تونس تستنجد بالأجانب لإنعاش قطاع العقارات

تونس تستنجد بالأجانب لإنعاش قطاع العقارات

14 مايو 2018
الركود يلاحق قطاع البناء في تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يبحث سوق العقارات في تونس عن فتح منافذ جديدة على السوق الخارجية، عبر تسهيل تمليك العقارات للأجانب، بهدف إنعاش القطاع وجذب الاستثمارات للبلاد.

ويقدم مستثمرو العقارات نماذج عديدة لدول فتحت باب التمليك للأجانب، على غرار تركيا والمغرب، مؤكدين أن المستثمرين يعتبرون حق التملك ضمانة مهمة لدخول السوق التونسية.

ويحث المستثمرون، الحكومة، على الإسراع في إصدار النصوص القانونية التي تسمح بتمليك العقارات للأجانب، وفقا لما ينص عليه الفصل الخامس من قانون الاستثمار، فيما تؤكد مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أن النصوص القانونية في لمساتها الأخيرة وستصدر قريبا.

وتقول المادة الخامسة من قانون الاستثمار الصادر في سبتمبر/أيلول 2016 أن المستثمر حرّ في امتلاك العقارات غير الفلاحية واستغلالها لإنجاز عمليات استثمار مباشر، مع مراعاة شروط مجلة التهيئة الترابية والتعمير والضوابط القانونية.

وتخطط تونس لفتح الأبواب أمام الوافدين لتملك العقارات، في خطوة يقول خبراء اقتصاد إنها ستنقذ القطاع من أزمته المزمنة، وستزيد إيرادات الجباية (الضرائب) والعملة الصعبة.

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن تمليك الأجانب، ولا سيما المستثمرين، خطوة مهمة لتنمية الاقتصاد، مشيرا إلى أن الشراء سيتم بالعملة الصعبة، وهو مكسب مهم لخزينة الدولة التي تشكو صعوبة كبيرة في تنويع مصادر البلاد من النقد الأجنبي في المدة الأخيرة.

وأضاف الشكندالي أن الحكومة مطالبة بتوفير الأرضية القانونية وتنفيذ كل مواد قانون الاستثمار، بعد أكثر من سنتين من صدوره، مشيرا إلى أن قطاع التطوير العقاري من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، نظرا لارتباطه الوثيق بما لا يقل عن 20 قطاعا أخرى ذات طاقة تشغيلية عالية.

ويشدّد الخبير الاقتصادي رضا شكندالي على أهمية قطاع التطوير العقاري الذي تتعافى معه كل القطاعات في حال تحقيقه نتائج إيجابية.

ويساهم القطاع العقاري بنحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتمثل استثمارات البناء والتشييد وحدها قرابة 14% من السوق، أي ما يعادل حجم الاستثمارات في قطاع الصناعة.

ويتراوح سعر المتر المربع الواحد في العاصمة تونس والمحافظات الكبرى ما بين 1400 و3500 دينارا (583 دولار و1450 دولارا) فيما يجمع أغلب المهنيين وخبراء العقارات على أنه لا يوجد أي مؤشر لتراجع الأسعار في المستقبل، ما يدفع نحو بحث حلول لصالح المشترين والاقتصاد، حفاظا على قطاعات توفر الرزق لأكثر من مليون تونسي، حسب تقارير رسمية.
ويناقش مستثمرو العقارات، على هامش صالون مختص ينتظم في تونس هذه الأيام، الحلول القانونية الممكنة لإنعاش المبيعات التي يقول بعضهم إنها لم تتجاوز العشرات، منذ بداية العام الحالي، رغم توفر رصيد من الشقق يناهز 300 ألف شقة بأحجام ومواصفات متنوعة.

ويقول الخبير القانوني جعفر الربعاوي إن التوجه الحمائي الذي سلكه المشرع التونسي في تمليك الأجانب، لاقى ولا يزال العديد من الانتقادات، لتعارضه مع القوانين والمواثيق الدولية التي تعتبر أن حق الملكية من بين أهم حقوق الإنسان الدولية.

وأضاف الربعاوي أن القيود الحمائية التي فرضها المشرع ساهمت في هروب المستثمرين الأجانب، وبالتالي تفويت فرصة استحداث مشاريع اقتصادية وتنموية في تونس هجرتها إلى بلدان شقيقة حققت الظروف الملائمة لهم، سواء من ناحية توفير العقارات لهم بأثمان جيدة أو من ناحية التسهيلات المالية والجبائية وإلغاء جميع الرخص الإدارية التي تمثل أكبر عائق يعاني منه المستثمر الأجنبي عند إنشاء مشروع اقتصادي في تونس.

ويشير الربعاوي إلى أن رخصة الوالي (المحافظ) التي يفرضها القانون للحصول على ترخيص لبيع عقار لأجنبي تتطلب وحدها 12 وثيقة، مثل شهادة الملكية ووعد البيع والمثال الهندسي وشهادة في صبغة الأرض، معتبرا أن الوقت قد حان لإلغاء هذه التعقيدات الإدارية من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية.

ويقول الخبير القانوني إنه رغم الخطوة الإيجابية التي قام بها المشرع التونسي في إطار خذف العراقيل والقيود الإدارية من أجل الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني، إلاّ أن الإشكال يبقى دائما في مسألة الإعفاء من الرخصة الإدارية بالنسبة للعمليات العقارية السكنية، خصوصا أن آلاف الأجانب يرغبون في اقتناء مساكن والاستقرار في البلاد التونسية بعد إحالتهم إلى التقاعد.

ومع ذلك، يقول الربعاوي إن الإقدام على هذه الخطوة لا يخلو من مخاطر تتعلق أساسا بتدني المقدرة الشرائية للمواطن التونسي وانخفاض قيمة العملة التونسية بالمقارنة مع العملة الأجنبية، وهو ما سيتسبب في ارتفاع أسعار العقارات والمضاربة العقارية.

وتعتمد تونس على إنعاش العديد من القطاعات، وأبرزها العقارات، من أجل المساهمة في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تراجع الاحتياطي وزيادة الديون.

وأشارت وزارة المالية، في تقرير سابق، إلى أن قيمة الديون الإجمالية الواجب على الدولة دفعها شهريا لا تقل عن 664 مليون دينار، تعادل 271 مليون دولار.

دلالات