التصعيد الأميركي ضد الصين يهوي بالنفط والأسهم والدولار

التصعيد الأميركي ضد الصين يهوي بالنفط والأسهم والدولار

19 يونيو 2018
تصعيد مستمر لترامب ضد الصين (Getty)
+ الخط -

هدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم نسبتها 10% على سلع صينية قيمتها 200 مليار دولار، ما أدى إلى تحذير سريع من بكين بالرد، في الوقت الذي يتصاعد فيه سريعاً النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو ما انعكس سلباً على أسعار النفط والدولار ومؤشرات الأسهم الرئيسية في العالم.

وجاء تحرك ترامب الأحدث سريعاً وحاداً على نحو غير متوقع في الوقت الذي تخوض فيه واشنطن معارك تجارية على جبهات متعددة.

وقال ترامب إن الإجراء يأتي رداً على قرار الصين بزيادة الرسوم على سلع أميركية قيمتها 50 مليار دولار بعد إعلان ترامب عن رسوم مماثلة على سلع صينية يوم الجمعة.

وفي بيان صادر يوم الإثنين، قال ترامب إنه "بعد اكتمال العملية القانونية ستدخل تلك الرسوم حيز التنفيذ إذا رفضت الصين تغيير ممارساتها وكذلك إذا أصرت على المضي قدماً في فرض الرسوم الجديدة التي أعلنت عنها في الآونة الأخيرة".

ودفع النبأ أسواق الأسهم العالمية إلى الانخفاض ودفع الدولار واليوان الصيني إلى التراجع في التعاملات الآسيوية اليوم الثلاثاء.


وحذرت وزارة التجارة الصينية من أن بكين سترد بحزم وبإجراءات "نوعية" و"كمية" إذا نشرت الحكومة الأميركية قائمة إضافية من الرسوم على السلع الصينية متهمة واشنطن بشن حرب تجارية.

وقالت الوزارة في بيان إن "مثل تلك الممارسة من الضغط الشديد والابتزاز تمثل انحرافاً عن التوافق الذي توصل إليه الجانبان في مناسبات متعددة"، مضيفة أن "الولايات المتحدة تشن حرباً تجارية وتنتهك القواعد المنظمة للسوق، وهي لا تلحق الضرر بمصالح الشعبين الصيني والأميركي فحسب بل بالعالم".

وتتجه واشنطن وبكين، فيما يبدو، نحو صراع تجاري مفتوح بعدما فشلت عدة جولات من المحادثات في معالجة شكاوى أميركية بشأن السياسات الصناعية الصينية وصعوبة دخول السوق الصينية وعجز تجاري أميركي قيمته 375 مليار دولار.

إلى ذلك، قال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، إن مكتبه يُعد الرسوم المقترحة التي ستخضع لعملية قانونية مماثلة للرسوم السابقة، بحيث تُطرح لفترة من النقاش العام وعقد جلسات استماع عامة وبعض المراجعات. ولم يذكر متى سيجري الكشف عن القائمة المستهدفة الجديدة.

وكان ترامب قال يوم الجمعة إنه سيمضي قدماً في فرض رسوم نسبتها 25% على منتجات صينية قيمتها 50 مليار دولار، ما دفع بكين إلى الرد بإجراء مماثل.

يُطبق بعض تلك الرسوم اعتباراً من 6 يوليو/تموز، فيما من المتوقع أن يعلن البيت الأبيض عن قيود على استثمارات الشركات الصينية في الولايات المتحدة بحلول 30 يونيو/حزيران.

وقال ترامب: "من الواضح أن الصين ليست لديها النية لتغيير ممارساتها غير المنصفة فيما يتعلق بالاستحواذ على حقوق الملكية الفكرية والتكنولوجيا الأميركية. وبدلاً من أن تغير تلك الممارسات راحت تهدد الشركات والعمال والمزارعين الأميركيين الذين لم يرتكبوا أي خطأ".



