هل تتمكن "أوبك" من تجاوز مخاطر الخلافات والأسعار؟

هل تتمكن "أوبك" من تجاوز مخاطر خلافات السياسة والأسعار؟

21 يونيو 2018
الخلافات تخيم على أوبك في فيينا يوم الجمعة (Getty)
+ الخط -
تواجه السعودية لأول مرة صعوبات بإقناع دول الخليج بموقفها الداعي لزيادة الإنتاج في اجتماع منظمة "أوبك" المقرر عقده غداً الجمعة في فيينا، رغم أنها اتفقت مسبقاً مع روسيا على زيادة الإنتاج بحوالى 1.5 مليون برميل يومياً.

وتطالب السعودية بزيادة الإنتاج في وقت تتراجع فيه أسعار النفط، وسط مخاوف من إغراق السوق بالنفط، وخوض واشنطن نزاعاً تجارياً مع كل من الصين ودول الاتحاد الأوروبي، وهي الدول الأكبر في استهلاك النفط. ومن المتوقع أن تساهم التطورات في خفض الطلب العالمي على النفط.

أما العامل الآخر الذي يهدد الطلب العالمي على النفط فهو ارتفاع سعر صرف الدولار. وعادة ما يجعل النفط المسعر بالدولار، ثمن برميل غالياً بالنسبة للدول المستهلكة مثل الهند ومجموعة من الاقتصادات الناشئة، بسبب فارق سعر الصرف بين العملة الأميركية والعملات الأخرى، ومن هذا المنطلق تثار مخاوف من انهيار الأسعار في حال زيادة الإنتاج.

يذكر أن الحديث فقط حول زيادة الإنتاج جعل أسعار النفط تتوقف عن الزيادة، كما خسرت الأسعار حوالى 5 دولارات خلال شهر واحد.


وتجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) غداً الجمعة، للبت في سياسة الإنتاج وسط دعوات من كبار المستهلكين مثل الولايات المتحدة والصين لتهدئة أسعار النفط ومن ثم دعم الاقتصاد العالمي عن طريق إنتاج المزيد من الخام.
وقال مصدر إن هناك آراء متباينة بشأن حجم زيادة الإنتاج، وما إذا كان مثل هذا الإجراء يجب أن يكون تدريجياً.

وتصر السعودية على زيادة الإنتاج رغم هذه المخاطر. وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة في السعودية الأمير عبد العزيز بن سلمان في فيينا قبيل اجتماع "أوبك" أمس، إن بلاده ملتزمة بضمان توافر إمدادات نفطية كافية في السوق.

وأشار عبد العزيز إلى أن الكثير من الدول المستهلكة قلقة بشأن نقص محتمل في المعروض، لافتاً إلى أن أوبك تراجع عدداً من الخيارات، ومن بينها زيادة الإمدادات.

ويرى بعض أعضاء "أوبك"، أن الرياض تسعى لتلبية الطلب الأميركي دون النظر لاعتبارات العرض والطلب في السوق النفطية ومخاطر الإغراق النفطي الذي تسبب قبل ثلاث سنوات في انهيار أسعار النفط إلى أقل من 30 دولاراً، قبل أن يرتفع بفضل الاتفاق الأخير بين "أوبك" والمنتجين خارجها وعلى رأسهم روسيا إلى حاجز الـ 80 دولاراً.


وكان مصرف "غولدمان ساكس"، قد ذكر في تحليل يوم الإثنين، أن "أوبك" سترفع الإنتاج بحوالى مليون برميل يومياً، وأن السوق ستكون بحاجة إلى مزيد من النفط في النصف الثاني من العام، لكن تحليل البنك الأميركي لم يأخذ في الاعتبار ظروف النزاعات التجارية وتأثيرها على النمو الاقتصادي.

ولدى الإدارة الأميركية، التي طلبت من السعودية ومنتجين آخرين زيادة الإنتاج بحوالى مليون برميل يومياً، مصلحة سياسية في انتخابات الكونغرس المقبلة، حيث إن فاتورة الوقود بالنسبة للعائلات الأميركية ارتفعت بحوالى 400 دولار سنوياً بسبب ارتفاع الأسعار، لكن ما هي المصلحة التي ستجنيها دول "أوبك" من زيادة الإنتاج؟

هذا هو السؤال الذي ستواجهه السعودية من المعسكر الرافض لإجراء تعديلات في المعادلة النفطية الحالية، لكن السؤال لن يكون موجهاً من إيران والعراق وفنزويلا فقط، بل سيكون موجهاً كذلك من الدول الأفريقية التي تواجه ظروفاً صعبة مثل الجزائر وغيرها وحتى من دول الخليج نفسها التي كانت توافق السعودية في جميع قراراتها داخل "أوبك" في السابق، لكن هناك بوادر خلاف حاليا.

