هل يكون ديسمبر هو الأسوأ للأسهم الأميركية؟

هل يكون ديسمبر 2018 هو الأسوأ للأسهم الأميركية منذ الكساد الكبير؟

22 ديسمبر 2018
المستثمرون يستعدون لمزيد من انخفاضات الأسهم في 2019 (Getty)
+ الخط -
على وقع المفاوضات المتعثرة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، من أجل الوصول إلى فاتورة إنفاق حكومي جديدة، تشمل المبلغ الذي يطلبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتمويل بناء جدار على الحدود الأميركية المكسيكية لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، أكملت أسواق الأسهم الأميركية يوم الجمعة مسلسل انخفاض الأسعار، في الطريق إلى ما يتوقع المحللون أن يكون أسوأ شهر ديسمبر منذ أزمة الكساد الكبير أوائل ثلاثينيات القرن الماضي. 

ورغم توجه مؤشرات الأسهم الرئيسية للارتفاع في بداية تعاملات آخر أيام الأسبوع قبل عطلة عيد الميلاد، إلا أنها ما لبثت أن عاودت الهبوط، بعد تأكيد ترامب رفضه أي فاتورة إنفاق لا تتضمن التمويل المطلوب لبناء الجدار.

وأضيف موقف ترامب المتشدد إلى المخاوف التي سيطرت على أسواق المال الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة، على خلفية استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، وعلى رأسهم الصين، الأمر الذي تسبّب في ظهور علامات تؤكد اقتراب الاقتصاد الأميركي من ركود، وفقاً للعديد من المحللين في أكبر البنوك وشركات الاستثمار الأميركية، كما صندوق النقد الدولي.

وبعد رفع بنك الاحتياط الفيدرالي معدلات الفائدة للمرة الرابعة خلال العام الحالي 2018، وأزمة فاتورة الإنفاق الحكومي التي تسببت في اقتراب الحكومة الأميركية من الإغلاق الجزئي، وصل انخفاض مؤشر اس آند بي 500 خلال ديسمبر/ كانون الأول الجاري حتى الآن، وقبل الأسبوع الأخير من العام، الذي يتميز عادة بهدوء التعاملات، إلى ما يقرب من 10%، وهي أعلى نسبة انخفاض لهذا الشهر، الذي يسيطر عليه عادة التفاؤل لتزامنه مع احتفالات عيد الميلاد، منذ ديسمبر/ كانون الأول 1931، وقت أزمة الكساد العالمي الكبير.

ومع نهاية الأسبوع، الذي يعد الأسوأ للمؤشر منذ عام 2011، وصل الانخفاض في قيمته خلال 2018 إلى حوالي 8%، ليكون العام الحالي هو أيضاً الأسوأ، حتى الآن، منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وبعد انتهاء تأثير الحزم المالية التحفيزية التي أقرّها ترامب وفريقه الاقتصادي، ممثلةً في زيادة إنفاق حكومي وإعفاءات ضريبية هي الأضخم منذ عقود، ازدادت التوقعات بقرب انتهاء أطول انتعاش اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي تحول عن آرائه السابقة، المصرّة على عدم انتهاء التوجه الصعودي للأسهم الأميركية، يقول مارك هايفيلي، مسؤول الاستثمار العالمي في بنك "يو بي إس" العملاق، إنه "يتعين على المستثمرين الاستعداد للمزيد من تلك الانخفاضات خلال العام المقبل 2019، إذ بدأت الأسواق في ترقب نهاية الدورة الاقتصادية".

ومن ناحية أخرى، ضاعف من إحساس المستثمرين السلبي بالأسواق تزامن الأداء السيئ لمؤشر "اس آند بي 500" مع وصول الانخفاض في مؤشر ناسداك، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، إلى نسبة 22% من أعلى مستوى وصل إليه في أغسطس/ آب من العام الحالي، وهو ما يعني دخوله نطاق "السوق الهابط"، الذي يعتمده المحللون بعد انخفاض أي مؤشر أو سهم بنسبة تتجاوز عشرين في المائة. 

وقادت أسهم فيسبوك وآبل وغوغل مؤشر ناسداك للانخفاض خلال الربع الأخير من العام الحالي، بعد أن شعر المستثمرون بالقلق، على خلفية انخفاض توقعات النمو فيها، كما سوء الإدارة الذي استدعى فرض بعض القيود والتنظيمات الجديدة عليها، خاصة في ما يتعلق بأمن وخصوصية بيانات المستخدمين فيها. 

وأثناء مشاركته في برنامج على قناة "سي إن بي سي" المختصة بالأخبار الاقتصادية، لتحليل توجهات الأسهم، ومحاولة استشراف تحركاتها المستقبلية، عبر الخبير الاقتصادي المصري الأميركي محمد العريان عن دهشته من كثرة الأحاديث في الفترة الأخيرة عن دخول الاقتصاد الأميركي في ركود.

وقال العريان: "من الصعب جداً الدخول في ركود عندما تكون سوق العمل بهذه القوة، ومعدلات الأجور آخذة في الارتفاع، وإنفاق الشركات الاستثماري في تصاعد، كما الإنفاق الحكومي".

وحذّر العريان من كثرة الكلام عن الركود، لأن كثرة الكلام في هذا الاتجاه، في رأيه، قد تدفع الاقتصاد بالفعل للدخول في ركود، "وهي النقطة التي تتحول فيها الفنيات السيئة إلى اقتصادات سيئة". وأكد العريان أنه لكي تدخل الولايات المتحدة في ركود، يتعيّن أولاً أن "تتباطأ الاقتصادات الأخرى بصورة واضحة".

وعلى نحوٍ متصل، أغلقت الحكومة الأميركية رسمياً أبواب ما يقرب من ربع مكاتبها التنفيذية مع حلول الدقائق الأولى من يوم السبت، بعد اتفاق المشرعين في مجلس الشيوخ على تأجيل التصويت على ما أقرّه مجلس النواب من فاتورة إنفاق حكومي جديدة، تشمل التمويل اللازم لبناء الجدار، لحين الوصول إلى اتفاق بين البيت الأبيض وقادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو ما يعني أن أعضاء مجلس الشيوخ، كما مجلس النواب، سيضطرون إلى تأجيل سفرهم للاحتفال بعطلة عيد الميلاد إلى ما بعد منتصف يوم السبت، على أقل تقدير.

ومن المفترض أن تدور المفاوضات حول سبع من فواتير الإنفاق للحكومة الأميركية للشهور التسعة المقبلة. ويأتي من ضمن الفواتير السبع ما يخص الإنفاق على إدارة الأمن القومي، وتشمل بالتأكيد الإنفاق على بناء الجدار الذي يطلبه ترامب.

ويطلب ترامب توفير مبلغ يدور حول خمسة مليارات من الدولارات، بينما لم يتجاوز أفضل رقم تم الاتفاق عليه بين المشرعين الأميركيين مبلغ 1.6 مليار دولار، ورغم أن ترامب لا يبدو مستعداً للتنازل عن طلباته، على الأقل حتى صباح السبت بتوقيت واشنطن، إلا أن إغلاق الحكومة، الذي يعد الثالث هذا العام، لا يُتوقع أن يستمر طويلاً!

المساهمون