قطر: إصلاحات واسعة لحماية العمالة الوافدة

قطر: إصلاحات واسعة لحماية العمالة الوافدة

30 ابريل 2018
تشريعات أقرتها دولة قطر لحماية العمال الوافدين (فرانس برس)
+ الخط -
تخطو دولة قطر خطوات واسعة في طريق حماية العمالة الوافدة وصون كامل حقوقها، وتوفير الحماية القانونية الأساسية، وأجرت الحكومة القطرية إصلاحات عمالية واسعة، شملت إلغاء وتعديل عدد من القوانين والتشريعات، منها قانون الكفالة، الذي كان يجبر أكثر من مليوني وافد يعملون في قطر وأغلبهم من الآسيويين، على طلب موافقة صاحب العمل على تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد، واستبدلته بنظام العقود.

وألغى مجلس إدارة منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إجراءات دعوى تقدم بها 11 عاملا ضد قطر بتهمة انتهاك حقوقهم الأساسية، كما صوّت المجلس لمصلحة تأييد برنامج التعاون التقني بين المنظمة وقطر.

كما وقعت المنظمة اتفاقاً للتعاون الفني بين دولة قطر ومنظمة العمل الدولية لثلاث سنوات، تلتزم بموجبه قطر بمواءمة قوانين المنظمة ومعايير العمل الدولية، والمبادئ والحقوق الأساسية في العمل.

وقد افتتحت منظمة العمل الدولية أمس الأحد، مكتبا لها في الدوحة، واعتبر نائب المدير العام لمنظمة العمل الدولية موسى أومارو، أن افتتاح هذا المكتب دليل على التزام دولة قطر بحماية حقوق العمال.

في السياق، أشاد وزير التكوين المهني والتشغيل التونسي، فوزي عبدالرحمن، في تصريح سابق، بالأجواء التي توفرها دولة قطر للعمال الوافدين، قائلاً، إن المناخ الإجرائي والقانوني في دولة قطر يبعث على الفخر، مشيراً إلى "الترسانة الكاملة والمتكاملة من القوانين والتشريعات، التي تحمي العمالة الأجنبية الموجودة على أراضيها وحقوقها".


وأوضح وزير التخطيط التنموي والإحصاء القطري، صالح بن محمد النابت، أن دولة قطر استقبلت خلال السنوات العشر الماضية أعداداً متزايدة من العمالة الوافدة التي يتجاوز عددها حالياً مليوني عامل، والذين يأتون من مختلف دول العالم، ويعملون في مختلف قطاعات الدولة الإنتاجية منها والخدمية، ويعيشون في جو من التعاون والتآزر مع المواطنين ويتمتعون بجميع الحقوق التي أقرتها التشريعات القطرية ويلتزمون بواجباتهم".

ولفت إلى أن الموارد البشرية القطرية لا تكفي لتلبية احتياجات خطط التنمية الطموحة في البلاد، وبالتالي فإن الدولة تحرص على استقدام الأيادي العاملة بالأعداد والمستويات والتخصصات التي تتطلبها تلك الخطط. ويرتبط بقاء العمالة، وبالأخص غير الماهرة، بعدد المشاريع التي قدموا من أجل المساهمة في تنفيذها وباستمرار الحاجة إلى التخصصات المختلفة، وعندما يعودون إلى أوطانهم حاملين معهم موارد وخيرات وخبرات تساعدهم على تحسين ظروفهم المعيشية وتساهم في تنمية بلادهم الأصلية.

وأظهرت نتائج مسح القوى العاملة بالعينة للربع الثالث 2017 الذي نفّذته وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، أن عدد المشاركين في القوى العاملة ارتفع إلى 2.048 مليون عامل، بلغت نسبة الذكور منهم 86.4٪ مقابل 13.6٪ للإناث.


وبلغ عدد السكان غير النشيطين اقتصادياً 281 ألفاً بارتفاع نسبته 10.1% عن الربع السابق، وبلغ عدد المُشتغلين بأجر في السوق القطري 1.04 مليون شخص، ووصل متوسط الأجر الشهري للمشتغلين بأجر إلى 10729 ريالاً قطرياً.

وبلغ عدد الباحثين عن عمل في قطر بحسب تعريف منظمة العمل الدولية 2854 شخصاً في الربع الثالث من العام 2017، حقق معدل البطالة 0.1%، وبلغ معدل البطالة للقطريين 0.4% بواقع 0.3% للذكور و0.7% للإناث. وسجلت أعلى معدلات بطالة لإجمالي المتعطلين في الفئة العمرية 15- 24 سنة، حيث بلغت 0.6%.

35 اتفاقية

من جانبه، أوضح وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية القطري، عيسى بن سعد الجفالي النعيمي، خلال اجتماع عقده مع السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية لدى قطر، أن الوزارة قامت بتوقيع 36 اتفاقية ثنائية و5 مذكرات تفاهم مع الدول المرسلة للعمالة، بهدف توفير الحماية القانونية الأساسية للعمالة الوافدة قبل استقدامها إلى دولة قطر.

وأكد أن الحكومة بصدد اتخاذ مزيد من الإجراءات الهامة في إطار دعم حقوق العمالة الوافدة، ومنها مشروع إنشاء صندوق لدعم العمالة بحيث يسمح هذا الصندوق بدفع الأجور المتأخرة للعمال في الحالات التي تتأخر جهات عملهم عن سدادها لأي سبب من الأسباب، والمشروع قيد الإجراءات التشريعية حاليا.


