روسيا أكبر الخاسرين من المواجهة المحتملة في سورية

روسيا أكبر الخاسرين من المواجهة العسكرية المحتملة في سورية

12 ابريل 2018
ضغط أميركي متزايد على بوتين (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن تصبح روسيا أكبر الخاسرين مالياً ونقدياً من احتمالات مواجهة عسكرية بينها وبين الولايات المتحدة على الأراضي السورية. وحتى الآن ارتفعت مخاطر الديون الروسية ونسبة التأمين عليها في أسواق المال العالمية إلى أعلى مستوياتها، كما خسر أثرياء روسيا جزءاً كبيراً من ثرواتهم خلال الأسبوع. 

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد حذّر روسيا، في الأسبوع الحالي، من عمل عسكري وشيك في سورية، بسبب ما يشتبه في أنه هجوم بالغاز من قبل النظام السوري على مدينة الدوما القريبة من دمشق. وأعلن أن "الصواريخ قادمة"، وانتقد موسكو لمساندتها نظام بشار الأسد.

ويتوقع محللون، وسط هذه التوترات، أن تتواصل خسائر الروبل الروسي مقابل الدولار، الذي تراجع منذ بداية الأسبوع الجاري، حيث انخفض الروبل الروسي، أمس الأربعاء، إلى أدنى مستوياته منذ نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016. 

وتدهور سعر صرف العملة الروسية ليصل إلى 65 روبلاً مقابل العملة الأميركية، ويمثل ذلك انخفاضاً بنسبة 11% منذ بداية الأسبوع عن مستوياته قبل الحظر وإعلان المواجهة العسكرية في روسيا.

وترى صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن تدهور العملة الروسية سيتواصل، وربما يصل إلى أسوأ مستوياته منذ عام 1999. 

وقال رئيس وحدة تحليل الأسواق العالمية في شركة "أم يو أف جي ـ MUFG" اليابانية، ديريك مولبيني، "إن العملة الروسية تتجه نحو أدنى مستوياتها". وأضاف مولبيني، في تصريحات نقلتها قناة "سي إن بي سي" الأميركية، أن الحكومة الروسية ربما تضطر إلى بيع المزيد من الدولار من احتياطاتها الأجنبية لدعم الروبل.


وعلى صعيد أدوات المال الأخرى، ارتفعت مخاطر الائتمان على الديون الروسية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2013، لتصل إلى 34%، يوم الأربعاء، بسبب المواجهة العسكرية المحتملة بين أميركا وروسيا في سورية.
يضاف إلى عامل المواجهة العسكرية المحتملة على روسيا، الحظر الأميركي الأخير الذي فرضته واشنطن على أثرياء مقربين من الكرملين، وخسر أثرياء الروس بسبب هذا الحظر، خلال الأسبوع الجاري، حوالى 16 مليار دولار من ثرواتهم.

وقبل أيام، أقرت وزارة المالية الأميركية عقوبات على 7 أثرياء روس و12 شركة، إضافة إلى 17 من كبار المسؤولين الحكوميين.

وكشف مؤشر "بلومبيرغ" لأثرياء العالم، أن جميع كبار رجال الأعمال في روسيا، وعددهم 27 شخصاً، باستثناء شخص واحد، فقدوا 16 مليار دولار، يوم الإثنين، بقيادة فلاديمير بوتين، صاحب ثاني أكبر شركة لإنتاج معدن النيكل في العالم هي "نورليسك نيكل"، الذي فقد 2.25 مليار دولار، حيث تراجعت ثروته إلى 16.7 مليار دولار. وردت روسيا بأنها ستتخذ إجراءات انتقامية ضد أميركا، كما تراجعت ثروة فيكتور فيكسيلبير بمقدار 1.28 مليار دولار، حيث يعد واحدا من ضمن الأسماء التي شملتها العقوبات.

ووسط التوتر الجيوسياسي الذي ربما يكون خطيراً على مستقبل السلم العالمي، ابتعد المستثمرون عن تمويل أدوات الدين الروسية.

وفي لندن، ارتفعت مخاطر الائتمان على الديون الروسية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2013، لتصل إلى 34% يوم الأربعاء، بسبب المواجهة العسكرية المحتملة بين أميركا وروسيا في سورية.

وبحسب تقرير مصرفي، قفز تأمين الديون السيادية الروسية إلى 162 نقطة، الأربعاء، وهو المستوى الأعلى، منذ أغسطس/آب الماضي. وهذا سيعني أن الشركات الروسية ستجد صعوبة في الحصول على دولارات من أسواق المال العالمية لتمويل ديونها التي أخذتها بالدولار واليورو في سنوات "العسل" مع الدول الغربية.

وقال أحد مديري صناديق الاستثمار في فرانكفورت، بحسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ، إن مخاطر المواجهة العسكرية الروسية ستترك تداعياتها على الأسواق لمدة طويلة.

