الأوضاع بسبب فتح المعبر النهري.
من جهته، أشار المحلل الاقتصادي هيثم فتحي لـ"العربي الجديد" إلى جهوزية السودان لمدّ الجنوب بجميع السلع الغذائية والدوائية والملابس عقب التوصل إلى اتفاق بين البلدين، بخاصة أن هناك مطالبات من تجار دولة الجنوب لمدّهم بالسلع كافة.

وشدّد على أهمية أن تكون السلع المصدّرة إلى الجنوب مُنتجة محلياً، على أن تستثنى السلع المستوردة من الخارج، كالسكر والدقيق والزيوت والمحروقات.

وأوضح أن السلع التي سيتم تبادلها لن تجد صعوبة في التسويق، وطالب بتوفير كل التسهيلات المصرفية والجمركية لتيسير العملية التجارية، فضلاً عن تسهيل الإجراءات بإبرام اتفاقيات في مجالات النقل بكل قطاعاته.