من جانبها، تسعى روسيا التي تدعم الموقف السعودي، إلى إرضاء زبائنها في الصين وإظهار عدم معارضتها للطلب الأميركي. ولدى موسكو مصالح سياسية واقتصادية استراتيجية مع الصين تفوق مسألة الاتفاق النفطي، وكما يقول محللون فإن الشركات الروسية وقعت اتفاقات وعقودا مسبقة مع نظيرتها الصينية في سنوات انهيار النفط، وبالتالي فإن أثر الزيادة أو النقص في أسعار النفط ربما لا يكون كبيرا في المداخيل الروسية.

وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد أشار إلى ذلك في منتجع "سوتشي"، قبل شهور حينما قال "إن سعر 60 دولاراً للبرميل مناسب للنفط"، وذلك حسب ما نقلت وكالة تاس الروسية.
على صعيد عدم موافقة دول الخليج للاتجاه السعودي بزيادة الإنتاج، قالت مصادر مطلعة على نقاشات منتجي النفط الخليجيين لرويترز أمس الأربعاء، إن السعودية تواجه صعوبات في الوصول إلى موقف موحد مع رفقائها الخليجيين بشأن الحاجة إلى زيادة إنتاج النفط، وهو ما يضيف المزيد من التعقيدات قبيل اجتماع منظمة أوبك المقبل.

من جانبها، قالت إيران يوم الثلاثاء، إن من غير المرجح أن تتوصل "أوبك" إلى اتفاق بشأن إنتاج النفط، لتفتح بذلك الباب أمام صدام مع السعودية وروسيا اللتين تدفعان باتجاه زيادة كبيرة في الإنتاج اعتباراً من يوليو/تموز لتغطية الطلب العالمي المتنامي.


وقالت المصادر، إن السعودية لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تمارس ضغطاً على إيران، بينما يُنظر إلى روسيا غير العضو في المنظمة على أنها قد تكون قادرة على إقناع طهران.
وأعلن وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، أمس الأربعاء، أنه يأمل التوصل إلى اتفاق عندما تجتمع أوبك، لكنه أضاف أن"سوق النفط لم تصل إلى مستوى الاستقرار".

ورداً على سؤال عن موقفه من تخفيف قيود الإنتاج، قال وزير النفط النيجيري إيمانويل إيبي كاتشيكو "نحن بحاجة إلى إجراء مناقشة مع زملائنا أولاً قبل أن نتخذ مثل تلك القرارات". وأضاف "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".

من جانبه، قال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، إن روسيا تريد من "أوبك" والمنتجين من خارجها زيادة الإنتاج 1.5 مليون برميل يومياً، وهو ما يعد من الناحية العملية إنهاء لتخفيضات الإنتاج البالغة نحو 1.8 مليون برميل يومياً، والتي ساعدت على إعادة التوازن للسوق في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة ورفع الأسعار إلى 75 دولاراً للبرميل مقارنة مع 27 دولاراً في 2016.

وأبلغ وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه الصحافيين يوم الثلاثاء، أنه سيغادر فيينا يوم الجمعة، قبل أن تعقد "أوبك" مباحثات مع المنتجين من خارجها في اليوم التالي. وقال إن الزيادة التي حدثت في الآونة الأخيرة في أسعار النفط يعود السبب فيها بشكل أساسي إلى واشنطن التي فرضت عقوبات جديدة على إيران وفنزويلا.


وكانت أسعار النفط قد ارتفعت أمس الأربعاء، مدعومة بانخفاض في مخزونات الخام التجارية بالولايات المتحدة وفقد سعة التخزين في ليبيا المنتجة للنفط. وانخفضت المخزونات الأميركية ثلاثة ملايين برميل إلى 430.6 مليون برميل على مدى الأسبوع المنتهي في 15 يونيو/حزيران وفقا للتقرير الأسبوعي لمعهد البترول الأميركي يوم الثلاثاء.

وقال المتعاملون إن تراجعاً في الإمدادات الليبية نتيجة لانهيار صهريج تخزين تقدر سعته بـ 400 ألف برميل ساعد أيضا ًفي دفع الأسعار للصعود.

وأكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، مصطفى صنع الله، أمس الأربعاء أن ليبيا فقدت 450 ألف برميل يوميا من إنتاج النفط بسبب اشتباكات في مرفأي السدر ورأس لانوف النفطيين.

وأشار إلى إن حريقا ما زال مشتعلا عند مستوى منخفض في واحد من صهريجين لتخزين النفط في رأس لانوف كانا قد اشتعلا خلال القتال.

في مقابل هذه العوامل، فإن هنالك الارتفاع الجنوني في إنتاج النفط الصخري، الذي ترغب كل من السعودية وإيران في محاصرة صادراته. ولكن رؤساء شركات طاقة ومحللين أكدوا هذا الأسبوع أن النزاع التجاري ربما يكون أكبر عامل سلبي لتمدد صادرات النفط في آسيا.

وحسب رؤساء الشركات فإن الرسوم الجمركية التي اقترحتها الصين على واردات بترولية من الولايات المتحدة في إطار حرب تجارية متصاعدة بين البلدين قد تضيف المزيد من الضغط على أسعار الخام الأميركية.

المساهمون