خلافات داخل الإدارة الأميركية حول تشديد الحظر الإيراني


خلافات داخل الإدارة الأميركية حول تشديد الحظر على النفط الإيراني

01 نوفمبر 2018
ناقلات نفط إيرانية (Getty)
+ الخط -


حتى الآن تبدو الولايات المتحدة مترددة حول مدى التشديد في تطبيق الحظر على النفط الإيراني، على الرغم من التصريحات التي أطلقها مسؤولون أميركيون خلال الشهور الماضية وتغريدات الرئيس دونالد ترامب التي كانت تؤكد دائماً على تضييق الخناق على صادرات الخامات الإيرانية وعدم إعطاء الدول استثناءات مثلما حدث في فترات الحظر السابقة.

وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن التردد داخل الإدارة الأميركية يعود إلى رؤية مسؤولين ماليين بوزارة الخزانة بشأن مضار تشديد الحظر في الوقت الراهن على استراتيجية أميركا بشأن التفاوض مع إيران مستقبلاً حول اتفاق جديد، وكذلك توجد مخاوف من تداعيات التشديد على نتائج الحزب الجمهوري في انتخابات الكونغرس.

في هذا الصدد، نسبت الصحيفة المالية الأميركية إشارة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، إلى أن بلاده ربما لا تجبر شبكة "سويفت" للتحويلات المالية على عزل المصارف الإيرانية من النظام المالي العالمي. كما أبلغ الوزير بعض الدول الأجنبية بأن واشنطن ربما لن تكون متشددة في تطبيق الحظر النفطي. 

ولكن في مقابل التساهل الذي تبدية الخزانة الأميركية، فهنالك صقور في الإدارة الأميركية يريدون تطبيق أقصى العقوبات الممكنة على إيران. من بين هؤلاء مستشار الأمن القومي جون بولتون، المقرب من ترامب.

وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، يشير مسؤولو الخزانة إلى أن التساهل في تطبيق الحظر على النفط الإيراني سيفيد الولايات المتحدة على عدة جبهات. من بين هذه الجبهات، كسب ود دول الاتحاد الأوروبي التي تعارض انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي منذ البداية وتعارض كذلك حظر نفط إيران.

واتفقت أوروبا مع إيران في نيويورك خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، على نظام تسوية خارج الدولار. ويري مسؤولو الخزانة أن كسب أوروبا مهم مستقبلاً لتوقيع اتفاق نووي جديد مع إيران يخضعها للشروط الأميركية.

أما العامل الثاني الذي تعول عليه وزارة الخزانة الأميركية، فهو منع أوروبا من إنشاء نظام بديل لنظام التحويلات العالمي "سويفت"، حيث إن أوروبا تمثل كتلة تجارية ضخمة، واليورو عملة معتبرة ومؤثرة في النظام النقدي العالمي، ويمكن أن تجذب أوروبا إليها دولا في آسيا، وبالتالي يضعف هذا النظام النقدي الأوروبي نظام سويفت بأكمله.

وكانت أوروبا وفي محاولة للالتفاف على الحظر الأميركي الثانوي على الدول والشركات التي تتعامل مع إيران، أعلنت عن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة تجارتها مع إيران والإفلات من العقوبات الأميركية. وتهدف هذه المبادرة إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع في 2015 على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة المدوي منه في مايو/ أيار الماضي.

وفي إعلان تلته بالاشتراك مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديركا موغيريني: "عملياً ستنشئ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كياناً قانونياً لتسهيل المعاملات المالية المشروعة مع إيران".

أما النقطة الثالثة التي تأخذها الخزانة الأميركية في الاعتبار حسب مراقبين، فهي أن حظر نظام "سويفت"، في حال تعامله مع المصارف الإيرانية، سيحرم مصارف أميركية كبرى أعضاء فيه من التعامل معه. من بين هذه المصارف مصرف "جي بي مورغان" ومصرف "سيتي غروب".

أما العامل الرابع، فهو أن الحزب الجمهوري يخوض خلال الشهر الجاري انتخابات الكونغرس التي يرغب في أن تمكنه نتائجها من الاحتفاظ بالأغلبية، والآن تبدو أسعار النفط رخيصة مقارنة مع ما كانت عليه قبل شهر.


وبالتالي يرى مسؤولو الخزانة أن تشديد الحظر على النفط الإيراني سيقود تلقائياً إلى رفع أسعار الوقود في أميركا، خاصة في الولايات غير النفطية، ويمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على مجرى الانتخابات ربما لصالح مرشحين ديمقراطيين في بعض الولايات. ويوجد في أميركا منذ مدة تذمر من ارتفاع أسعار الوقود وتداعياته على ميزانيات الأسر.

إلى ذلك، كشفت بيانات حكومية وبيانات تتبُّع الناقلات، نقلتها وكالة رويترز، أن واردات الخام الإيرانية إلى كبار المشترين في آسيا سجلت أدنى مستوى في 32 شهراً خلال سبتمبر/ أيلول، حيث خفضت الصين وكوريا الجنوبية واليابان مشترياتها بشدة قبيل عقوبات أميركية مرتقبة على طهران.

وأظهرت البيانات أن الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية استوردت في الشهر الماضي 1.13 مليون برميل يومياً من إيران، بانخفاض 40.9% على أساس سنوي. وهذا هو أدنى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني 2016 حينما رفعت العقوبات السابقة التي كانت مفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي.

وتعيد الولايات المتحدة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية اعتباراً من الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني في إطار سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإجبار طهران على قبول اتفاق أكثر تقييداً بشأن برنامجيها النووي والصاروخي.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في يونيو/ حزيران، على زيادة الإمدادات لتعويض الاضطراب المتوقع في الصادرات الإيرانية.

من جانبها، ترى إيران أن الولايات المتحدة لن تستطيع وقف صادرات النفط إلى الصفر. في هذا الصدد، قال وزير النفط الإيراني في الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لا يمكنها وقف صادرات النفط الإيرانية، وحذر من أن مثل هذه القيود قد لا تؤدي سوى لاستمرار تقلبات أسعار النفط.

المساهمون