الغاز القطري ... فرس الرهان في كسر الحصار

الغاز القطري ... فرس الرهان في كسر الحصار

04 يونيو 2018
صادرات الغاز المسال داعم أساسي للاقتصاد القطري (فرانس برس)
+ الخط -



سجلت قطر خلال عام من الحصار الاقتصادي، قفزات نوعية في مختلف المجالات، وفي مقدّمها الغاز الذي يعتبر العمود الفقري لاقتصاد الدولة، فخابت آمال دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، التي كانت تعتقد برضوخ الدوحة لإملاءات تلك الدول، وتنازلها عن قرارها السيادي.

وحققت قطر معجزة حقيقية في كيفية التعامل مع هذه الأزمة والتكيف معها خلال أسابيع، بعدما اعتقدت تلك الدول بأن الحصار البري والجوي والبحري والتجاري، سوف يضغط على قطر ويخنق المواطنين والمقيمين، ما يؤدي إلى انهيار الاقتصاد القطري، بحسب نائب رئيس الوزراء القطري ووزير الطاقة والصناعة الأسبق، عبدالله بن حمد العطية.

وأكد العطية، في حوار سابق مع"العربي الجديد"، أن النتيجة جاءت عكسية، "ونحن نقول دائما: شكرا لهذه الأزمة، تعلّمنا الكثير، وقطر يجب ألا تعود كما كانت قبل 5 يونيو/ حزيران 2017، حتى ما بعد تسوية الأزمة".

وبعد نحو شهر من بدء الحصار الجائر، أعلنت "قطر للبترول" عن رفع الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال القطري من 77 مليون طن إلى 100 مليون طن سنويا، أي ما نسبته 30 بالمائة خلال فترة تراوح بين 5 و7 سنوات.

وتأتي الزيادة من خلال مضاعفة حجم المشروع المتعلق بتطوير القطاع الجنوبي لحقل الشمال، ليبلغ إنتاجه 4 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا، وهو ما يعني أن إنتاج قطر سيصل لنحو 6 ملايين برميل نفط مكافئ يوميا.


وسيعزز المشروع مكانة قطر كأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، وذلك بما يتفق مع الخطة الاستراتيجية التي وضعتها قطر للبترول للنمو ولتحقيق أهدافها بأن تصبح واحدة من أفضل شركات النفط والغاز الوطنية في العالم.

كما سيمد المشروع أسواق الطاقة باحتياجاتها المتزايدة من الغاز الطبيعي المسال كوقود موثوق وصديق للبيئة، ويعزز من موارد الدولة ويسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي وفي عملية التنمية الشاملة للبلاد وتحقيق رؤية قطر 2030.

ويعد حقل غاز الشمال من أكبر حقول الغاز الطبيعي غير المصاحب في العالم، ويقع الحقل الذي تم اكتشافه في العام 1971 في المياه المغمورة شمال شرقي شبه جزيرة قطر، ويصل إلى عمق مائي يراوح ما بين 15 إلى 70 متراً، ويمتد على مساحة 6000 كيلومتر مربع ويحوي حوالي 900 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، أي ما يمثل 20% من احتياطي العالم من الغاز، ما يضع دولة قطر في المرتبة الثالثة عالميا بعد روسيا وإيران.

وفي مطلع العام الجاري، بدأت شركة "قطر غاز" الجديدة أعمالها، بعد الانتهاء الناجح لعملية دمج شركتي "قطر غاز" و"راس غاز" في كيان واحد اسمه "قطر غاز"، ما سيوفر ملياري ريال من الكلفة التشغيلية سنويا.


وفي فبراير/ شباط الماضي، استقبلت محطة "ساوث هوك" ذات التعاون الاستراتيجي القطري البريطاني، الناقلة القطرية العملاقة "عامرة" وعلى متنها ما يقارب 266 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال.

