السعودية تُسرح 1.36 مليون أجنبي وتُعين 40 ألف مواطن

السعودية تُسرح 1.36 مليون أجنبي وتُعين 40 ألف مواطن مع انحسار التشغيل

06 نوفمبر 2018
المملكة فرضت رسوماً مرتفعة على الوافدين(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

 

تصاعدت وتيرة تسريح العمالة الوافدة في السعودية، في مؤشر على تزايد الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد، وارتباك معظم القطاعات الإنتاجية والتجارية والخدمية في الدولة التي أنهكها الإنفاق العسكري المتزايد وتكلفة على الحرب ضد الحوثيين في اليمن، والدخول في صراعات إقليمية أضرت بالاستثمار والمشروعات.

وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (حكومية)، أمس الإثنين، تسريح نحو 1.36 مليون موظف أجنبي من القطاع الخاص فقط خلال 21 شهرا، وذلك منذ مطلع العام الماضي، حتى نهاية سبتمبر/ أيلول من العام الجاري 2018.

ويعد تأمين العمالة الأجنبية إلزاميا في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ويسجل لدى المؤسسة جميع العاملين في القطاع الخاص من مواطنين وأجانب.

ووفق البيانات التي أوردتها وكالة الأناضول، تراجع عدد الموظفين الأجانب إلى 7.13 ملايين فرد، بنهاية سبتمبر/ أيلول 2018، مقابل 8.49 ملايين في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2016.

وتظهر الأرقام أن ما تم تسريحه فقط خلال الربع الثالث من العام الجاري (من يوليو/ تموز إلى نهاية سبتمبر/ أيلول) يصل إلى نحو 260 ألف عامل أجنبي، حيث كانت البيانات السابقة الصادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تشير إلى مغادرة 1.1 مليون عامل أجنبي منذ بداية 2017 حتى نهاية الربع الثاني من 2018.

وفي مقابل أرقام التسريح الكبيرة للأجانب، لم يسجل عدد الموظفين السعوديين زيادة سوى بنحو 40 ألفا في 21 شهراً، بعد أن صعد عددهم إلى 1.72 مليون شخص، مقابل 1.68 مليون في نهاية 2016.

وكانت الحكومة قد بررت إجراءات واسعة لتقليص أعداد العاملين الأجانب، بزيادة توطين الوظائف عبر تشغيل السعوديين في العديد من القطاعات الاقتصادية.

وقررت الحكومة التوسع في "سعودة" الاقتصاد كأحد أركان رؤية 2030 لولي العهد محمد بن سلمان، من خلال حصر العمل في عشرات المهن والحرف بعدد من القطاعات المهمة بالسعوديين من دون غيرهم من الجنسيات.

لكن وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأميركية ذكرت في تقرير لها، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن سياسات الحكومة في التوطين العشوائي للمهن البسيطة تسببت في حدوث كوارث في السوق، وكذلك بالنسبة للوافدين.

ورغم التشدد في توطين الوظائف، لم تنجح السعودية في مساعي خفض بطالة السعوديين كنسبة من إجمالي قوة العمل. ووفقاً لتقرير حديث أصدرته الهيئة العامة للإحصاء، فإن معدل البطالة بين السعوديين استقر عند 12.9% في الربع الثاني من 2018، وهي النسبة نفسها في الربع الأول، بينما كانت في نهاية الربع الأخير من 2017 نحو 12.8%، فيما ذكر عضو مجلس الشورى فهد بن جمعة، في تصريحات صحافية أخيرا، أن نسبة البطالة الحقيقية تصل إلى 34%.

ومنذ العام الماضي، فرضت المملكة تحديات متصاعدة على العمالة الأجنبية، تمثلت بإقرار رسوم إقامة مرتفعة عليهم وعلى أفراد أسرهم، ومنعهم من العمل في عدة قطاعات رئيسية، علاوة على موجة ارتفاع أسعار السلع والوقود وإيجارات العقارات التي شهدتها البلاد، بسبب سلسلة ضرائب جديدة أقرتها المملكة.

وتسطر الإجراءات الإلزامية لتوطين الوظائف فصلا جديداً من الخسائر للشركات الكبرى في السعودية، بينما رصدت تقارير دولية اضطرار شركات كبرى إلى إغلاق مئات الفروع في المملكة جراء الخسائر التي تكبدتها نتيجة "السعودة" وتسريح مئات آلاف العمالة الأجنبية، فضلا عن تراجع القدرات الشرائية للكثير من السعوديين وتغير أنماط الاستهلاك، ما قلص من حجم السوق.

ووفق تقرير لوكالة رويترز في سبتمبر/ أيلول الماضي، أغلقت شركة الحكير أكثر من 200 متجر على مدار 12 شهراً حتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي، بينما تعتزم إغلاق 55 متجراً آخر في السنة المالية الحالية، وفق ما نقلته الوكالة عن مصدر مطلع على خطط الشركة.

كما أغلقت مجموعة صافولا للمواد الغذائية وتجارة التجزئة نحو 9 متاجر في الربع الثاني. كما تراجعت مبيعات شركة المراعي من شرائح الخبز 8% في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة مع الفترة المقابلة من العام 2017، متأثرة برحيل الوافدين.

وأحاطت الإخفاقات بالمشروعات والخطط الاقتصادية الرئيسية، التي أدرجها بن سلمان ضمن رؤية 2030، التي روج لها على أنها مستقبل السعودية، ما دعا مؤسسات مالية وبحثية عالمية إلى تبني مواقف أكثر تشاؤمية لمستقبل المملكة في ظل الفشل المتتالي على الصعيد الاقتصادي واستنزاف موارد الدولة.

وأكدت وكالة بلومبيرغ في تقرير لها في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أن الحكومة السعودية قامت بمراجعة خطة بن سلمان الاقتصادية وإجراء تعديلات عليها، ما أدى إلى خفض بعض الأهداف، حيث تصطدم طموحات ولي العهد بواقع التنفيذ.

وحسب التقرير، فإن الأهداف المخفّضة تعتبر مؤشراً على أن أجزاءً من الخطة الأصلية كانت متفائلة بشكل مفرط. وتوضح التعديلات الجديدة حجم التحديات التي تواجه ولي العهد، الذي تضاءلت سمعته بعد اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، وفقاً للتقرير.

المساهمون