تونس: لا إلغاء للحجوزات السياحية رغم التفجير الانتحاري

تونس: لا إلغاء للحجوزات السياحية رغم التفجير الانتحاري

31 أكتوبر 2018
مؤشرات قوية لتعافي السياحة خلال العام الجاري (Getty)
+ الخط -

أكد مسؤول في قطاع السياحة بتونس، أن الجامعة (هيئة) التونسية للفنادق، لم تتلق أي إشعار من وكلاء عالميين بإلغاء أو تأجيل حجوزات بعد العملية الانتحارية التي استهدفت دورية أمنية في قلب العاصمة يوم الإثنين الماضي.

وأعادت هذه العملية، المخاوف من تضرر قطاع السياحة الذي كابد على مدار نحو ثلاث سنوات لإزالة آثار الضربات الإرهابية التي استهدفت في 2015 مواقع سياحية في العاصمة ومدينة سوسة جنوب البلاد.

وفور العملية الإرهابية التي جرت في شارع الحبيب بورقيبة، أحد أشهر شوارع العاصمة، سعت القوات الأمنية إلى تطويق المكان وإجلاء سياح كانوا على مقربة من مكان الحادث، محاولين بث الطمأنينة في نفوسهم.

وطالب مسؤولون في القطاع السياحي بتكثيف الحضور الأمني في المواقع السياحية بالعاصمة وغيرها من المدن، مشيرين إلى أن مثل هذه العمليات قادرة على نسف مجهود ثلاثة أعوام من العمل المتواصل من أجل استعادة القطاع عافيته.

وقال خالد فخفاخ، رئيس الجامعة التونسية للفنادق في حديث لـ"العربي الجديد" إن محدودية الخسائر المسجلة في عملية شارع بورقيبة تضعف من تداعياتها على القطاع السياحي، الذي يشق طريقه نحو التعافي، مشيراً إلى أن الإعلام الأجنبي ساعد على التقليل من تداعيات العملية على السياحة بالتقليل من حجمها.

وأضاف فخفاخ أن نسبة الإشغال في أغلب الفنادق مرتفعة خلال الفترة الحالية، وأن الجامعة لم تتلق أي إشعار من وكلاء السياحة بإلغاء أو تأجيل حجوزات، مؤكداً أن ردّة فعل الأسواق في العمليات السابقة كانت آنية.

وتوقع فخفاخ تواصل تدفق السياح خلال فصلي الخريف والشتاء، لكن بدرجة أقل من موسم الذروة في الصيف، لافتاً إلى أن الأسواق التي تسجل حضورها في هذه الفترة من العام هي أساساً الأسواق الأوروبية ولا سيما الفرنسية والألمانية والبريطانية.


وبحسب بيانات صادرة عن وزارة السياحة في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، زار تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018 نحو 6.27 ملايين سائح، وهو ما يتجاوز عدد السياح لمجمل عام 2014 الذي بلغ 6.07 ملايين، ما يشير إلى تجاوز تداعيات العمليات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو في العاصمة في مارس/آذار 2015 ومنتجع سوسة في يونيو/حزيران من نفس العام.

وبلغت الإيرادات حتى 20 سبتمبر/أيلول نحو مليار يورو (1.15 مليار دولار) مسجلة زيادة بنسبة 28% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وشكل السياح الأوروبيون والروس القسم الأكبر من الوافدين بنسبة 44.9%، كما ارتفع عدد المغاربة الذين يشكلون نحو نصف الزائرين بما يعادل 3 ملايين بنسبة 16.9%. وتعد جزيرة جربة (جنوب) الوجهة السياحية الأكثر استفادة من الانتعاش المسجل خلال الأشهر الماضية.

وكانت وزيرة السياحة سلمى اللومي قد توقعت وصول السائحين إلى نحو 8 ملايين شخص بنهاية العام الجاري، ليتجاوز الرقم المسجل في 2010، العام المرجعي للسياحة التونسية والذي وصلوا خلاله إلى 7 ملايين سائح.

وأكد بلحسن الزمني، الخبير الاقتصادي في حديث لـ"العربي الجديد" على أهمية القطاع السياحي على مناخ الأعمال والاقتصاد التونسي بشكل عام، مشيراً إلى أنه يُنظر إلى الاستقرار الأمني على أنه نتاج طبيعي للاستقرار السياسي في أي بلد.

وأضاف الزمني أن الحكومة مطالبة بتوجيه رسائل الطمأنة إلى المستثمرين، عبر تقديم الحوافز وضمان العدالة والشفافية الجبائية ومكافحة الفساد والإرهاب.

وتابع أن السنوات العجاف التي مرت بها السياحة بعد 2015، جعلت من هذه الصناعة أكثر صلابة، حيث دفعت مسؤولي القطاع إلى استكشاف أسواق جديدة وتوسيع آفاقهم، مشيراً إلى أن تواصل تدفق الاستثمارات وفتح فنادق لسلاسل عالمية، علامة صحية يجب المحافظة عليها ودعمها.


وفي يونيو/ حزيران 2015، استهدف مسلح سياحا على شاطئ منتجع "إمبيريال"، ما أدى إلى مقتل أكثر من 38 سائحا جُلهم من البريطانيين، وعلى أثر الحادث أدرجت غالبية الأسواق الأوروبية تونس ضمن الوجهات السياحية الخطرة، كما أوقف متعهدو الرحلات برامجهم نحو مجمل محافظات البلاد.

وشكلت حادثة "إمبيريال"، بتداعياتها السلبية على القطاع السياحي والاقتصاد المحلي، نقطة تحوّل مهمة في القطاع، بعد اقتناع وزارة السياحة والصناعات التقليدية والمهنيين بضرورة مضاعفة الجهود للعودة إلى الخارطة العالمية للسياحة من بوابة كبرى تمنع هشاشة القطاع الذي تضرر كثيراً في بفعل الاضطرابات الأمنية والسياسية التي مرت بها البلاد عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.

وكثفت السلطات التونسية خلال العامين الماضيين، عبر قنواتها الرسمية وغير الرسمية، المساعي لإقناع كبار متعهدي الرحلات السياحية بإدراج تونس مجددا ضمن برامج رحلاتهم، الأمر الذي أدى بالفعل إلى تدفق السياح من جديد مع بداية العام الجاري.

وكان عاما 2015 و2016 الأسوأ في تاريخ السياحة التونسية بفعل التراجع الحاد للإيرادات وتقهقر نسبة الوافدين بأكثر من 35%، إذ لم تتجاوز إيرادات القطاع سنة 2015 المليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار سنة 2014. وبلغ عدد الوافدين حينها 5.3 ملايين سائح مقابل 7.1 ملايين عام 2014.

وعام 2016، واصلت إيرادات القطاع تراجعها لتستقر في حدود 950 مليون دولار على رغم الارتفاع الطفيف في عدد الوافدين الذي لم يتجاوز 5.7 ملايين سائح.

وسجلت بيانات ديوان السياحة التونسي في الفترة الممتدة بين 2014 و2016 نتائج سلبية بنسبة (-35.6%) في الإيرادات و(-20%) في العدد الإجمالي للسياح.