شرارة حرب نفطية... السعودية مستعدة لزيادة الإنتاج وإيران تهدد

شرارة حرب نفطية... ترامب يأمر السعودية بزيادة الإنتاج وإيران تهدد

واشنطن
90E9464D-94FD-48BA-A61C-B7EB564A1860
شريف عثمان
اقتصادي ومصرفي مصري، خبرة تجاوزت ثلاثة عقود من العمل في مجالات الخزانة والاستثمار والتمويل، داخل بنوك ومؤسسات مالية، في مصر وأميركا، يكتب عن الاقتصاد والسياسات النقدية والتضخم والديون والبطالة والتجارة وأسواق الأسهم والسندات.
01 يوليو 2018
+ الخط -
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه طلب من المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، زيادة إنتاجها اليومي، لتعويض النقص في الإمدادات النفطية الإيرانية والفنزويلية، وأن المملكة وافقت على طلبه.

وقال ترامب السبت، في تغريدة له على "تويتر" إنه تحدث إلى الملك سلمان بن عبد العزيز وطلب منه زيادة إنتاج المملكة من النفط، بما قد يصل إلى مليوني برميل يومياً، لوقف ارتفاع سعره، وأن الملك سلمان وافق على طلبه.

وبعد تغريدة ترامب، أعلن البيت الأبيض أن السعودية ستوفر قدرات احتياطية لإنتاج مليوني برميل إضافي يومياً، "وسيتم استخدامها بحكمة عند اللزوم، لضمان توازن واستقرار السوق النفطية، وبالتنسيق مع شركائها من منتجي النفط".

إلا أن هذه الخطوة التي تسعى لتعويض نقص الإمدادات الإيرانية إثر إعادة العقوبات الأميركية، استفزت طهران، لتعلن مواقف وصلت إلى حد اعتبار السيطرة على حصة إيران في السوق النفطية، "خيانة"، وتقويضاً لاستقلالية منظمة "أوبك" وضرباً لقراراتها الموحّدة.

وقال مصدر في قطاع النفط لوكالة "رويترز" قبل أيام إن السعودية، تعتزم ضخ ما يصل إلى 11 مليون برميل يومياً من الخام في يوليو/ تموز، بعدما اتفقت أوبك مع روسيا ودول أخرى حليفة منتجة للنفط على زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً.

وتعليقاً على هذه الخطوة، أعلن مندوب إيران في الهيئة التنفيذية لمنظمة البلدان المُصدرة للبترول "أوبك"، حسن كاظم بور أردبيلي، أمس الأحد، أن السعودية لا تستطيع زيادة إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً.

وحسب وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، قال "أردبيلي": "بطبيعة الحال لو فعلت السعودية هذا الأمر، فمعنى ذلك هو خروجها من اتفاق أوبك".

وأضاف أردبيلي: "الدول الأعضاء في أوبك، قررت الأسبوع الماضي، حفظ اتفاقها السابق المبني على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل، وتحديد سقف الإنتاج بـ 32.5 مليون برميل يومياً، وأن تعمل على الالتزام بخفض الإنتاج من 150 في المئة إلى 100 في المئة".

وقبل يومين حذرت الولايات المتحدة الأميركية دول العالم من شراء النفط الإيراني بحلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهددت الدول التي ستستمر في استيراده بعد هذا التاريخ بفرض عقوبات عليها، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار النفط بعد تأكد المتعاملين في الأسواق من جدية الولايات المتحدة في تضييق الخناق على طهران.

وارتفع سعر النفط الأميركي (غرب تكساس) خلال الأسبوع الماضي بنسبة 13 في المئة حتى تجاوز 74 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ ما يقرب من أربعة أعوام، وهو ما استدعى ترامب لمخاطبة الملك سلمان خلال عطلة نهاية الأسبوع لمطالبته بزيادة الإنتاج.

وأعلن ترامب الشهر الماضي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعه سلفه باراك أوباما قبل حوالي ثلاثة أعوام، وأعلن استئناف فرض عقوبات اقتصادية على إيران، ومنح الشركات والحكومات التي تتعامل معها مهلة ستة أشهر لإيجاد بدائل وإنهاء التعاملات القائمة. وترى الولايات المتحدة الاستجابة السعودية لطلب زيادة إنتاج النفط محورية في تضييق الخناق على ايران.

