إنتاج تحت الاستغلال... 354 مليار دولار صادرات الرقّ الجديد

إنتاج تحت الاستغلال... 354 مليار دولار صادرات الرقّ الجديد

23 يوليو 2018
عمالة الأطفال تندرج ضمن مؤشرات العبودية (Getty)
+ الخط -
تستورد دول مجموعة العشرين مجتمعة ما قيمته 354 مليار دولار من المنتجات المعرضة لخطر إنتاجها بواسطة العبودية  الحديثة سنوياً. هذا ما خلص إليه التقرير السنوي للمؤشر العالمي للرق 2018، الصادر أخيراً بالتعاون مع مؤسسة "والك فري" المعنية بتحرير ضحايا العبودية والاتجار بالبشر. 

أما ضحايا  الاستعباد حول العالم فتعدادهم يزيد عن 40.3 مليون إنسان، إذ إن المؤشر لم يستطع الوصول إلى أرقام دقيقة من كافة دول العالم، خصوصاً من الدول العربية حيث يعمل 17.6 مليون عامل  مهاجر، يمثلون أكثر من عُشر إجمالي العمال المهاجرين في العالم، إضافة إلى عدم القدرة على حصر ضحايا العبودية في الدول التي تشهد الحروب مثل اليمن والعراق وسورية وليبيا، إضافة إلى جنوب السودان وأجزاء من نيجيريا وباكستان.

وتغطي العبودية الحديثة وفق المؤشر، مجموعة من المفاهيم القانونية المحددة بما في ذلك العمل القسري، واستعباد الديون (القيام بأعمال بالسخرة أو إكراهية كضمان للديون أو لسدادها)، والزواج القسري، والعبودية والممارسات الشبيهة بالرق والاتجار بالبشر.

أما القطاعات الاقتصادية الخمسة الأكثر شبهة في مجال الإنتاج الاستعبادي (345.7 مليار دولار)، فهي قطاع إنتاج الحواسيب والهواتف النقالة بنحو 200.1 مليار دولار، والصيد الذي يحتل مرتبة متقدمة في مجال أرباح التبادل التجاري المشكوك في أنها مرتبطة بالعبودية والتي تصل إلى 13 مليار دولار، ومزارع الكاكاو بنحو 3.6 مليارات دولار، وقصب السكر بحوالي ملياري دولار، وقطاع النسيج والملابس بنحو 127 مليار دولار... إضافة إلى قطاعات أخرى.
وتشرح بيرغيتا هانسن من منظمة "فير ترايد" في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا بد من إعادة التفكير بجدية في عواقب العادات الاستهلاكية. إذ لا بد من التدقيق بدول منشأ السلع التي نستهلكها، لنعرف إن كانت مستوردة من دول تسود فيها العبودية الحديثة من عدمه".

وتضيف: "التجارة العادلة، التي تذهب فيها المداخيل بعدالة إلى المنتجين تتسع لتشمل ما نتناوله من شوكولاتة وقهوة وسكر وطماطم وزيت زيتون إلخ... إلى جانب ما يرتديه البعض. فعلياً لا يوجد فارق كبير في الأسعار، إن فكرت ملياً في جودة منتج لا يتصبب منه عرق ودماء أرواح المُستغلين في العالم الثالث".

ووفقاً للتقرير، فإن العالم شهد تربحاً في عمليات الاتجار بالبشر والأعضاء، ومع نحو 126 ألف عملية زرع أعضاء تمت في عام 2015 فقط، فإن ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ تقدر اﻟﺗﺟﺎرة ﻏﯾر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻸﻋﺿﺎء بحوالي 10 % ﻣن زراعة الأعضاء عالمياً.

أما الإيرادات من التجارة غير المشروعة بالأعضاء فتتراوح بين 840 مليون دولار و1.7 مليار دولار. وتم توثيق تجارة الأعضاء في السوق السوداء في بلدان مختلفة مثل الهند وباكستان وكوسوفو والفلبين.

ومن غير الواضح، وفق تقرير المؤشر،
مدى تطبيق الإكراه في الاتجار بالأعضاء، والظروف التي تدفع إلى ذلك، إذ إنه "من غير المؤكد أن المتاجرين والوسطاء يستهدفون الأشخاص الضعفاء، بمن في ذلك المهاجرون غير الشرعيين واللاجئون".

ويورد التقرير مثلاً من بعض مناطق الهند، حيث يستعمل الفقراء الكلى كضمانات لمقرضي الأموال. وقد وثق الباحثون حالات من تصدير الكلى من منطقة "حزام الكلى" في جنوب الهند، التي تباع للعملاء في سريلانكا ودول الخليج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.

يشرح التقرير أن أكثر عشرة بلدان تعاني من العبودية الحديثة هي كوريا الشمالية، إريتريا، بوروندي، أفريقيا الوسطى، أفغانستان، موريتانيا، جنوب السودان، باكستان، كمبوديا وإيران.

وتقول كبيرة الباحثين في "المركز الدنماركي للدراسات الدولية"، سينا بالمبيك، في حديث تلفزيوني، إن ما أظهره التقرير السنوي، هو أن آفة العبودية التي يشارك الغرب في ترسيخها، باتت أكثر اتساعا مع غياب اكتراث الحكومات وطبقة رجال الأعمال بظروف الإنتاج.

وتشرح أنه "بعدما أصبح سكان دول الغرب أكثر ميلاً لشراء الملابس والحواسيب الرخيصة، مع استبدالها بشكل دوري، ارتفعت نسبة استغلال القوى العاملة على الطرف الآخر من العالم".

وتعترف بالمبيك بأن "المستهلك في الغرب لا يدرك دائماً أن سلعاً أخرى غير الملابس تُنتج بظروف عبودية. حين نتلمس المنتج علينا أن نفكر في الأيدي التي صنعته والظروف التي أنتج في سياقها قبل أن نشتريها، لنساهم بأنفسنا في وقف إجبار الناس على العمل في مثل تلك الظروف لأنهم فقط فقراء ويحتاجون الأموال".

وتضيف: "كثيراً ما تعلل الشركات المستوردة لتلك البضائع بالمساهمة بتوفير عمل لفقراء بنغلادش والهند وباكستان، لكن آخرين يرون أنه وفق شروط العمل والرواتب، فهذا ليس سوى مساهمة في ترسيخ مفهوم العبودية".

أما مؤسس منظمة "والك فري"، التي تكافح الاتجار بالبشر والعبودية، أندرو فورست، فيعتبر أن مسؤولية الحكومات الغربية، لا تقل عن مسؤولية المستهلك.

ويشير في تعقيبه على التقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الدنماركية (ريتزاو)، إلى أن "مسؤولية إنهاء العبودية الحديثة في الإنتاج تقع على عاتق الشركات والحكومات أيضاً، فحين نضع خريطة بأنماط الإنتاج الاسترقاقي والتجارة المرافقة للاستيراد نحو كبريات الاقتصاد العالمي والمجتمعات الثرية فإن ذلك يهدف لأن يعرفوا مسؤولياتهم لوقف هذا التدهور".

دلالات

المساهمون