برلمان مصر يمرر موازنة مخالفة للدستور

برلمان مصر يمرر موازنة مخالفة للدستور

08 مايو 2018
المصريون يواجهون الغلاء ورمضان على الأبواب (Getty)
+ الخط -
وسط قاعة خاوية، وافق مجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، نهائياً، على الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة، وموازنات الهيئات العامة الاقتصادية، عن السنة المالية المنقضية (2016/2017)، من دون اكتمال النصاب القانوني اللازم للتصويت، متضمنة تعديلات جملتها 158.35 مليار جنيه، من دون العودة إلى البرلمان، وذلك بالمخالفة لنص المادة (127) من الدستور.

وادعى رئيس البرلمان، علي عبد العال، أن الحساب الختامي للموازنة "ليس به ثمة عوار دستوري، أو شبهة عدم الدستورية"، بدعوى أن هناك متطلبات في الموازنة العامة تمثل حالة من حالات الضرورة، وتبرر عدم عرضها على مجلس النواب. وادعى أن هناك أحكاماً للمحكمة الدستورية تتحدث عن حالات الضرورة، ومنها السياسة النقدية المتغيرة، والتي تتأثر بالسياسة النقدية المتغيرة عالمياً.

وأفاد الجهاز المركزي للمحاسبات (أكبر جهاز رقابي في البلاد)، في تقريره عن الحساب الختامي للموازنة، التي شهدت تحرير سعر صرف الجنيه في مقابل العملات الأجنبية، بأن الحكومة أدخلت تعديلات باعتمادات إضافية في المصروفات، من دون اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة في هذا الشأن، والتي تتطلب عرضها على مجلس النواب.

وكشف تقرير لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، عن زيادة قيمة التعديلات التي أجريت على المصروفات بنحو 158 ملياراً و351 مليون جنيه، وهو ما رفع جملة الاستخدامات إلى تريليون و414 ملياراً و512 مليون جنيه، استأثر منها باب "الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية" بجانبها الأكبر، بنسبة بلغت 45%، بقيمة 71 ملياراً و35 مليون جنيه، من جراء فقد العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها.

وأشار التقرير إلى أن التعديلات التي أجريت على باب "شراء الأصول غير المالية" (الاستثمارات) بلغت نحو 18.6% بقيمة 29 ملياراً و531 مليون جنيه، في حين بلغت التعديلات على باب "الفوائد" نسبة 15.5%، بقيمة بلغت نحو 24 ملياراً و496 مليون جنيه.

وبلغت التعديلات على باب سداد "القروض المحلية والأجنبية" نحو 11%، بقيمة 17 ملياراً و520 مليون جنيه، ثم باب "الأجور وتعويضات العاملين" بنسبة ضئيلة بلغت 4%، بقيمة 6 مليارات و205 ملايين جنيه. ولا تتفق هذه التعديلات على باب الأجور، مع سياسة تحسين الأوضاع المالية للعاملين، إذ انخفضت  القيمة بواقع الثلث عما كان عليه في موازنة السنة المالية (2015/2016)، بحسب اللجنة.

فيما طاولت الزيادات باب "المصروفات الأخرى" بقيمة 4 مليارات و883 مليون جنيه، ليصل إلى 62 ملياراً و983 مليون جنيه، وهو البند الخاص بالجهات ذات السطر الواحد (وزارة الدفاع - المحكمة الدستورية - الجهات القضائية - مجلس النواب)، بنسبة بلغت 3%، ثم باب "شراء السلع والخدمات" بقيمة 4 مليارات و279 مليون جنيه، بنسبة 2.7%، وأخيراً باب "حيازة الأصول المالية" بقيمة 100 مليون جنيه، بزيادة بلغت 0.02%.

وتابع تقرير اللجنة أن مصادر تمويل تلك الزيادات على المصروفات تمثلت في زيادة إيرادات الضرائب بنحو 48 ملياراً و641 مليون جنيه، لتغطية نحو 30.7% من محصلة التعديلات، وهو ما يمثل نحو 11.2% من اعتمادها الأصلي (المستهدف من الضرائب)، مع زيادة المنح بنحو 17 ملياراً و977 مليون جنيه، لتغطية نحو 11.3% من محصلة التعديلات، والتي مثلت نحو 812.3% من اعتمادها الأصلي.
كذلك شملت زيادة "الإيرادات الأخرى" بنحو 29 ملياراً و431 مليون جنيه، لتغطية ما يعادل 18.6% من محصلة التعديلات، ومثلت تلك الزيادة نحو 12.5% من اعتمادها الأصلي، وزيادة الاقتراض، وإصدار الأوراق المالية، بخلاف الأسهم، بنحو 62 ملياراً و301 مليون جنيه، لتغطية نحو 39.4% من محصلة التعديلات، وهو ما مثل نحو 10.8 % من اعتمادها الأصلي، البالغ 638 ملياراً و299 مليون جنيه.