وتعتبر محطة "ساوث هوك" واحدة من أهم المحطات البحرية التي تنتج ما يقرب من 15.6 مليون طن من الغاز المسال سنويا، إذ أصبحت قطر أحد أهم الموردين للغاز الطبيعي المسال إلى المملكة المتحدة، وتغطي أكثر من 20% من احتياجاتها منذ عام 2009، ومنذ إنشاء كل من محطة وشركة "ساوث هوك للغاز"، وهي شراكة بين شركة "قطر للبترول الدولية" بنسبة 70% وشركة "إيكسون موبيل" العالمية بنسبة 30%.

وكشفت وكالة "بلومبيرغ"، في تقرير لها أواخر عام 2017، عن ارتفاع واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال القطري إلى مستويات قياسية منذ 4 سنوات، لتبلغ الزيادة نحو 17% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إضافة إلى ارتفاع وارداتها من الولايات المتحدة.

وقبل أيام، وقّعت شركة "قطر للبترول" مع "إكسون موبيل" الأميركية، اتفاقية لشراء حصة تبلغ 30% من أسهم شركتين تابعتين للأخيرة تملكان حقوقا للاستكشاف الهيدروكربوني في 7 مناطق، في حوض فاكا مويرتا، في مقاطعة نيوكوين في الأرجنتين.

وقال الرئيس التنفيذي لـ"قطر للبترول"، سعد شريده الكعبي، إن "قطر للبترول" تسعى إلى زيادة إنتاجها من النفط والغاز من نحو 4.8 ملايين برميل مكافئ من النفط يوميا لنحو 6.5 ملايين برميل، في غضون 8 سنوات من الآن.

وأكد الكعبي أنه مع حلول الذكرى السنوية الأولى للحصار الغاشم على دولة قطر، فإن قطاع النفط والغاز لم يتأثر أبدا بهذا الحصار، وأن استمرار تطبيق قطر للبترول خططها الاستراتيجية للنمو المرسومة قبل الحصار لم يتأثر أبدا.

قطر تزود الإمارات بالغاز

بدوره، أوضح العطية أن قطر تتعامل باحترافية في السوق، وتحيّد الخلافات السياسية، ليس كالإخوة في دول الحصار، خلافاتهم عمياء، أي انحدار إلى الهاوية، نحن في قطر فصلنا الخلافات السياسية عن الاقتصاد، وقد بعنا شحنات كبيرة من الغاز إلى مصر، ومستمرون في إمداد أبوظبي بالغاز.


وعلى رغم الحصار، تضخ قطر الغاز إلى الإمارات، من خلال مشروع دولفين، الذي يورد ملياري قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميا إلى الإمارات وسلطنة عُمان منذ فبراير/ شباط 2008، عبر خط أنابيب بحري يبلغ طوله 364 كيلومترا، وبذلك فهو يؤمن 30% من احتياجات دولة الإمارات للطاقة، إذ يوفر كميات ضخمة من الغاز الطبيعي لكل من الإمارات السبع.

وتشمل قائمة العملاء الطويلة الأمد لغاز دولفين القادم من قطر كلا من: شركة مياه وكهرباء أبوظبي، وهيئة دبي للتجهيزات، وكذلك شركة النفط العمانية، حيث وقعت كل من هذه الشركات مع دولفين للطاقة اتفاقية لتوريد الغاز لمدة 25 عاما.

وقد بدأت دولفين للطاقة منذ يوليو/ تموز 2007 بتوريد الغاز الطبيعي إلى دولة الإمارات، وفي فبراير/ شباط 2008، وصل إنتاج الشركة إلى ملياري قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميا، وطورت دولفين مرافق ضغط الغاز وقامت بتركيب 3 ضواغط جديدة لغاز التصدير في مصنعها لمعالجة الغاز في راس لفان، لتتناسب قدرته الإنتاجية مع سعة خط أنابيب التصدير التي تصل إلى 3.2 مليارات قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا.

وتتولى "قطر للبترول"، المملوكة بالكامل للدولة، كل عمليات صناعة النفط والغاز في قطر، وينتج البترول القطري من حقول برية وأخرى بحرية، من أهمها: حقل دخان البري وحقول العد الشرقي، وميدان محزم، وبو الحنين، والبندق، والشاهين، والريان، والخليج، والكركرة وطبقات "أ" البحرية.