وأضاف أنه إذا زادت الصين رسومها مجدداً رداً على أحدث تحرك أميركي "فسنقابل ذلك الإجراء بالسعي لفرض رسوم إضافية على سلع قيمتها 200 مليار دولار".

وأشار ترامب في الوقت ذاته إلى أن لديه "علاقة ممتازة" مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وأنهما "سيواصلان العمل معاً بشأن العديد من القضايا". لكنه أضاف أن "الولايات المتحدة لن تُستغل بعد ذلك في التجارة من قبل الصين أو أي دولة أخرى في العالم".


هبوط النفط والأسهم والدولار

هبطت أسعار النفط نحو 1% اليوم الثلاثاء مع تصاعد الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين ليقود لهبوط حاد في العديد من الأسواق العالمية. كما تأثر الخام بتوقعات بأن ترفع أوبك وحليفها الرئيسي روسيا الإنتاج تدريجياً.

وأدى تبادل الولايات المتحدة والصين التهديد بفرض رسوم عقابية على صادرات كل منهما بما قد يشمل إمدادات النفط، إلى الضغط على أسواق الأسهم.

وسجل برنت 74.69 دولاراً للبرميل في الساعة 06:46 بتوقيت غرينتش، منخفضاً 65 سنتاً بما يعادل 0.9% عن أحدث إغلاق.


وسجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 65.24 دولاراً، بانخفاض 61 سنتاً أو 0.9%.

ويتابع تجار النفط عن كثب تهديد الصين بالرد على الرسوم الأميركية بفرض رسوم 25% على واردات النفط الخام الأميركي، والتي تسجل ارتفاعاً منذ 2017 لتصل لنحو مليار دولار شهرياً.

وبدأت منظمة أوبك ومجموعة من المنتجين المستقلين من بينهم روسيا، خفض إمدادات النفط لدعم الأسعار في 2017.

وإثر زيادة كبيرة في أسعار الخام من أقل من 30 دولاراً عام 2016، تجتمع أوبك وحلفاؤها في الـ22 من الشهر الجاري في فيينا لمناقشة سياسة الإنتاج في المستقبل.

وفي البورصات، هوت الأسهم اليابانية إلى أقل مستوى في أسبوعين ونصف الأسبوع اليوم الثلاثاء، وتكبدت أكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية في 3 أشهر إثر هبوط حاد للأسهم الصينية وسط تصاعد للخلافات التجارية العالمية.

وأغلق المؤشر نيكي القياسي على هبوط 1.8% مسجلاً 22278.48 نقطة، وهو أقل مستوى له منذ 1 يونيو/ حزيران. ومُني المؤشر بأكبر خسارة يومية من حيث النسبة المئوية منذ مارس/ آذار. كما هبط المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.6% إلى 1743.92 نقطة.

وفي أوروبا، انخفضت الأسهم الأوروبية في التعاملات المبكرة اليوم الثلاثاء، في استمرار لعمليات البيع بسبب تصاعد إجراءات الحماية التجارية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، مع تصدر أسهم شركات السيارات والتعدين والتكنولوجيا للقطاعات الخاسرة.

انخفضت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأوروبية بين واحد و1.7% بحلول الساعة 08:25 بتوقيت غرينتش، بعدما حذر ترامب من أن واشنطن ستفرض رسوماً نسبتها 10% على سلع صينية بمئتي مليار دولار عقب قرار بكين زيادة الرسوم على سلع أميركية بخمسين مليار دولار.

وهبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.2% إلى أدنى مستوياته منذ 26 أبريل/ نيسان وتراجع مؤشر منطقة اليورو 1.4%. 

وسجل المؤشر داكس الألماني أسوأ خسارة ليتراجع 1.7%، علماً أن هذا المؤشر يزخر بعدد من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، والتي استهدفها ترامب على نحو جلي في خطاباته المتعلقة بالرسوم.

وتصدرت شركات صناعة السيارات قائمة الأسهم الهابطة مع تراجع أسهم دايملر وفولكسفاغن وبي.إم.دابليو بين 1.5 و2.7%.

