3.6 مليارات دولار حجم التهرب الضريبي في سورية

3.6 مليارات دولار حجم التهرب الضريبي في سورية

15 مارس 2018
النظام الضريبي بسورية يعاني تشوّهاً كبيراً (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
قدرت مصادر سورية قيمة التهرب الضريبي في البلاد خلال العام الماضي 2017 بنحو 1700 مليار ليرة سورية (ما يعادل 3.61 مليارات دولار)، ووفقاً لما كشفه مصدر مطلع في دمشق لـ"العربي الجديد"، فإن التهرب الضريبي يعد السبب الأهم في تراجع موارد الخزينة العامة، وربما بنسبة أكثر مما سببها تراجع النفط الذي كان يساهم بنحو 24% من الناتج الإجمالي و25% من عائدات الموازنة، قبل عام 2011.

وبيّن المصدر أن النظام الضريبي بسورية يعاني تشوّهاً كبيراً، إذ لم تزد حصيلة الضرائب المباشرة ‏عن 35% من إجمالي الحصيلة الضريبية، مشيراً إلى أن الموظف السوري يدفع الحصة الأكبر من الضرائب، على رغم أن مساهمة القطاع الخاص بالناتج الإجمالي، لا تزيد عن 45% في حين أنها كانت قبل نشوب الحرب تقدر بنحو 76%.

وحسب المصدر فإن هناك مشروع قانون يتم تحضيره الآن في سورية، من شأنه تبسيط النظام الضريبي وتحسين كفاءة الإدارة الضريبية، فضلاً عن تخفيف العبء الضريبي عن الفقراء وأصحاب الدخول المتدنية، لأن تخفيض الضرائب برأيه وتوزيعها بشكل عادل، يزيد من التحصيل وليس العكس.

ويستمر التهرب الضريبي بسورية، وخاصة في ظل "الفوضى" وغياب القوانين، إذ بلغ حجم التهرب عام 2016 نحو 1750 مليار ليرة، وفقاً لما أكده أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق، رسلان خضور.

وقال خضور في تصريحات صحافية، إن النظام الضريبي في سورية يتسم بعدم الإنصاف والعدالة، لأن غالباً ما يتضرر منه أصحاب الأجور المحدودة، إذ أنّ العبء الضريبي عليهم ثقيل مقارنة بالشرائح الأخرى، كرجال الأعمال وأصحاب الثروات.

وأضاف أن حصة الرواتب والأجور في سورية تراوحت قبل الحرب، بين 30 إلى 35% من الدخل القومي، أما حالياً وحسب التقديرات الأولية، فإنها لا تعادل أكثر من 15%.

وكان البيان المالي لحكومة بشار الأسد، كشف خلال عرض موازنة 2018 والبالغة 3187 مليار ليرة (6.5 مليارات دولار)، أن نسبة إجمالي الضرائب والرسوم تبلغ 26.59% من إجمالي الإيرادات العامة، وتشكل الضرائب المباشرة 29.55% منها، بينما الرسوم المباشرة والضرائب غير المباشرة تتجاوز 70.45%.

واعتبر الاقتصادي السوري حسين جميل في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ليس من الدقة احتساب التهرب الضريبي وفق التكليف السابق، لأن الكثير من المنشآت توقفت عن الإنتاج وبعضها تراجع إنتاجها وتصديرها، وبالتالي تغيّرت هيكلية الضرائب الذي يُفرض معظمها على الأرباح.


وأضاف أن مجالات ضريبية كثيرة ظهرت لم تكن موجودة قبل الثورة، ربما أهمها الضرائب على التجار الذين يستوردون حتى الغذاء، إلا أن التآمر بين الجمارك وهؤلاء المتنفذين، هو من يفوّت على الخزينة، العائدات الضريبية الجديدة.

وحول مبلغ التهرب الهائل الذي كشفته مصادر "العربي الجديد"، اعتبر جميل من إسطنبول، أن "على رغم عدم علمي بكيفية احتساب هذا الرقم، لكني لا أستبعده في ظل غياب تشديد القبضة الضريبية، حتى قبل الثورة، إذ أعلن وزير المالية المعني بالتهرب الضريبي عام 2010، أن حجم التهرب 200 مليار ليرة سورية، وهذا المبلغ أكبر من المبلغ الحالي، وفق سعر صرف الدولار الذي لم يزد عام 2010 عن 50 ليرة، في حين يقترب من 500 ليرة اليوم".

ولفت الاقتصادي السوري إلى أن "حجم التهرب الضريبي يكفي لزيادة الرواتب والأجور، بنحو 200%، حتى ولو اعتمدنا أعداد الموظفين وكتلة الأجور وفق تصريحات حكومة الأسد، والتي تقول في سورية نحو 1.8 مليون موظف يتقاضون 900 مليار ليرة سنوياً".

ولم تزد حكومة الأسد الرواتب والأجور التي لا يزيد معدلها عن 30 ألف ليرة، على رغم الوعود المتكررة، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وفق دراسات حكومية، لنحو 180 ألف ليرة شهرياً وزيادة نسبة الفقر عن 80%.

وقال وزير المالية مأمون حمدان إنه لا يوجد سوى أسلوب واحد لتحسين الواقع المعيشي وهو زيادة الإنتاج، من خلال المعامل التي عادت للإنتاج وكانت متوقفة سابقاً، وعددها بالآلاف، وسيسدد أصحابها الضرائب في هذا العام.

وأضاف الوزير بحكومة الأسد قبل أيام، أن دور وزارة المالية تنفيذي، ولا علاقة لها في تحسين الواقع المعيشي، إذ أن تحسين الواقع المعيشي هو سياسة اقتصادية في البلد تحسم في مجلس الوزراء وجهات مختلفة حتى تصدر بصورتها النهائية، ومسؤولية وزارة المال تتمثل في إعداد الدراسات.

(الدولار= 470 ليرة سورية)