وترتب على هذه التعديلات ارتفاع العجز النقدي المقدر للموازنة بنحو 305 مليارات و38 مليون جنيه، ليصل إلى نحو 349 ملياراً و719 مليون جنيه، بزيادة قدرها 44 ملياراً و681 مليون جنيه، بنسبة زيادة بلغت 14.6%، وازدياد العجز الكلي، المقدر بنحو 319 ملياراً و460 مليون جنيه، ليصل إلى 364 ملياراً و241 مليون جنيه، بزيادة قدرها 44 ملياراً و781 مليون جنيه، بنسبة زيادة بلغت 14%.
وأشار تقرير اللجنة إلى أن ارتفاع قيمة العجز النقدي الفعلي نتيجة عدم كفاية الإيرادات لمواجهة المصروفات "قلل من فرص الإنفاق على أنشطة الدولة المختلفة، ومن بينها الإنفاق على الاستثمار"، إضافة إلى زيادة الأعباء التي تتحملها الموازنة العامة للدولة كالأجور والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ، وهو الأمر الذي كان يتطلب اتخاذ إجراءات فعالة للحد من هذا التزايد.
وبلغ صافي الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي في 30/6/2017 نحو 3 تريليونات و309 مليارات و255 مليون جنيه، في مقابل نحو تريليونين و499 ملياراً و570 مليون جنيه في العام المالي السابق له (2015/2016)، بزيادة بلغت 809 مليارات و685 مليون جنيه، بمعدل بلغ 32.4%.

وأشار التقرير إلى أن صافي الدين العام الداخلي بلغ نحو 81% من صافي الدين العام الحكومي في 30/6/2017، في مقابل 91.4% في العام المالي السابق، بينما وصل الدين العام الحكومي الخارجي إلى نحو 624 ملياراً و615 مليون جنيه، في مقابل نحو 213 ملياراً و715 مليون جنيه في العام المالي السابق له، بزيادة بلغت نحو 410 مليارات و900 مليون جنيه، بمعدل زيادة بنحو 192.2%.

وبلغت جملة إيرادات الاستثمارات والفوائد التي حققتها الهيئات العامة الاقتصادية خلال السنة المالية المشار إليها نحو 9 مليارات و927 مليون جنيه، في مقابل نحو 7 مليارات و117 مليون جنيه خلال السنة المالية السابقة، بزيادة بلغت نسبتها نحو 39.4%.

ولفت تقرير اللجنة إلى أن قيمة الإيرادات التي حققتها الهيئة المصرية العامة للبترول بلغت نحو 4 مليارات و65 مليون جنيه، تمثل نحو 41% من جملة الإيرادات التي حققتها الهيئات، تليها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بقيمة مليار و647 مليون جنيه، بنسبة بلغت 16.6%، ثم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بقيمة مليار و606 ملايين جنيه، بنسبة بلغت 16.1%.

وطالبت اللجنة النيابية بإعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الموازنة العامة للدولة والدولة، وذلك بتحمل الموازنة العامة حجم الدعم الحقيقي الناتج من الفرق بين التكلفة الحقيقية لتوفير المنتجات البترولية، وبين أسعار المنتجات التي تحددها الهيئة من دون تحملها عجز النشاط الجاري بالهيئة، وإعادة النظر في الاتفاقيات الخاصة بأسعار شراء الزيت والغاز من الشركاء الأجانب في حالة التغييرات الجادة في الأسعار.
وأوصت اللجنة بإجراء دراسة جدوى الاستثمار في المساهمة في رؤوس أموال الشركات التي تحقق خسائر، ولا تحقق عوائد، إلى جانب تحصيل المديونيات المستحقة للهيئة لتدعيم الهيكل المالي، وبحث ودراسة المتوقف منها، واتخاذ الإجراءات الواجبة لتحصيلها، وتكوين المخصصات اللازمة لمقابلة الديون المشكوك في تحصيلها.

كذلك أوصت بتشكيل البرلمان لجنة لتقصي حقائق الأوضاع المالية والإدارية والاقتصادية، في إطار القواعد المحددة بلائحته الداخلية، وإحالة الملاحظات التي وردت بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن نتائج فحصه لموازنة هيئة الأوقاف، والمتضمنة اختفاء مبلغ قيمته نحو 4 مليارات و522 مليون جنيه طرف أحد عملاء الهيئة، إلى هيئة النيابة الإدارية لإعمال شؤونها تجاه هذا الأمر، وإبلاغ النيابة العامة إذا ما انطوى على جريمة جنائية.

كما أوصت اللجنة بحصر أراضي الهيئة التي ثبت الاستيلاء عليها بغير وجه حق، واستردادها بكافة الطرق القانونية، ودراسة السلبيات التي أدت إلى الاستيلاء عليها، واقتراح الحلول للحيلولة من دون تكرارها، وحصر جميع أراضي ومخازن وعقارات وأطيان الهيئة غير المستغلة بالتنسيق مع اللجنة الوزارية المعنية بحصر أصول الدولة، وإعداد قاعدة بيانات وتقييم مالي لها، ووضع تصور لكيفية الاستغلال الأمثل لتلك الأصول.

المساهمون