لكن بعض المحللين يرون أن زيادة إنتاج المملكة بمليوني برميل يومياً يضعف قدرتها على مواجهة أي طارئ مستقبلاً، حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية قدرات المملكة غير المستخدمة بما لا يزيد على مليوني برميل يومياً فقط.

وتقول الوكالة إنه لا يوجد لدى كبار منتجي النفط الآخرين، روسيا والعراق والإمارات والكويت طاقة غير مستخدمة بأكثر من مليون برميل يومياً. والأسبوع الماضي قال خالد الفالح، وزير النفط السعودي، إن "طلبات كبار مستهلكي النفط من الدول ستتم الاستجابة لها"، إلا أنه لم يتوقع أن تزيد المملكة من إنتاجها بمليوني برميل يومياً.

وأكدت شركة "إف جي أي" لاستشارات الطاقة أن الولايات المتحدة تهدف إلى منع إيران من تصدير النفط تماماً، إلا أنها شككت في قدرة الدول الأخرى على تعويض نقص النفط الإيراني، خاصة مع تعدد الأزمات الداخلية التي أثرت على الكميات المصدرة من فنزويلا.

ولفتت شركة الاستشارات إلى أن "هذا سيضغط بشدة على النظام النفطي ويقترب به من حدوده الإنتاجية القصوى"، وأضافت أن زيادة إنتاج المملكة قد يهبط بالقدرات الاحتياطية العالمية ما قد يدفع سعر البرميل إلى مستوى 100 دولار مجدداً.

وتخفض شركات التكرير الأوروبية مشترياتها من النفط الإيراني بوتيرة أسرع من المتوقع في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لإعادة فرض عقوبات على إيران، مما يهدد بتأثيرات أشد من الجولة السابقة من الإجراءات العقابية التي اتخذت بحق طهران في 2012 على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يشارك في العقوبات هذه المرة.

وقالت واشنطن في وقت سابق إن على الشركات تصفية أنشطتها مع إيران بحلول الـ4 من نوفمبر/ تشرين الثاني أو مواجهة خطر الاستبعاد من النظام المالي الأميركي.

وقال مصدر بقطاع النفط: "تلك العقوبات ستكون أسوأ من عقوبات أوباما. معه، كنت تعرف أين تقف وكيف تتحرك في إطار العقوبات… الآن لا يمكن توقع أي شيء مع ترامب. الجميع خائفون".



ووفقا لـ"رويترز"، تتلقى أوروبا أكثر من خُمس صادرات الخام الإيراني البالغة 2.5 مليون برميل يومياً.

وكانت الولايات المتحدة قالت إنها تريد أن تحرم إيران من جميع صادرات النفط مما يجعل الاستثناءات أمراً مستبعداً.

لكن واشنطن خففت موقفها في وقت لاحق، قائلة إنها ستعمل مع الدول حالة بحالة في ما يتعلق باستيرادها النفط الإيراني، لخفض واردات العدد الأكبر منها إلى الصفر بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني.

وفي السياق ذاته، قال إسحاق جهانجيري النائب الأول للرئيس الإيراني أمس الأحد، إن إيران ستسمح للشركات الخاصة بتصدير النفط الخام في إطار استراتيجية لمواجهة العقوبات الأميركية. وتبحث إيران عن سبل لمواصلة تصدير النفط وإجراءات أخرى في مواجهة العقوبات الأميركية.

ولفت جهانجيري خلال مناسبة اقتصادية في طهران بثها التلفزيون الرسمي إلى أن "النفط الخام الإيراني سيُعرض في البورصة والقطاع الخاص يستطيع تصديره بطريقة شفافة".
وأضاف "نريد إجهاض الجهود الأميركية... لوقف صادرات النفط الإيرانية". وتابع: "النفط معروض في البورصة بالفعل، حوالي 60 ألف برميل يومياً، لكن ذلك كان مقتصرا على صادرات المنتجات النفطية فحسب".


ولإيران بورصة نفط وبتروكيماويات كجزء من بورصتها السلعية. واستشهد جهانجيري بتقارير تشير إلى أن السعودية قد تزيد صادراتها النفطية لتحل محل النفط الإيراني في الأسواق العالمية، وعلّق: "أي طرف يحاول انتزاع (حصة) إيران من سوق النفط إنما يرتكب خيانة عظمى بحق إيران وسيدفع ثمنها يوما ما".

