النفط يحيّر المستثمرين...إلى أين تتجه الأسعار خلال 2018؟

النفط يحيّر المستثمرين...إلى أين تتجه الأسعار خلال الفترة المقبلة؟

11 نوفمبر 2018
محطة وقود في أميركا (Getty)
+ الخط -

بعد أن استهلت العام الجاري بسعر 66 دولاراً لخام برنت، ارتفعت أسعار النفط لتصل إلى 86 دولاراً في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم بعدها شهدت انخفاضاً حاداً لتصل يوم الجمعة إلى أقل من 70 دولاراً للبرميل.

وهذا يعني انخفاض الأسعار بنسبة 20% خلال شهر واحد. وهذا الاضطراب الشديد في أسعار النفط يحير المستثمرين ويثير العديد من المخاوف، وهو ما يطرح السؤال: إلى أين تتجه أسعار النفط خلال العام الجاري وفي السنوات المقبلة؟

تتفاوت تقديرات خبراء النفط والمستثمرين حول توجهات أسعار النفط، فبينما يرى خبراء طاقة، أن الأسعار ستستقر حول مستويات 70 دولاراً للبرميل خلال ما تبقى من العام الجاري، يقول آخرون إنها سترتفع في المتوسط إلى 80 دولاراً.

وفي مقابل هذه التوقعات، هنالك شبه إجماع أن أسعار النفط سترتفع في العام المقبل 2019 وستدخل العقد المقبل تحت وطأة نقص كبير في الإمدادات.

في هذا الصدد، قال خبير الطاقة في مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، مايكل ديل فيغنا، "إن نقصاً سيطرأ على الإمدادات النفطية، لأن الشركات الكبرى لا تستثمر بما فيه الكفاية في إنتاج النفط".

وأضاف في لقاء مع قناة "سي إن بي سي"، مساء الجمعة، "السوق تشهد دورة انقلاب في الطاقة... الشركات الكبرى تتحول من الاستثمار في إنتاج النفط نحو الغاز الطبيعي"، مشيراً إلى أن شركات الطاقة الكبرى في العالم بما فيه الأوروبية، بدأت تفهم أن المستثمرين في أسهمها يهتمون بالبيئة، وعليها أن تقلل استثماراتها في النفط وتزيد منها في الغاز". 


من جانبها، ترى مجموعة "سيتي غروب" المصرفية، أن النفط سيرتفع بسبب قوة الطلب من المصافي في شهري نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري وشهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وذلك على الرغم من الاستثناءات التي منحتها أميركا ولمدة 6 أشهر لثماني دول من بين 9 دول مستوردة للنفط الإيراني، ومن بين هذه الدول الهند والصين واليابان وتركيا.

لكن ذلك الطلب الذي تشير إليه المجموعة يعتمد على درجة انخفاض الحرارة في الدول الرئيسية المستهلكة للنفط، مثل أميركا وأوروبا واليابان والصين.

أما خبير الطاقة في مصرف "باركليز" البريطاني، مايكل كوهين، فيرى أن أسعار النفط ستستقر حول 72 دولاراً خلال العام المقبل. ولكن النفط سلعة سياسية مهمة واقتصادية في آن معاً، وبالتالي فهي شديدة التأثر بالمناخ الجيوسياسي المضطرب حاليا في المنطقة العربية وإيران وفنزويلا والعديد من دول الإنتاج الرئيسية. ومن هنا فمن الصعب قراءة السوق بناء على معادلات الطلب والعرض وحدها.

يضاف إلى العوامل التي ترجح ارتفاع أسعار النفط احتمال خفض منظمة "أوبك" وروسيا لسقف الإنتاج النفطي بحوالى مليون برميل يومياً. وحسب رويترز، قال وزير النفط العماني، محمد بن حمد الرمحي، أمس الأحد، إن غالبية أعضاء أوبك ومصدري النفط الحلفاء للمنظمة يدعمون خفض المعروض العالمي من الخام.

وقال الوزير عندما سئل عن الحاجة إلى خفض الإمدادات "العديدون منا يرون هذا". وأجاب على سؤال إن كان الخفض قد يصل إلى 500 ألف أو مليون برميل يومياً قائلا: "أعتقد أن من غير المنصف أن أعطي أرقاما في الوقت الحالي".

وكان الوزير العماني يتحدث في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث تجتمع لجنة مراقبة سوق النفط بحضور السعودية وروسيا، أكبر مصدرين للنفط الخام في العالم. 


وعلى صعيد العوامل التي دفعت أسعار النفط إلى الانخفاض، خلال الفترة الماضية، فيشير الخبراء إلى 5 عوامل رئيسية، وهي: المخاوف من ركود الاقتصاد الصيني بسبب الحرب التجارية مع أميركا، وكذلك توجس المستثمرين من حدوث "تصحيح مؤلم" في أسواق المال، وعودة الدولار إلى الارتفاع بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، بسبب توقعات ارتفاع سعر الفائدة الأميركية، وعادة ما تنخفض أسعار النفط حينما يرتفع سعر صرف الدولار.

أما العاملان الآخران فهما زيادة إمدادات "أوبك" وروسيا والنفط الصخري والإعفاءات التي منحتها أميركا للدول المستوردة للنفط الإيراني. وهذه العوامل لا تشجع المستثمرين على المضاربة على أسعار العقود المستقبلية تحسباً للمخاطر.

يذكر أن الدول الكبرى المنتجة للنفط تعقد اجتماعاً في أبوظبي لدراسة إمكان العودة إلى الحد من إنتاج الخام، بينما يثير تراجع الأسعار حالياً مخاوف من انهيارها، كما حدث في عام 2014.

إلى ذلك، قالت كايلين بيرش، المحللة في مجموعة "إيكونوميست إنتليجنس يونيت"، لوكالة "فرانس برس"، "إن التراجع الأخير في أسعار النفط ناجم خصوصاً عن انخفاض الطلب في الصين، أكبر دولة مستوردة للذهب الأسود، مع تباطؤ النمو الذي تشهده".

من جهة أخرى، تبيّن أن العقوبات الأميركية على إيران، التي كانت تهدد بخفض العرض العالمي من النفط وبالتالي زيادة الأسعار، أقل قسوة مما كان متوقعاً.

وتحسباً للعقوبات الأميركية، قامت موسكو والرياض، وهما اثنتان من أكبر ثلاث دول منتجة للنفط في العالم، بتعديل الاتفاق حول الحد من الإنتاج، لتتمكنا من استخراج كميات أكبر والتعويض عن خفض الصادرات النفطية الإيرانية.

ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2016، تطبّق دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وأكبرها السعودية، ودول أخرى منتجة للنفط غير أعضاء في المنظمة، اتفاقا لخفض إنتاج الذهب الأسود.

المساهمون