ترامب طلب دعماً نفطياً سعودياً قبل إلغاء الاتفاق النووي

ترامب طلب دعماً نفطياً سعودياً قبل الانسحاب من اتفاق إيران النووي

08 يونيو 2018
دول أوبك غاضبة من ضغوط ترامب(Getty)
+ الخط -
قبل يوم من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، اتصل أحد كبار المسؤولين في إدارته هاتفياً بالسعودية ليطلب من أكبر مصدّر للخام في العالم المساعدة في إبقاء الأسعار مستقرة، إذا تسبب القرار في عرقلة الإمدادات.

والرياض منافس لدود لطهران، وحليف وثيق منذ أمد طويل لواشنطن، لكن الضغط المباشر على عدد من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بشأن سياسات النفط قلما يحدث. والمرة السابقة التي حثت فيها واشنطن السعودية على زيادة الإنتاج كانت في 2012.

وقالت الرياض إنه على الرغم من أن أسعار النفط قفزت فوق 80 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ 2014، فإن السوق لم تتعاف بعد من هبوط طويل. وقبل الاتصال الهاتفي كان مسؤولون سعوديون يقولون إن من المبكر جدا زيادة الإنتاج.

وقالت مصادر في صناعة النفط السعودية لرويترز إن الرياض اتخذت هذا النهج لأن أسعار الخام المرتفعة قد تساعد الطرح المزمع لحصة في عملاقها النفطي المملوك للدولة أرامكو السعودية في سوق الأسهم، والذي من المتوقع أن يحدث في 2019.

ولذلك كانت هناك صدمة بين بعض أقران السعودية في أوبك عندما أصدرت المملكة بيانا داعما، بعد أن فرضت واشنطن عقوبات جديدة على طهران. وقالت المملكة إنها مستعدة لزيادة الإنتاج للتعويض عن أي نقص في المعروض.

وقالت ثلاثة مصادر على دراية بالأمر، إن مسؤولا بارزا في الإدارة الأميركية اتصل بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل الإعلان الذي أدلى به ترامب، للتأكد من أن واشنطن يمكنها التعويل على الرياض، القائد الفعلي لأوبك.

وقال أحد المصادر إن الاتصال حدث في السابع من مايو/ أيار. ولم يذكر المصدران الآخران متى جرى الاتصال.

وأكدت المصادر أن واشنطن قلقة من أن العقوبات قد تكبح شحنات النفط من إيران وتدفع الأسعار للصعود.

وامتنع متحدث باسم البيت الأبيض عن التعقيب بشأن ما إذا كان الاتصال الهاتفي قد حدث.

ولم يؤكد مسؤول سعودي بارز الاتصال، لكنه قال: "جرى إبلاغنا بالقرار بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) قبل صدور الإعلان... نحن نجري دائما محادثات مع الولايات المتحدة حول استقرار سوق النفط".

وهدد البيان السعودي في مايو/ أيار الماضي بتقويض اتفاق بين أوبك وحلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، لخفض إنتاج النفط بحوالي 1.8 مليون برميل يوميا، بدءا من يناير/ كانون الثاني 2017، لتقليص وفرة المعروض ودعم الأسعار. ومن المنتظر أن ينقضي الاتفاق في نهاية 2018.

وستجتمع أوبك في 22 يونيو/ حزيران، وتحتاج إلى توافق بين جميع أعضائها حتى تغير رسميا سياستها للإنتاج. وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه الأسبوع الماضي إنه لا يوافق على الرأي القائل إن هناك حاجة محتملة لزيادة إمدادات النفط العالمية.

وقال مصدر في أوبك على دراية بالتفكير السعودي إن الرياض وواشنطن ناقشتا سياساتهما النفطية قبل الإعلان الأميركي بشأن إيران.

وأضاف قائلا "إنك تحتاج إلى أن تعمل مع شركائك في التعامل مع أي تأثير محتمل على المعروض".

حلفاء منزعجون

وجاء التحول المفاجئ في الموقف العلني للرياض مفاجأة لحلفائها الخليجيين الذين ينسقون عن كثب سياسات أوبك.

وقال مصدر آخر إن بعض الدول الخليجية "منزعجة من أنه لم يكن هناك تشاور مسبق معهم". وأضاف أنهم يشعرون بأن الرياض تعرضت لضغوط من واشنطن ولم يتم التشاور معهم قبل تعليقات علنية أدلى بها وزير الطاقة السعودي خالد الفالح.

وسافر الفالح إلى المنتدى الاقتصادي لروسيا في سان بطرسبورغ الشهر الماضي، وقال إن المملكة مستعدة لتخفيف تدريجي للقيود على إنتاج النفط لتهدئة مخاوف المستهلكين، وأثار هذا التحول أيضا غضبا بين بعض المنتجين خارج منطقة الخليج.

وقال مصدر ثان في أوبك "بعض الناس شعروا بأنه لم يتم التشاور معهم بشكل مناسب، قبل التعليقات التي صدرت في سان بطرسبورغ".

ومنذ أن رفعت العقوبات الدولية الأصلية في يناير/ كانون الثاني 2016، واجهت إيران صعوبة في زيادة إنتاجها النفطي فوق أربعة ملايين برميل يوميا. ويرجع هذا إلى نقص في المشاريع الجديدة.

وستستفيد إيران بشكل أقل من السعودية من زيادة في الإمدادات إذا لم تتمكن من زيادة إنتاجها، وأيضا من انخفاض سعر إنتاجها الحالي.

وقال مصدر ثالث في أوبك إن زيادة في الإنتاج لمجرد أن واشنطن طلبتها ستتعارض مع ميثاق أوبك. وأضاف قائلا "بالنسبة لبعض أعضاء أوبك، هذا كثير جدا".

المزيد من الضغوط

وانخفض اعتماد الولايات المتحدة على واردات الخام السعودي في الأعوام القليلة الماضية، فيما يرجع بين أسباب أخرى إلى ارتفاع انتاج النفط الصخري المحلي، لكن السعودية تبقى مصدرا مهما للإمدادات إلى أميركا.

ووفقا لأرقام من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، استوردت الولايات المتحدة 748 ألف برميل يوميا من السعودية في مارس/آذار 2018 بعد أن كانت وصلت إلى ذروة في حقبة ما بعد عقد السبعينيات عند أكثر من مليوني برميل يوميا في 2003.

وذكرت رويترز في أواخر مايو/أيار أن أوبك وحلفاءها قد يزيدون الإنتاج بحوالي مليون برميل يوميا، بدءا من يوليو/ تموز للتعويض عن أي نقص محتمل في إمدادات النفط.

وتقول المصادر إن التحول في موقف الرياض أثارته ضغوط من واشنطن ودول أخرى مستهلكة للنفط، لكنه لا يعكس قلقا في السعودية من أنه يوجد عجز في الإمدادات.

وفي أواخر إبريل/ نيسان الماضي، انتقد ترامب في تغريدة على تويتر، أوبك بسبب أسعار النفط المرتفعة. وعبّرت الهند والصين أيضا عن القلق بشأن صعود الأسعار في اتصالين هاتفيين منفصلين مع الفالح.

وقال مصدر رابع في أوبك "التفكير من قبل كان مواصلة اتفاق أوبك حتى نهاية العام... لكن ترامب والاتفاق النووي الإيراني حدثا بعد ذلك، وبدأت الدول المستهلكة تشتكي. المستهلكون مهمون جدا لنا".

(رويترز)

المساهمون