الديون والفائدة والنمو... تحديات تواجه أكبر موازنة عامة بمصر

الديون والفائدة العالية والنمو... تحديات تواجه أكبر موازنة عامة بمصر

16 يوليو 2018
الأزمات الاقتصادية تواجه تنفيذ وعود الموازنة (Getty)
+ الخط -

بدأت مصر منذ مطلع الشهر الحالي، تطبيق ما تصفها الحكومة الحالية بـ"أكبر موازنة عامة" في تاريخ البلاد للعام المالي الجديد.

ورغم تفاؤل مسؤولي الدولة بأن تحقق الموازنة أهدافها في العام المالي 2018/ 2019، لكن ثمة العديد من المخاطر قد تواجه البلاد عند التنفيذ الفعلي، وفقا للبيان المالي الصادر عن المالية المصرية ومحللين اقتصاديين، تحدثواً لوكالة "الأناضول".

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز، ويستمر حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.

وتطمح الحكومة المصرية بقيادة رئيس وزرائها الحالي مصطفى مدبولي، إلى تحقيق معدلات نمو تصل إلى 8% بحلول العام المالي 2021/ 2022.

وتسعى الحكومة أيضا لزيادة الإيرادات بنسبة 22 في المئة، إلى 989 مليار جنيه (55.5 مليار دولار)، وخفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي إلى 91-92 في المئة في الفترة نفسها، مقابل 97 في المئة في العام المالي 2017/ 2018.

يقول المحلل الاقتصادي مصطفى نمرة، إن مشروع الموازنة المصرية يواجه خطر معدل النمو، الذي يعد واحداً من أهم الافتراضات الرئيسة التي تبنى عليها العديد من بنود الموازنة العامة، مثل تقديرات الإيرادات الضريبية والجمركية والاستثمارات.

ويشير نمرة، إلى أن خطر تباطؤ النمو عن المعدلات المقدرة في الموازنة العامة، سواء لأسباب محلية أو تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، "قد يؤثر سلبا على الأداء الاقتصادي، ليؤثر على تغيير المستهدفات المالية، مثل العجز الكلي والدين العام".



ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي معدل نمو بنسبة 3.9 بالمائة في 2018، إلا أن هذه المعدلات لا تزال منخفضة نسبيا، ما قد يشكل خطرا على أداء الموازنة العامة، وفقا لوزارة المالية المصرية.

وبحسب نمرة، فإن تباطؤ التجارة العالمية أحد المخاطر المحتملة، حيث يؤدي إلى التأثير سلبيا على الإيرادات المتوقعة من قناة السويس والضرائب الجمركية والضرائب على الواردات.

ومن المتوقع تباطؤ نمو التجارة العالمية إلى ما بين 4 و3.9 بالمائة في عامي 2018 و2019، على التوالي، مقارنة بنحو 4.2 بالمائة في عام 2017.

ويشكل سعر صرف الدولار أمام الجنيه خطرا محتملا على مستهدفات مشروع الموازنة المصرية، إذ يؤدي أي تحرك في سعر الصرف، أثناء التنفيذ، مقارنة بفترة إعداد الموازنة، للتأثير سلبيا على جانب الإيرادات والمصروفات.

ويقدر مشروع الموازنة المصرية سعر صرف الدولار عند 17.25 جنيها في العام 2018/ 2019، مقابل 16 جنيها في العام المالي 2017/ 2018، في حين يبلغ سعر صرف شراء الدولار نحو 17.80 جنيها حاليا.

ويرى المحلل الاقتصادي أن الخطر الرابع يتمثل في أسعار الفائدة، حيث إنه في حال اتجاه عدد من الدول إلى تبني سياسات نقدية انكماشية لخفض التضخم، فسيكون لذلك "تأثير سلبي على الاقتصاد المصري، عبر نقص حجم المعروض من النقد الأجنبي وارتفاع كلفة الاقتراض".


ويقدر مشروع الموازنة المصرية أن تؤدي زيادة متوسط أسعار الفائدة 1 بالمائة إلى زيادة فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة العامة بنحو 5 مليارات جنيه (280.8 مليون دولار) خلال العام المالي.

وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) أخيرا، رفع أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية بنسبة 0.25 بالمائة (25 نقطة أساس)، إلى 2 بالمائة للمرة الثانية خلال 2018.

ويرى نمرة أن السعر العالمي للنفط يشكل الخطر الخامس، حيث تم إعداد الموازنة بافتراض سعر 67 دولارا للبرميل، مقابل 73 دولارا حاليا، وفي حال زيادة سعر البرميل بنحو دولار للبرميل، فإن ذلك سيحد من الموارد المتاحة لتعزيز الإنفاق الرأسمالي والاجتماعي.

ويشير نمرة إلى أن الأمر ينطبق أيضا على زيادة أسعار القمح، والمواد الغذائية، في ضوء الارتفاعات التي تشهدها الأسعار العالمية.

وتعتزم الحكومة المصرية استيراد 7 ملايين طن من القمح خلال العام المالي 2018/ 2019.

ويقول المحلل الاقتصادي فوزي النبراوي، إن الالتزامات المالية المحتملة تعد من مصادر المخاطر المالية للموازنة العامة، وهي تتمثل في التزامات مالية غير مؤكدة الحدوث، وغير محددة القيمة والتوقيت.

ويشير البيان المالي لوزارة المالية إلى أن المخاطر تشمل أيضا التعويضات المحتمل سدادها نتيجة الفصل في قضايا التحكيم المرفوعة على الحكومة المصرية، أو تسويتها وديا.

وفي نهاية إبريل/ نيسان 2017، قضت المحكمة الفيدرالية العليا السويسرية، أن تدفع مصر غرامة قدرها مليارا دولار لمصلحة شركة الكهرباء في إسرائيل بسبب "خرق العقود السابقة".


وهناك عدد من قضايا التحكيم الدولي مقامة ضد مصر، متداولة حاليا من طرف عدد من الجهات المختلفة، إلا أنه خلال السنوات الخمس الماضية، انتهى النزاع في معظمها لصالح الدولة المصرية، وفق وزارة المالية.

ويوضح النبراوي، أن المخاطر تتضمن ارتفاع حجم المديونية من الأدوات المالية قصيرة الأجل، لحتمية إعادة التمويل في المدى المتوسط، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، "ما سيكون له أثر على مدفوعات الفوائد واستدامة الدين".

وتقول الحكومة المصرية إنها تعمل على الاستمرار في تنويع مصادر التمويل ومكونات محفظة الدين العام، ما بين المحلي والخارجي، وإطالة عمر الدين المحلي القابل للتداول وتطوير منحنى العائد على الأوراق المالية المحلية.

وتنوي مصر إصدار أذون وسندات خزانة محليا بقيمة 511 مليار جنيه (28.7 مليار دولار) في العام المالي 2018/ 2019.

وتوقع صندوق النقد الدولي، منذ أيام، أن يرتفع الدين الخارجي لمصر إلى 91.5 مليار دولار في نهاية العام المالي الجاري 2018/ 2019 مقابل 85.2 مليار دولار في توقعات سابقة.

كما توقع الصندوق أن يستقر الدين الخارجي لمصر عند 86.9 مليار دولار في نهاية العام المالي الماضي 2017/ 2018.

ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، فقد ارتفع الدين الخارجي إلى 82.884 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي الماضي، من 67.322 مليار دولار في نفس الفترة المقابلة.

وتوسعت مصر في الاقتراض من الخارج خلال السنوات الماضية، سواء من مؤسسات دولية أو إقليمية أو أسواق الدين.

المساهمون