سوق القزدارة... من أبرز معالم طرابلس القديمة
سوق القزدارة الليبي، هو الشارع البسيط الذي تملأه نغمات طقطقة يمكن أن تسير على خطاها ببطء وبسرعة يحددها صانع القدور وأهلّة المساجد والأواني النحاسية والفضية.
شارع يحذرك من إدخال التقنية الحديثة، التي قد تفقد شيئاً من تلك الروح الجمالية التي تغرسها يد الفنان، التي تصنع مقتنيات خاصة تتسم بالأصالة، وما تتميز به من تشكيل المادّة ببراعة وإتقان.
إنه ذلك الشارع الذي يقع في المدينة القديمة بطرابلس، حيث يمارس فيه الحرفيون عملهم خلف أسوار البلدة القديمة، وتحديداً في ورش داخل سوق القزدارة، الذي ينتجون فيه مشغولاتهم اليدوية المختلفة من النحاس والقصدير والذهب والفضة.
صانع النحاس أكرم السعودي، ينتج في ورشته أنواعاً مختلفة من الأطباق المزينة بنقوش محفورة باليد، وهو أحد أفراد آخر أسرة تحترف هذه الحرفة، فقد بدأت بالتلاشي بسبب سوء الأوضاع.
السعودي يقول إن مبيعاته تراجعت كثيراً، إذ بات الطلب يقتصر على المستهلك المحلي، بعدما كانت غالبية زبائنه من الزوار الأجانب، فضلاً عن أسباب أخرى.
السوق لا يزال يستقبل زبائنه اليوم، رغم الظروف الصعبة التي يعانيها الحرفيون العاملون فيه، وهو من أبرز واجهات ومعالم المدينة القديمة، ففيه توجد التحف والأواني والسُفر والأطقم النحاسية والفضية.
لكن هذا السوق العريق الذي يعود تاريخه إلى العهد العثماني، مهدّد اليوم بالزوال، ولا سيما بعد تغيير العديد من محالّه طبيعة نشاطها التقليدي إلى بيع العملة الأكثر ربحاً، وهجران أصحابها تلك الحرفة اليدوية، وتركها لعدد قليل من المحالّ التي ما زالت تقاوم الظروف الصعبة.
عائلة النحايسي تُعدّ من العائلات التي توارث أبناؤها هذه الحرفة، وقد سرد ابنها عادل بعض تلك الصعوبات، مشيراً إلى أن أهمها عدم الاهتمام الحكومي بتشجيع أصحاب هذه الحرف بتقديم التسهيلات اللازمة، وكذلك ارتفاع أسعار الموادّ الخام.
عوامل كثيرة يشكو منها الحرفيون هنا، ويناشدون الدولة وضع الحلول لها، قبل أن تندثر هذه الحرف ويتجه القائمون عليها إلى ممارسة نشاطات أخرى.
ظروف كثيرة هي تلك التي تحيط بأصحاب هذه المهن. إلا أن قليلاً منهم لا يزال يجتهد للإبقاء على هذه الحرفة، لعل الجهات المعنية تستشعر الخطر الذي يهدد مستقبلها.
