"المركزي اليمني" يفشل في وقف نزيف العملة

"المركزي اليمني" يفشل في وقف نزيف العملة

26 يوليو 2018
تواصل انهيار العملة اليمنية (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

فشلت قيادة المصرف المركزي اليمني في معالجة الأزمات العديدة التي تضرب القطاع المصرفي والاقتصاد الكلي للبلاد، وأكبرها أزمتا تهاوي الريال وشح السيولة النقدية، رغم حصول المصرف على وديعة نقدية بملياري دولار من السعودية، وطباعة مليارات من العملة المحلية في روسيا. 

وعيّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في 11 فبراير/ شباط الماضي، محمد زمام محافظاً جديداً للبنك المركزي اليمني بقرار جمهوري، في خطوة تهدف إلى تشغيل البنك الذي ظل معطلا منذ قرار نقل مقره الرئيسي وإدارة عملياته إلى عدن (جنوب) العاصمة المؤقتة، حيث مقر الحكومة الشرعية.

وخلال ستة أشهر، فشل المحافظ الجديد في إيجاد حلول لمشكلة التهاوي المستمر للريال، والذي انعكس بصورة مباشرة على حياة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع. ووفقا للقانون، فإن الهدف الرئيسي للبنك المركزي هو تحقيق الاستقرار للعملة المحلية، وتوفير السيولة المناسبة والملائمة على نحو سليم.

واستمر الريال اليمني في التهاوي، متراجعا إلى مستويات قياسية منخفضة مقابل الدولار، خلال الأيام الماضية، وسجل أكبر هبوط منذ بداية الحرب قبل أربع سنوات، وتسبب ذلك في نشر الهلع في أوساط اليمنيين، في ظل مخاوف من ارتفاع جديد لأسعار السلع.

وقال صرافون ومتعاملون، لـ"العربي الجديد"، إن سعر الصرف ارتفع إلى 515 ريالا مقابل الدولار في العاصمة المؤقتة عدن، حيث مقر الحكومة، وإلى 135 ريالا مقابل العملة السعودية، فيما وصل سعر الصرف في العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى 505 ريالات للدولار، و133 ريالا مقابل العملة السعودية.

ويعتبر التراجع الحالي هو أكبر هبوط للعملة اليمنية منذ بداية الحرب، مما ينذر بانهيار اقتصادي، وبارتفاع لأسعار السلع المستوردة والوقود.

واعتبر الخبير في المالية العامة، أحمد غالب، أن استمرار تهاوي الريال يدل على فشل سياسات البنك المركزي التي وصفها بـ"العقيمة"، وأنها تعتمد آليات تشجع الفساد.


غالب الذي شغل موقع رئيس مصلحة الضرائب اليمنية عدة أعوام، قال لـ"العربي الجديد": أعلن البنك المركزي عن استئناف تمويل السلع الأساسية، وما يقوم به من تدخّل عبر آلية تمويل الاستيراد، هو العودة إلى سياسات الدعم وآلياتها الفاسدة التي تهدر المال العام ولا تصل إلى المستحقين.

وأوضح غالب، أن الوديعة السعودية محدودة في حجمها قياسا بما هو مطلوب، والمدة الزمنية لاستعادتها قصيرة، إن كان هناك مجال لإعادتها.

وقال: هي (الوديعة) لن تصمد طويلا أمام متطلباتنا ونفقاتنا الحتمية من العملات الأجنبية، وسيصبح البنك المركزي مكشوفاً وعاجزاً عن أي فعل إذا لم يعمل على تحسين إدارته للوديعة واستخدامها في تهدئة السوق وتعزير الثقة بالبنك المركزي.

وقررت السعودية، في مارس/ آذار الماضي، إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، وذلك بعد مطالبة الحكومة اليمنية بمساعدات مالية عاجلة لإنقاذ الريال من الانهيار ودعم الاقتصاد المتداعي.

ومعتمدا على الوديعة السعودية، أعلن البنك المركزي اليمني، منتصف إبريل/ نيسان الماضي، عن استئناف تمويل واردات البلاد من السلع الأساسية (القمح والأرز والسكر)، في يونيو/حزيران الماضي، لكن البنك لم يبدأ عمليا حتى الآن، ولقيت سياساته بشأن تمويل الاستيراد انتقادات واسعة، باعتبارها تفتح الباب للفساد.

ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت نهاية عام 2014 بعد سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/ آذار 2015، عندما قادت السعودية تحالفاً عسكرياً بدعم من الإمارات، شن ضربات جوية مكثفة ضد الحوثيين الذين لا يزالون يسيطرون على نحو نصف محافظات اليمن.

وأدت الحرب أيضاً إلى تراجع دخل الأسر، بسبب انهيار الإيرادات الحكومية وتعثّر دفع رواتب القطاع العام في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

من جانبه، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، يوسف سعيد، أن تهاوي الريال يكشف، على نحو متزايد، عن ممارسات غير مرضية في سلوك الأطراف السياسية بدون استثناء، التي جعلت من العملة الوطنية هدفا من أهداف الحرب وجهوا لها قذائفهم، واستخدموها أداة في الصراع السياسي.

وقال سعيد لـ"العربي الجديد": المضاربون بالعملة أقوى وأسرع من الجهات الرسمية في البنك المركزي، كل السياسات الاقتصادية تدفع قيمة الريال اليمني نحو التدهور، وتتسم بعدم وضوح الأهداف والأولويات.

وطالب سعيد قيادة البنك المركزي والحكومة بأن لا تظل في موقع المراقب مما يحدث، وأن يتجهوا إلى التدخل المباشر في سوق النقد الأجنبي، للحد من الأزمة.