وطلبت إيران أمس الأحد من الدول الأعضاء في أوبك "الامتناع عن أي إجراءات أحادية" محذرة من تقويض وحدة المنظمة.

وفي إطار سعي إيران للتصدي للعقوبات الأميركية التي قد تقيد صادراتها وتقلص حصتها في السوق، كتب وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه لنظيره الإماراتي سهيل المزروعي الذي يتولى رئاسة أوبك هذا العام يحثه على تذكير أعضاء أوبك بالالتزام باتفاق الشهر الماضي.

وقال زنغنه في الرسالة التي اطلعت عليها "رويترز"، وأوردتها وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إن "أي زيادة في الإنتاج من جانب أي دولة عضو تفوق الالتزامات المنصوص عليها في قرار أوبك، تمثل خرقا للاتفاق". وطلب من المزروعي تذكير "الدول الأعضاء في أوبك باحترام التزاماتها... والامتناع عن أي إجراءات أحادية تقوض وحدة واستقلال أوبك".

وفي 23 يونيو /حزيران اتفقت أوبك مع روسيا وغيرها من الحلفاء من منتجي النفط علي زيادة الإنتاج من يوليو / تموز، وتعهدت السعودية بزيادة كبيرة لكنها لم تحدد أرقاما.
ومنذ ذلك الحين أبلغت مصادر على دراية بخطط الإنتاج السعودي السوق بزيادة وشيكة إلى مستوى قياسي. وفي الأسبوع الماضي قال مصدر لرويترز إن إنتاج السعودية في يوليو/ تموز سيرتفع إلى 11 مليون برميل يومياً بزيادة مليون برميل يومياً عن مايو/أيار.

وشرح زنغنه في رسالته أن القرارات الأحادية من بعض أعضاء أوبك تضعف المنظمة، وإن على أوبك ألا تسمح لآخرين بأخذ قرارات سياسية ضد وحدة المنظمة واستقلالها. وكتب أن "أي زيادة أحادية للإنتاج تتجاوز التزامات الدول الأعضاء في قرار أوبك ستشجع الولايات المتحدة على أخذ إجراءات ضد إيران".

وتابع "قرارات أوبك لا تسمح بأي حال لبعض الدول الأعضاء بتبني دعوة الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج المدفوعة بأغراض سياسية معلنة على الملأ ضد إيران".

ذات صلة

الصورة
نفط

اقتصاد

الولايات المتحدة الأميركية أعلنتها حرباً نفطية. الرئيس الأميركي جو بايدن أمر، أمس الثلاثاء، باستخدام 50 مليون برميل من مخزون الولايات المتحدة النفطي الاستراتيجي، في مسعى منسّق مع دول أخرى للتخفيف من ارتفاع أسعار الوقود ومواجهة منظمة "أوبك".
الصورة
صادرات النفط الإيراني فرانس برس مارس 2017

اقتصاد

أفادت مصادر بقطاع النفط وبيانات "رفينيتيف" وفقا لوكالة "رويترز" أن إيران شحنت سرا كميات قياسية من النفط الخام إلى الصين أكبر مشتري نفطها في الشهور الأخيرة، وفي الوقت نفسه، أضافت شركات تكرير هندية كميات من النفط الإيراني إلى خططها السنوية للاستيراد.
الصورة
ناقلة نفط في فنزويلا/ Getty

أخبار

نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الخميس، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن احتجزت للمرة الأولى سفناً قالت إنها تنقل وقوداً إيرانياً بما ينتهك العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
الصورة
أيقونة ملف حرب النفط... السعودية تحرق الأسعار هشام هدانا

اقتصاد

يبدو أن السعودية مُصرّة على خوض الحروب الخاسرة في كل الاتجاهات، وأحدثها حربها النفطية التي أشعلتها فأحرقت خُمس الأسعار خلال ساعات، في أكبر خسارة يومية للمنتجين منذ حرب الخليج سنة 1991، على قاعدة "عليّ وعلى أعدائي" دونما حساب لخسارة وربح.

المساهمون