تحديات أمام قروض إعادة إعمار العراق

تحديات أمام قروض إعادة إعمار العراق

15 فبراير 2018
+ الخط -


قال مسؤول عراقي رفيع، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة قد تعتذر عن قبول القروض الدولية التي مُنحت لها خلال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، والذي انتهت أعماله أمس الأربعاء.

وكشف المسؤول أن مجموع المنح التي حصل عليها العراق هو 1.821 مليار دولار فقط، من أصل 30 مليار دولار تقريبا تم الإعلان عنها كحصيلة لمؤتمر الكويت الدولي لإعمار العراق.

وأشار المسؤول إلى أن المبلغ المتبقي الذي أعلن عنه عبارة عن قروض سيادية ميسرة للعراق، قد يتم رفضها بسبب عدم قدرة البلاد على تحمّل مزيد من الديون عليه، والتي بلغت، حتى نهاية العام الماضي، أكثر من 120 مليار دولار، مع التركيز على أنها ترتفع بسبب الفوائد الكبيرة على عدد منها، منذ حكومة نوري المالكي السابقة.

وقال المسؤول إن "حكومة حيدر العبادي كانت تأمل في منَح لا تقل عن 5 مليارات دولار لبدء حركة إعمار فعلية، لكنها لم تحصل إلا على 1.821 مليار دولار، بينما باقي التعهدات عبارة عن قروض من الدول المشاركة، وهذه القروض بالأساس كان العراق قادرا على الحصول عليها من دون تنظيم مؤتمر، بسبب وجود غطاء النفط لديه كضمان للسداد".


ولفت المسؤول إلى أن "العراق قد يقبل جزءا من تلك القروض، لكن من المستحيل أن يقبلها كلها، خاصة مع وجود توصيات من البنك الدولي للحكومة العراقية بعدم اقتراض المزيد من المبالغ، بسبب تضخم الديون الخارجية والمحلية لديه إلى معدلات قياسية، خلال السنوات الماضية، تجاوزت الـ120 مليار دولار"، معتبرا أن منح بعض الدول قروضا للعراق كقروض سيادية مؤذٍ على المدى المتوسط للعراق.

وختم بالقول إن "خبراء البنك المركزي العراقي أبلغوا العبادي بأن القروض الإضافية تعني تكبيل جديد للعراق بالديون، ستدفعه الأجيال القادمة. وطالب الخبراء من رئيس الوزراء التركيز على جانب الاستثمار، إلا أن اليوم الثاني من أعمال المؤتمر، والذي كان مخصصا للاستثمار، لم تنتج عنه أي نتائج طيبة بسبب مخاوف من بيئة الاستثمار في العراق والتهديدات الإرهابية والأمن الهش ومليشيات الحشد الشعبي والفساد المستشري في البلاد".

وأشار المسؤول إلى وجود خيبة أمل عامة في الأوساط السياسية والشعبية العراقية، رغم بذل الكويت جهودا كبيرة تُشكر عليها في جمع الدول وحثهم على مساعدة العراقيين.

كان وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، قد قال: "إذا قارنا ما حصلنا عليه بما نحتاجه، فإنه ليس سرا.. إنه بالطبع أقل كثيرا مما يحتاجه العراق... لكننا نعرف أننا لن نحصل على كل ما نريده"، مضيفا، في مؤتمر صحافي مشترك مع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، أول من أمس الأربعاء، أن "المبالغ المخصصة ستسهم في إعادة الإعمار، لكنها لن تسد الحاجة"، بينما وصف غوتيرس مؤتمر الكويت بأنه "نجاح هائل".

وحصل العراق على 30 مليار دولار تقريبا من الدول المشاركة في "مؤتمر الكويت الدولي لإعمار العراق"، حيث جاء أكثر من نصفها كقروض سيادية، في حين وصل مجموع الائتمانات غير السيادية إلى نحو 12 مليار دولار، إضافة إلى 1.821 مليار دولار عبارة عن منح ومساعدات.

وقال عضو البرلمان العراقي زانا سعيد، إن "الأموال التي حصل العراق عليها، أو التي وُعد بها، يجب أن توضع خطة لإدارتها، لكن الواقع يشير إلى أنه لا توجد هذه الخطة، أو على الأقل لم نطلع عليها، وهذه الأموال التي مُنحت أو أقرضت للعراق كانت بشروط من الدول المقرضة أو المانحة، تبدأ من القطاعات المستهدفة والمدن المحررة وتنتهي بالشركات التي ستنفذها".

وأضاف سعيد أن "الحكومة مطالبة بخطة سريعة وشفافة تُعرض على العلن كرسالة طمأنة للجميع".

من جانبه، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان، علي شكري، لـ "العربي الجديد"، إن "صندوق إعمار العراق سيتولى المهمة، فيما يتعلق بإعادة الإعمار. لكن السؤال الأهم: هل الحكومة قادرة على إدارة ذلك؟ في ظل اشتراطات فُرضت عليها من قبل هذه الدول، وهو ما نحتاج إلى توضيح له من قبل الحكومة".

وأشار شكري إلى أن "المرحلة المقبلة لما بعد مؤتمر الكويت، اختبار للعراق بالتأكيد، لكن كنا نأمل أن تكون هناك استثمارات وليس قروضا، مع ملاحظة أن تلك القروض ستقيد سيادة الدولة بالتأكيد".

ويقول الخبير السابق في البنك المركزي العراقي، محمد عدنان، إن "العراق بات دولة مثقلة بالديون، وقبوله ديونا أخرى يعني إصابته بحالة شلل كبيرة، من خلال ترتيب مبالغ سداد سنوية لصالح الدول والجهات التي تدينه، تصل إلى معدلات قياسية، ستؤثر على المستوى العام لاقتصاد الدولة وحياة الفرد".

وأضاف عدنان لـ"العربي الجديد"، في اتصال هاتفي من العاصمة الأردنية عمان، أنه "يمكن اعتبار حالة الإقراض طبيعية لو لم تكن هناك ديون كبيرة على العراق مترتبة عليه من حكومة نوري السابقة، لذا فإن القول بأن العراق سيرفضها كلها غير صحيح، كما أنه لن يقبلها كلها، بل ستكون هناك مفاوضات جانبية مع بعض الدول حولها، قد تفضي إلى قبول جزء منها".

وترى النائبة لقاء وردي، أن المشكلة ليست في الخطة، بل في آلية التنفيذ، وضمان عدم وجود هدر أو فساد. وتضيف وردي، لـ "العربي الجديد"، أن "الخوف من الهدر في عملية إدارة الأموال وآلية تنفيذ الإعمار، هي المشكلة، وليس وجود خطة من عدمه، فالخطة يمكن أن توضع وتُحدد بوقت قصير"، مؤكدة أن الأموال الممنوحة لا تسد أكثر من 6% من احتياجات المدن المدمرة، شمال وغرب العراق.

المساهمون