وأضاف أنه يجري حاليا أيضا الإعداد لوضع آلية لتطبيق الحد الأدنى لأجور العمال بالدولة، بما يراعي كفاية مستوى الأجور لتحقيق الاحتياجات الضرورية للعامل والعيش بمستوى إنساني مناسب.

وحول جهود قطر في تعزيز وضمان حقوق العمال من خلال التشريعات والقوانين، يقول المستشار القانوني، مهند العلي لـ"العربي الجديد" إنه استحدث القانون رقم واحد لسنة 2015 "نظام حماية الأجور" ومن خلاله يتم إلزام الشركات بتحويل رواتب جميع العمال لديهم عن طريق النظام إلى حساب العامل في إحدى المؤسسات المالية بالدولة، ومعاقبة الشركات التي تتأخر أو تمتنع عن دفع الرواتب، ويتجاوز إجمالي المستفيدين مليوني عامل، وبلغ عدد الشركات التي سجلت في النظام نحو 50 ألف شركة، وصدر في العام ذاته القانون رقم 21 الخاص بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، الذي منح الحرية للعامل في تغيير صاحب العمل، وأعطى للعامل الحرية في الخروج من الدولة.

أما في العام الماضي 2017، فقد صدر القانون رقم 15 المتعلق بالمستخدمين في المنازل، ويرى المستشار العلي، أن ذلك يضفي حماية قانونية على تلك الفئة وينظم العلاقة القانونية بين العامل المنزلي وصاحب العمل، من خلال تنظيم ساعات العمل والإجازات ومكافأة نهاية الخدمة وآلية تقديم الشكاوى وغيرها من الأحكام التي تضمنها القانون.

ولتبسيط إجراءات التقاضي على العامل في إطار حرص الدولة على تطوير الآليات التي تسهل على العامل الوافد سرعة استيفائه حقوقه، صدر القانون رقم 13 لسنة 2017 الذي أنشأ لجانا لفض المنازعات العمالية.

كما سمحت دولة قطر، ولأول مرة، للعمال بمن فيهم الوافدون بممارسة العمل النقابي، وتشكيل لجان عمالية مشتركة مع أصحاب العمل، الأمر الذي يشكل استجابة لمطالب المنظمات الحقوقية الدولية، التي كانت تطالب بحرية التمثيل النقابي للعمال.

وتتولى اللجنة المشتركة دراسة ومناقشة جميع القضايا المتعلقة بالعمل في المنشأة، ومنها تنظيم العمل، وسبل زيادة الإنتاج وتطويره والارتقاء بالإنتاجية، وبرامج تدريب العمال، ووسائل الوقاية من المخاطر وتحسين مستوى الالتزام بقواعد السلامة والصحة المهنية، وتنمية ثقافة العمال العامة.

عمال مونديال 2022

وجّه الكثير من الاتهامات غير الموثقة لدولة قطر تتعلق بأوضاع العمالة الوافدة التي تعمل في إقامة ملاعب ومنشآت بطولة كأس العالم التي تحتضنها قطر عام 2022.
وكانت أعلنت مجموعة العمل المشتركة بين الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب واللجنة العليا للمشاريع والإرث أن الاستادات التي ستستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم "قطر 2022" وأماكن إقامة العمال في مشاريع كأس العالم تحافظ تماما على المعايير الصارمة لرعاية العمال التي تم وضعها بالتشاور مع منظمات حقوقية، منها منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش.

جاء ذلك في تقرير أصدرته مجموعة العمل المشتركة مطلع فبراير/ شباط الماضي، حول نتائج عمليات التفتيش التي أجريت في مواقع أربعة من استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022.

 واجتمعت مجموعة العمل المشتركة، التي تشكلت عام 2016 في قطر، ست مرات خلال العام الماضي، وقامت بزيارات تفتيشية لأربعة من مشاريع الاستادات وأماكن إقامة العمال بها، وقدمت مجموعة العمل المشتركة توصيات لتحسين بعض جوانب ظروف العمل والمعيشة، مثل تحسين نظم التخزين لمعدات العمال، وتحسين إدارة السجلات الصحية، وضمان وجود عمليات ترجمة كافية، وتعمل اللجنة العليا حاليا على تفعيل جميع التوصيات الواردة في تقرير مجموعة العمل المشتركة.

كما ألقى التقرير الضوء على عدد من المجالات الإيجابية التي شملت العيادات الصحية المهنية ذات الكوادر الطبية الجيدة، ووحدة قطر للتوجيه السلوكي التي تعمل على تحسين الحوار بين العمال والمقاولين واللجنة العليا.

وأشاد التقرير بمنتدى رعاية العمال الذي أطلقته اللجنة العليا، لتشجيع العمال على التحدث بصراحة عن أي قضايا لديهم تتعلق بعملهم أو أماكن إقامتهم... كما أثنت مجموعة العمل المشتركة على المناقشات الصريحة والعادلة والمهمة التي تتم في منتديات رعاية العمال والتي تعتبر أساسية لإجراء المزيد من التحسينات على رعاية العمال.

ومن المقرر أن يستمر منتدى رعاية العمال كأولوية في عام 2018، حيث تقدم اللجنة العليا للمشاريع والإرث التدريب على المهارات الفنية والتقنية للعمال، بما في ذلك تحسين مهارات التواصل والقيادة... وسيشهد العام الجاري أيضا عمليات تفتيش بواسطة مجموعة العمل المشتركة لمواقع إضافية من مشاريع استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 وأماكن إقامة العمال.

المساهمون