الرخيص القاتل... لحوم "مشبوهة" تتسلّل إلى أسواق مصر

الرخيص القاتل... لحوم "مشبوهة" تتسلّل إلى أسواق مصر

16 ديسمبر 2018
من يضمن للمصريين سلامة اللحوم المستهلكة؟ (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مسؤولة في وزارة الزراعة لـ"العربي الجديد"، أن اللحوم الرخيصة التي اكتسحت السوق المصرية في الآونة الأخيرة، مُصابة بالأمراض المنتشرة بين الحيوانات، بخاصة آفات فصل الشتاء.

المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، قالت إن هناك عمليات تهريب للحوم الحية من بقر وجاموس، مُصابة بالحمى القلاعية تدخل إلى مصر، التي استقبلت نحو 8 آلاف رأس خلال الأشهر الأخيرة.

كما استُوردَت لحوم أخرى مذبوحة غير صالحة بالاتفاق بين مسؤولي المحاجر واللجان البيطرية المشرفة على عمليات الاستيراد، والمستوردين ورجال أعمال، من دول موبوءة بمرض الحمى القلاعية، مثل أستراليا والبرازيل والأوروغواي والباراغواي، وعدد من الدول الأفريقية، من بينها إثيوبيا والسودان، وفقاً لتأكيد المصادر.

ووفق المعلومات الخاصة، فإن ما يحدث يمثل خللاً في عدم تشديد الرقابة على الحيوانات المستوردة، حيّةً كانت أم مذبوحة، وإصابة بعض هذه الحيوانات بعدد من الأمراض الممنوع استيرادها، خصوصاً أن هناك رؤوس ماشية وصلت بالفعل إلى عدد من المجازر وتم ذبح عدد منها وإعدام عدد آخر لإصابتها بعدة أمراض أخرى غير "القلاعية" التي من بينها الحويصلات الدودية والسل الموضعي والحويصلات المائية، نتيجة حقنها بمواد هرمونية لزيادة أوزانها.

نفي حكومي يناقض الواقع

وفيما تعم الفوضى الأسواق، تنفي وزارة الزراعة دخول أي شحنات مُصابة من الخارج، مطالبةً الجهات المسؤولة في مديريات الطب البيطري بتحصين كافة أنواع المواشي من الأمراض، بخاصة التي تنتشر في فصل الشتاء.

كما طالبت بإعدام أي مواش تظهر عليها الأمراض، زاعمة أنها تقوم بتشديد عمليات الرقابة والفحص والمتابعة بكافة المنافذ والمناطق الحجرية، وعدم السماح بدخول أي حيوانات مُصابة بأي أمراض، أو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي قد تضر بصحة المواطنين.

يأتي هذا النفي رغم مصادرة مباحث التموين أكثر من 6 ملايين طن من اللحوم في محافظات الصعيد، بني سويف وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، من عدد من الجزارين، وبيّن الكشف البيطري أنها مصابة بمرض الجلد العقدي، وتُباع بأسعار زهيدة وذبحها قبل نفوقها، وتم طلاؤها بمادة حمراء تشبه أختام المجازر.

محسوبيات في وزارة الزراعة

المصادر أشارت، أيضاً، إلى فساد ومحسوبية تسود وزارة الزراعة، لا سيما داخل الهيئة العامة للخدمات البيطرية المسؤولة عن صحة الحيوان.

ووصلت المحسوبية إلى تشكيل لجان بيطرية مشرفة على استيراد الحيوانات من الخارج، تسافر على حساب عدد من المستوردين للكشف على الحيوانات المستوردة في بلد المنشأ قبل استيرادها، من أجل التغاضي عن أي أمراض تحملها تلك الحيوانات. أما المقابل فهو "إكراميات كبيرة" وتهميش بقية الأطباء من أصحاب "الضمائر اليقظة".

ووصل الأمر إلى مطالبة جهات في الخارج بأسماء معينة للكشف على الحيوانات الموجودة لديها، وهو ما يشي بعدم وجود فرص متكافئة للأطباء البيطريين في السفر إلى الخارج بمهمات العمل الرسمية.

حملات تحصين بدون جدوى

عضو مجلس النواب، البدري ضيف، فضَح قيام عدد من التجار بذبح المواشي المريضة بالحمى القلاعية، ثم بيعها للمستهلكين بشكل مخالف للقوانين.

وحذّر، في طلب إحاطة، من أن هذا المرض يهدد الثروة الحيوانية وحياة المواطنين، مطالباً بضرورة تشديد الرقابة على المجازر والأسواق، ومنوهاً بأن حملات التحصين التي تُجرى للحيوانات أصبحت من دون جدوى، بسبب وجود أمصال ولقاحات فاسدة تُباع على مسمع ومرأى من الجميع.

كما أشار إلى أن القضاء على "مرض الحيوانات" الذي أصبح مستشرياً فى مصر يعني الحفاظ على الثروة الحيوانية، والحد من الخسائر الاقتصادية والمالية، مشدداً على ضرورة الوقوف على سلبيات التحصين التي كانت سبباً في زيادة شيوع المرض وتدمير الثروة الحيوانية.

التصدّي لمافيا الاستيراد

ضيف طالب، كذلك، بضرورة مواجهة "مافيا" استيراد اللحوم، لافتاً إلى أن "منظمة الصحة العالمية" تؤكد حق كل دولة في عدم استيراد المواشي من دول فيها أمراض وأوبئة تصيب الحيوانات، بخاصة مرض "الحمى القلاعية".

أما عضو مجلس النواب، عبدالكريم زكريا، فقد طالب بضرورة مكافحة دخول اللحوم غير الصالحة، بغض النظر عمّا إذا كانت حية أو مذبوحة، مشدداً على ضرورة فصل الهيئة العامة للخدمات البيطرية عن وزارة الزراعة وجعلها هيئة مستقلة، كي تقوم بدورها الحيوي في مراقبة السلع الغذائية المستوردة، بما فيها اللحوم.

وحذر زكريا من خطورة تناول اللحوم المصابة على الصحة العامة للمواطنين، لأنها تؤدي إلى أمراض خبيثة وغاية في الخطورة.

دلالات

المساهمون