قفزة لدين مصر الخارجي وسط شراهة حكومية للاقتراض

دين مصر الخارجي يقفز إلى 102 مليار دولار وسط شراهة حكومية للاقتراض

01 نوفمبر 2018
زيادة الديون تنعكس سلباً على معيشة المصريين(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت أرقام الدين الخارجي لمصر ارتفاعاً قياسياً، خلال الفترة الأخيرة، وسط توقعات رسمية بحدوث قفزات أكبر في السنوات المقبلة في ظل شراهة الحكومة للاقتراض من أجل الحد من أزمتها المالية. تأتي هذه التوقعات في الوقت الذي أعلن فيه صندوق النقد الدولي، مساء أول من أمس، عن موافقته على صرف شريحة قرض جديدة بقيمة ملياري دولار.

وكشفت وثيقة حكومية حديثة أن مصر تتوقع أن يبلغ إجمالي الدين العام الخارجي نحو 102.863 مليار دولار في السنة المالية المقبلة 2019/ 2020 مقابل 98.863 مليار دولار متوقعة في السنة الحالية 2018/ 2019.

وأظهرت الوثيقة، حسب وكالة رويترز، أن مصر تستهدف سقفا للاقتراض الخارجي للسنة المالية المقبلة عند نحو 14.326 مليار دولار، منها 10.326 مليارات دولار لسداد أقساط الدين الخارجي ونحو 4 مليارات دولار صافية في رصيد المديونية الخارجية.

وفي إطار مساعي الحكومة للحصول على باقي شرائح قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 12 مليار دولار، أعلن الصندوق، أول من أمس، أنه توصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع مصر لصرف نحو ملياري دولار من قرضها. وكانت مصر تسلمت في أوقات سابقة شرائح بقيمة 8 مليارات دولار من إجمالي القرض.

وفي ختام زيارة إلى القاهرة، قال مساعد مدير الصندوق بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، سوبير لال، إن تنفيذ مصر لبرنامج إصلاح اقتصادي ساعد الاقتصاد على تحقيق أداء جيد، مع نمو نسبته 5.3% في السنة المالية 2017/ 2018 وانخفاض البطالة. وأضاف أن الحكومة ما زالت ملتزمة أيضا بمواصلة إصلاحات دعم الطاقة.

وحسب مصادر حكومية، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، تعتزم مصر إقرار زيادة جديدة على أسعار بعض أصناف الوقود على عدة مراحل خلال الفترة المقبلة.


وتتخوف الأوساط الاقتصادية من الآثار السلبية والمخاطر المالية والمجتمعية المترتبة على زيادة الديون، إذ حذر الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، في حديثه من القاهرة لـ"العربي الجديد"، من الاستمرار في منهج الاستدانة، على أساس أنه دليل ثقة في الاقتصاد المصري، مطالباً الحكومة بتبني سياسات تساهم في تشجيع الاستثمار المباشر، وزيادة الإنتاج وتجويده، والعمل على الحد من قيمة مدفوعات أقساط وفوائد هذه القروض، حتى تتمكن من إيجاد وفورات تستخدمها لضخ استثمارات منتجة.

ورغم ضخامة الرقم المعلن اليوم من الحكومة المصرية، إلا أن عبد المطلب أكد أن المعلومات الخاصة بزيادة الديون الخارجية ليست جديدة، فقد كان من المخطط حكومياً وصول رقم الدين إلى 100 مليار دولار بنهاية شهر يونيو/ حزيران 2019، منتقدا رأي خبراء صندوق النقد الدولي الذين يؤكدون أن اقتراض مصر الخارجي خطوة مهمة تؤكد على ثقة مؤسسات التمويل الدولية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه البلاد.

وأضاف عبد المطلب أن ارتفاع الرقم المتوقع من 100 مليار دولار إلى 102.863 مليار دولار لا يمثل زيادة كارثية، على حد قوله، بل ربما هو فقط ناتج عن اختلاف أسلوب التقدير.

ويختلف الخبير الاقتصادي مع رؤية صندوق النقد الدولي القائلة إن زيادة ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري ستدفع رؤوس الأموال الأجنبية للتدفق إلى مصر للاستفادة مما يوفره برنامج الإصلاح من فرص استثمارية.

وحسب عبد المطلب، فقد استند خبراء الصندوق لإثبات صدق توقعاتهم على ما شهده الاقتصاد المصري من استقباله أموالا أجنبية بلغت أكثر من 20 مليار دولار دخلت مصر منذ بداية برنامج الإصلاح في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وحتى الآن، كما ارتفع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي إلى ما يقرب من 45 مليار دولار.

لكن الواقع يؤكد أن كل هذه المؤشرات وهمية وليست حقيقية، وفقا للخبير الاقتصادي، الذي قال إن الأموال التي دخلت مصر ذهبت للاستثمار في البورصة، أو في أدوات الدين الحكومي، دون أن تقدم أي إضافات حقيقية للإنتاج، وكانت النتيجة ارتفاع قيمة مدفوعات الديون الخارجية لتثقل كاهل الموازنة العامة للدولة.


وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت خروج كمية كبيرة من هذه الأموال للاستفادة من الفرص التي تقدمها بعض الاقتصادات الأخرى، كما أن الآثار السلبية كانت قاسية جدا على المواطن المصري، الذي تضاعفت عليه فواتير الخدمات الأساسية، كالغاز والمياه، والكهرباء والمواصلات والاتصالات.

وكشفت بيانات حكومية مصرية، الشهر الجاري، عن خروج 9.1 مليارات دولار أموالاً ساخنة كانت مستثمرة في أدوات الدين الحكومي خلال الأشهر الستة الأخيرة.

وتأتي قفزة الديون الخارجية لمصر وسط تصاعد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في مصر وارتفاع في الأسعار على المستهلكين وتقلص سوق العمل، مع نمو الدين العام الذي يشمل القروض المحلية والخارجية إلى مستويات قياسية، إذ بلغ أكثر من 5.5 تريليونات جنيه، حسب بيانات البنك المركزي المصري.

وتهدد خطط للحكومة المصرية بتسريح نحو 1.9 مليون موظف من القطاع الحكومي، بتفاقم أزمة البطالة في الدولة التي تواجه صعوبات معيشية، ما ينذر بانفجار اجتماعي، وفق خبراء اقتصاد، لا سيما في ظل مؤشرات على عدم قدرة القطاع الخاص على التشغيل، والذي تتصاعد الضغوط عليه مع انحسار أنشطته.

وكشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أخيراً، عن أنه يعمل على إعادة هيكلة للحكومة، تتضمن تخفيض عدد الوزراء وموظفي القطاع العام، موضحا أن "38% على الأقل من الموظفين في القطاع العام سيحالون إلى التقاعد في السنوات العشر القادمة".

وبلغ الدين الخارجي لمصر 92.64 مليار دولار، في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، بزيادة 17.2% على أساس سنوي، ولم يعلن البنك المركزي بعد الأرقام الخاصة بالفترة من يوليو/ تموز وحتى أكتوبر/ تشرين الأول.

وكان الدين الخارجي لمصر، لدى وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في يونيو/ حزيران 2014، نحو 46.06 مليار دولار، حسب بيانات رسمية، وارتفع الدين الخارجي بأكثر من 100% منذ وصول السيسي لكرسي رئاسة مصر.

المساهمون