وكان البنك المركزي الروسي قد أوقف مشتريات النقد الأجنبي، الأربعاء، أملاً في وقف التدهور المتواصل في العملة الروسية، كما ألغت وزارة المالية الروسية مزاد السندات الأسبوعي، وهو ما يحدث لأول مرة منذ عام 2015، حينما انهارت أسعار النفط العالمية إلى مستويات دنيا بسبب إغراق منظمة أوبك الأسواق بالنفط، أملاً في اغتيال ثورة النفط الصخري في أميركا.

وقالت وزارة المالية الروسية، في بيان، الأربعاء، إن مزاد السندات الحكومية سيعود عندما تستقر الأسواق.

وفي بورصة موسكو، انخفض مؤشر "آر تي أس ـ RTS" للأسهم المقومة بالدولار، بنسبة 0.67% إلى 1083.53 نقطة. 

وتتخوف العديد من الشركات من تداعيات المواجهة على أعمالها التجارية. ومن المتوقع، حسب قول محللين، أن تكون هناك هجمة كبيرة من قبل المواطنين والشركات على شراء العملات الأجنبية، خاصة الدولار واليورو، وذلك في إطار مخاوفهم على تآكل ثرواتهم بسبب تدهور سعر صرف الروبل، إذا تواصلت المواجهة العسكرية بين موسكو وواشنطن.

وعلى صعيد أسواق الطاقة، ظلت أسواق النفط متوترة، اليوم الخميس، وسط مخاوف من تصعيد عسكري في سورية، على الرغم من أن الأسعار ظلت دون المستوى المرتفع الذي سجلته الأربعاء، وهو الأعلى منذ أواخر 2014، في الوقت الذي تؤثر وفرة الإمدادات الأميركية سلباً في السوق.

ويقول متعاملون إن النزاعات التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين أبقت على حالة القلق في الأسواق. ولكن يلاحظ أن آمال تسوية النزاع التجاري الأميركي الصيني باتت كبيرة، خاصة وسط التوتر بين واشنطن وموسكو.

وبحسب محللين، لا ترغب واشنطن في توحيد القرار الروسي الصيني، وبالتالي يشيرون إلى إمكان حدوث مرونة من قبل واشنطن تجاه المقترحات الصينية بتسوية قضايا التعرفة الجمركية، مقابل فتح أسواق الصين أمام قطاع الخدمات الأميركي. لكن لا تزال المخاوف الحالية من النزاع التجاري تؤثر على السوق النفطي.

وفي التعاملات الصباحية في لندن اليوم الخميس، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت إلى 72.14 دولاراً للبرميل، بزيادة 8 سنتات، أو ما يعادل 0.1%، بالمقارنة مع الإغلاق السابق. وبحسب رويترز، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 67.03 دولاراً، بزيادة 21 سنتاً، أو ما يعادل 0.3%، بالمقارنة مع سعر التسوية السابقة.
وبلغ خاما برنت وغرب تكساس الوسيط أعلى مستوياتهما منذ أواخر 2014، عند 73.09 دولاراً و67.45 دولاراً، أمس الأربعاء، على الترتيب، بعد أن قالت السعودية إنها اعترضت صواريخ فوق الرياض، وحذّر الرئيس الأميركي روسيا من تحرك عسكري وشيك في سورية. لكن لا تزال المخاوف الحالية من النزاع التجاري تؤثر على السوق النفطي.

وفي سوق المعادن، واصلت أسعار الألومنيوم الصعود، يوم الأربعاء، في سادس جلسة على التوالي من المكاسب، مسجلة أعلى مستوى في 11 أسبوعاً، مع استمرار المخاوف من نقص في الإمدادات، بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة روسال الروسية أحد أكبر منتجي المعدن في العالم.


في الوقت ذاته، بلغ الإنتاج الأميركي من النفط الخام، الأسبوع الماضي، مستوى قياسياً جديداً قدره 10.53 ملايين برميل يومياً، ليرتفع بمقدار الربع، مقارنة مع مستواه في منتصف 2016.

وهبطت بورصة وول ستريت، الأربعاء، حيث أنهى المؤشر "داو جونز الصناعي" جلسة الأربعاء منخفضاً 0.9% إلى 24189.45 نقطة، بينما تراجع المؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 0.55% ليغلق عند 2642.19 نقطة.

وفي طوكيو، انخفضت الأسهم اليابانية عند الإغلاق، اليوم الخميس، وحدّت التوترات السياسية من إقبال المستثمرين على المخاطر، في حين أبقت تقارير نتائج الأعمال قطاع التجزئة في دائرة الضوء.

لكن يلاحظ أن البورصات الأوروبية استفادت في تعاملات اليوم الخميس من بعض الصفقات، على الرغم من الاضطراب السياسي، حيث ارتفعت الأسهم الأوروبية في المعاملات المبكرة بدعم من نشاط جديد في إبرام الصفقات، بالرغم من استمرار حذر المستثمرين بسبب مخاوف التحرك العسكري الأميركي المحتمل في سورية.