عن المصري الذي لا يرحمه أحد

عن المصري الذي لا يرحمه أحد

17 ابريل 2018
حتى عربات البطاطا لم تفلت من الضرائب (العربي الجديد)
+ الخط -
ما الذي طلبه صندوق النقد الدولي من الحكومة المصرية ولم تنفذه أو لم تتم ترجمته في مشروع الموازنة الجديدة؟ ولماذا بات الصندوق والحكومة يتفقان على شيء واحد هو إدخال الحزن إلى قلوب المصريين والقذف بالمواطن في دوامة الغلاء والفقر والتضخم والبطالة؟

الحكومة لم تترك شاردة ولا واردة ولا طلباً ولا إملاء للصندوق إلا ونفذته عند إعدادها موازنة عام 2018 – 2019، التي حظيت بمباركة وبصمة وتوقيع الصندوق قبل عرضها على البرلمان، بل وربما تكون الحكومة بالغت في تلبية الطلبات، إذ لم تترك ثغرة قد ينفذ منها الصندوق لتعطيل صرف الشريحة الرابعة من قرضه البالغة قيمتها ملياري دولار والمقرر صرفها في شهر يونيو/ حزيران المقبل.

واللافت في الموازنة الجديدة أن الصندوق لم يطالب الحكومة مثلاً بترشيد الإنفاق العام ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي ومحاربة الفساد وملاحقة المحتكرين للسلع والخدمات ولصوص المال العام، ولم يطالب بزيادة الإنتاج والصادرات وإعادة تشغيل مئات المصانع المغلقة وتنشيط السياحة.

ولم يطالب الصندوق البرلمان مثلاً بعدم زيادة حوافز كبار المسؤولين بالدولة، أو التوقف عن سياسة منح مزيد من المزايا المالية للفئات المرضي عنها من قبل الدولة، ولم يطالب الصندوق كذلك بوقف مهزلة زيادة البرلمان رواتب الوزراء وكبار المسؤولين والمحافظين في الدولة، في بلد يعاني من أزمة مالية حادة.

ولم يطالب الصندوق الحكومة بوقف المشاريع القومية الكبرى التي لا تمثل قيمة مضافة للمجتمع والمواطن أو تحل أزمة اقتصاد مأزوم، بل طالب فقط برفع الأسعار وفرض مزيد من الضرائب، فكل ما يهم الصندوق هو استرداد أمواله وقروضه حتى ولو جاءت فقط من جيوب الغلابة والفقراء في مصر.

تعالوا أولاً نحدّد مطالب صندوق النقد الدولي من الحكومة المصرية ونطبقها على بنود الموازنة الجديدة، لنرى إلى أيّ حد نفذت الحكومة كل إملاءات الصندوق من دون الاعتراض حتى ولو على نقطة واحدة.

مطالب الصندوق

1- زيادة أسعار الوقود، بما في وقود الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مثل البنزين 80 والسولار وغاز الطهي "البوتاجاز".

2- زيادة فواتير المنافع العامة، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي ورسوم المرور على الطرق.

3- زيادة الرسوم الحكومية من تراخيص مرور واستخراج جوازات سفر وشهادات ميلاد ووفاة وزواج وطلاق وغيرها.

4- زيادة الضرائب، وهو ما شددت عليه بعثة الصندوق الفنية التي زارت مصر قبل أيام وبحثت ملفاً واحداً هو خطة الحكومة لزيادة الإيرادات الضريبية، كما طالب الصندوق الحكومة بالحد من الإعفاءات الضريبية في القوانين المختلفة.

5- زيادة أسعار السلع الجماهيرية، مثل السكر والشاي والزيوت والأرز والسجائر والتبغ والدواء.

6- زيادة سعر تذاكر المواصلات العامة، مثل مترو الأنفاق والقطارات وأتوبيسات النقل العام.

7- فرض ضرائب أو رسوم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما فيها عربات بيع الفول والبطاطا.

8- زيادة إيرادات ضريبة القيمة المضافة وتوسيع رقعة الخاضعين لها.


هذه أبرز مطالب الصندوق، فكيف تمت ترجمتها في الموازنة الجديدة؟

تعالوا نرى أبرز قرارات الحكومة التي تم اتخاذها عقب تحويل الموازنة الجديدة إلى البرلمان لتمريرها.

1- أعلن وزير الكهرباء المصري محمد شاكر، اليوم الثلاثاء، رفع أسعار شريحة الكهرباء للمنازل والمحلات التجارية في أول يوليو/ تموز المقبل، مؤكداً أن رفع الدعم نهائياً عن الكهرباء سيتم خلال الموازنة العامة في 2021.

2- خفّضت الحكومة الدعم المقدم للكهرباء بنسبة 47%، ليصل إلى 16 مليار جنيه مقابل 30 ملياراً في العام المالي الحالي 2017-2018.

3- إجراء خفض جديد في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، فقد بلغ سعر الدولار 17.25 جنيهاً في الموازنة الجديدة، مقابل 16 جنيهاً في موازنة العام الحالي، وهذا يعني رفع الدولار الجمركي والرسوم المفروضة على المستوردين.

4- زيادة أسعار المشتقات البترولية، إذ تم خفض الدعم المقدم للمواد البترولية من بنزين وسولار وغاز وغيره بنسبة 26% ليصل إلى 89.075 مليار جنيه في الموازنة الجديدة مقابل 120.926 ملياراً في عام 2017.

5- رفعت الحكومة إجمالي الإيرادات الضريبية المستهدفة في الموازنة الجديدة إلى 770.280 مليار جنيه، مقابل 624.198 ملياراً في 2017-2018، بزيادة 146 مليار جنيه مرة واحدة.

6- تبحث الحكومة حالياً إدخال تعديل على قانون الضرائب يتم من خلاله تقليص حجم الإعفاءات الضريبية الممنوحة لبعض الفئات وإضافة فئات أخرى.

7- زيادة الإيرادات الحكومية من ضريبة السجائر ومنتجات التبغ بنحو 7.072 مليارات جنيه في الموازنة الجديدة، لتصل قيمة الضرائب التي سيتم جمعها في العام المالي الجديد بنحو 58.524 مليار جنيه.

8- تستهدف الحكومة رفع إجمالي ضريبة القيمة المضافة في الموازنة الجديدة إلى 320.148 مليار جنيه، مقابل 255.039 ملياراً متوقعة في عام 2017-2018، بزيادة 65 مليار جنيه، وهذا يعني توسع الحكومة في إخضاع مزيد من الشرائح لهذه الضريبة.

9- موافقة البرلمان على إصدار الأجهزة المحلية في المحافظات تراخيص مؤقتة لعربات المأكولات في الشوارع، مقابل رسوم قيمتها 10 آلاف جنيه سنوياً تسدد نقداً.

10- فرض رسوم على سيارات بيع المأكولات الجاهزة والحلويات والورش والمحلات الصغيرة وبعض الأنشطة والتجمعات التجارية في أحياء العاصمة القاهرة والمحافظات.

هذه مطالب الصندوق وتلك ترجمة الحكومة لها في بنود الموازنة، وبعد ذلك يغضبون عندما يقال إن سياسة مصر الاقتصادية والمالية يتم رسمها في واشنطن، حيث مقر صندوق النقد الدولي، ويتم تنفيذها بعد ذلك من قبل الحكومة وبإشراف مباشر من ممثل الصندوق المقيم في القاهرة.

المساهمون