السودانيون يريدون السيولة ودعم الأسعار والتعليم ومحاربة الفساد

السودانيون يريدون السيولة ودعم الأسعار والتعليم ومحاربة الفساد

23 ديسمبر 2018
تظاهرات في عطبرة السودانية (تويتر)
+ الخط -
ألقت تداعيات الأزمة  المعيشية بظلالها على الشارع السوداني، إذ انتقلت التحركات المطلبية بين المدن وصولاً إلى العاصمة الخرطوم. ولم تشفع محاولات الإصلاح التي بدأتها الحكومة منذ ثلاثة أشهر، إذ تفاقمت المشكلات الحياتية منذ بداية العام الحالي متأثرة برفع قيمة الدولار الجمركي من 6 جنيهات إلى 18 جنيهاً، ما أدى إلى ارتفاع كبير بالأسعار برغم طمأنات الحكومة بعدم المساس بأكلاف السلع  الأساسية... فماذا يريد السودانيون؟

يقول التاجر السوداني عيسى النور، إنه لا مخرج من الأزمات القائمة إلا بمراجعة سياسة التحرير الاقتصادي  "التي أدخلت السودان في أزمة حقيقية، ولم يبق للمواطن سوى القيام بثورة الجياع، التي لن تتوقف إلى أن تتحقق المطالب  المقدور عليها ولكن الحكومة تتهاون في تحقيقها".

أما المواطنة ست النفر إبراهيم، فتؤكد أنه رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة منذ بداية العام الحالي، إلا أن عدم توافر السلع الأساسية مثل الخبز واللحوم والنقود والوقود، أثار حفيظة المواطنين ودفعهم إلى الخروج للشارع ضد سياسات النظام الحالي.

وتشرح أن الحلول بيد الحكومة، "ولن نصدق كل ما تقوله الحكومة بأن الأزمة عامة، فمن يمتلكون المال لا يقفون في طوابير الوقود والمخابز. وفي حين يعاني عدد كبير من الناس من أزمة السكن، نرى أن البنايات الشاهقة تزيد ارتفاعاً في الخرطوم. من أين لهم هذا، والناس تموت جوعاً".

بدوره، يشكو المصرفي علاء الدين محمود من مشكلة حقيقة تواجه المصارف بعدم وجود "كاش"، ويضيف: "بنك السودان يعلم جيداً أين تذهب الأموال، فليكشف عن ذلك". ويلفت إلى أن "بعض فروع البنوك أغلقت نوافذها في الخرطوم والولايات، وإذا أرادت الحكومة البقاء فترة أطول فعليها توفير السيولة".

ويطالب الموظف إسماعيل بشار الحكومة بدعم القطاع الصحي والتعليمي، عبر صدور قرارات فورية بمجانية التعليم والاستشفاء العام. واعتبر أن موازنة العام المقبل لم تتطرق إلى هذا الأمر، لا بل زادت من دعم القطاع العسكري بنحو 33 مليار جنيه، في حين حصل قطاعا الصحة والتعليم على 8 مليارات جنيه فقط.

ويدعو الأستاذ الجامعي محيي الدين الطيب، الحكومة إلى مراجعة نظام الحكم المركزي، الذي أعطى الولايات صلاحيات واسعة في فرض رسوم على الإنتاج والمنتجين، ما جعل أسعار السلع المحلي ترتفع، في حين يتدخل الوسطاء والسماسرة مع زيادة التحويلات إلى الولايات من المركز. ويقول إن المشكلة الأساسية تتمثل في عدم المحاسبة، ما جعل الفساد يستشري في النفوس ويعم كل البلاد، لذلك فإن تفعيل قانون "من أين لك هذا" محوري خلال الفترة الحالية.

إلى الطالب محمد إبراهيم الدسوقي، الذي يدعو الحكومة إلى مراجعة سياسة تحرير العملة التي خلقت فوضى عارمة، إضافة إلى إعادة إحياء الجمعيات التعاونية لتوفير السلع الأساسية بأسعار مدعومة، بدلاً من أسواق البيع المخفض البعيدة عن المستهلكين ما يزيد من إنفاقهم على المواصلات، وليست ذات فائدة لكون الأسعار فيها تقل بنسب زهيدة عن تلك السائدة.

ويعتبر المهندس علاء الدين بشير أنه من المحزن أن تدعي دعم الوقود، وفي الوقت ذاته توقف استيراد السيارات الجديدة، وترفع الرسوم على استيراد قطع غيار السيارات، ما يعني زيادة استهلاك الوقود بسبب تهالك السيارات التي يستخدمها المواطن.

ويضيف أن المشكلة الأخرى هي قيمة الدولار الجمركي، الذي ارتفع كثيراً. ورغم مقترحات هيئة الجمارك بمراجعة ذلك في الموازنة الجديدة، إلا أن الحكومة أهملت الأمر. ويشدد على أن أيّ إصلاح للوضع يقوم على خفض قيمة الدولار الجمركي على كافة السلع.

وتقول سليمة إسحاق وهي ربة منزل: "نحن لا نريد من الحكومة تصريحات إعلامية، بل نريدها أن تخفض من غلاء المعيشة، وأن توفّر الدقيق في المخابز، وغاز الطبخ والوقود بأسعار في متناول أيدي المواطنين".

وتلفت إلى أن الموظفين يعانون في سبيل توفير لقمة العيش، لأن رواتبهم ضعيفة لا تغطي حاجاتهم، ولذلك يلجؤون إلى السلف التي تُحسم من رواتبهم. وتتابع: "إذا رفعت الحكومة المرتبات وتضاعفت الأسعار تبقى الزيادة بلا فائدة، لذا أدعو الحكومة إلى توفير المتطلبات الأساسية لنا، من صحة وتعليم وأكل وشرب بأسعار مناسبة، لا نريد أكثر من ذلك".

الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية محمد فضل السيد، يشدد على أنه يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات فورية بوقف صادر البنزين إلى إثيوبيا الذي يقدر بنحو 45 ألف طن، لضخه في السوق المحلية.

ويضيف: "كذا يجب على الحكومة الاعتراف علناً للمواطن بأنها فشلت في إدارة الاقتصاد السوداني، وأن تفتح حواراً تشارك فيه كل القوى المجتمعية، مع الأخذ في الاعتبار إيجاد حلول جذرية لمعالجة الأزمات".