وبلغ مؤشر قطاع السيارات أدنى مستوياته في 7 أشهر في الوقت الذي يضع فيه المتعاملون في اعتبارهم زيادة الرسوم في تقديرهم لأسعار الأسهم.

وانخفضت أسهم شركة أديداس للملابس الرياضية 1.98%، في الوقت الذي أثرت المخاوف بشأن وقف الوصول غير المقيد إلى الأسواق العالمية سلباً على أسهم شركات السلع الفاخرة كيرينغ وهيرميس وال.في.ام.اتش ومونكلير.

وكان سهم شركة سيمنس الصناعية العملاقة من بين أكبر الأسهم الهابطة على المؤشر ستوكس بجانب شركة صناعة الطائرات ايرباص.

وانخفضت أسهم التعدين 2.1% متأثرة بانخفاض أسعار النحاس ببورصة لندن بفعل تصاعد التوترات التجارية.

كذلك، هبط مؤشر قطاع التكنولوجيا 2.2% بعد أن بلغ أعلى مستوى في 17 عاماً يوم الجمعة.

وفي الولايات المتحدة، فتحت الأسهم الأميركية على انخفاض اليوم الثلاثاء، إذ نزل المؤشر داو جونز الصناعي 223.88 نقطة بما يعادل 0.90% ليفتح عند 24763.59 نقطة.

كما انخفض المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 21.74 نقطة أو 0.78% ليسجل 2752.01 نقطة، وهبط المؤشر ناسداك المجمع 88.55 نقطة أو 1.14% إلى 7658.47 نقطة. وعند المستويات الحالية يكون داو جونز قد محا جميع مكاسبه للعام الحالي.


وفي سوق القطع، انخفض الدولار مقابل الين الياباني والفرنك السويسري اليوم الثلاثاء، كما تراجع اليوان الصيني لأدنى مستوى في أكثر من 5 أشهر مقابل الدولار.

ويشتري المستثمرون العملات التي تعتبر ملاذا آمنا بما في ذلك الين الياباني الذي ارتفع 0.8% إلى 109.56 ينات للدولار، وهو أعلى مستوياته في أسبوع.

وتلقى الفرنك السويسري الذي يشهد طلباً في أوقات اضطراب السوق دعماً من التطورات ليرتفع 0.3% مقابل الدولار إلى 0.9918 فرنك.

والمتعاملون منقسمون بشأن ما إذا كان الخلاف سيؤثر على الدولار بشكل ملموس وما إذا كان أي تأثير سيساعد العملة الأميركية أم يضر بها.

واليوم ارتفع الدولار 0.2% مقابل سلة من العملات الرئيسية ليقترب مؤشره من أعلى مستوى في 7 أشهر عند 95.131.

ويقول محللون إن الحرب التجارية قد تفيد العملة الأميركية، لأن فرض رسوم على الواردات سيغذي التضخم في اقتصاد أميركي قوي بالفعل وسط دورة من الزيادة الحادة في أسعار الفائدة.

وتراجع اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار في أكثر من 5 أشهر اليوم الثلاثاء، في الوقت الذي تصاعدت حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

وفتح اليوان في السوق المحلية عند 6.4450 للدولار وتراجع إلى 6.4754 خلال التعاملات. وأغلق عند 6.4743 بحلول موعد الإقفال الرسمي للتداولات المحلية وهو أضعف مستوى إغلاق منذ 11 يناير/ كانون الثاني.

وإذا ختم اليوان تعاملاته في جلسة المساء عند نفس المستوى، فسيكون قد فقد نحو 0.6% مقابل الدولار في اليوم، وهو أسوأ أداء يومي له منذ 6 يناير/ كانون الثاني 2017.

ويقول متعاملون إن تنامي التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ومؤشرات على تباطؤ الاقتصاد الصيني وزيادة طلب الشركات على الدولار قد أثر سلبا على العملة الصينية.

(العربي الجديد، رويترز)

المساهمون