العقوبات الأميركية ضد إيران تواجه اختباراً من الصين والهند

العقوبات الأميركية ضد إيران تواجه اختباراً من الصين والهند المتعطشتين للنفط

29 أكتوبر 2018
أحد الموانئ الصينية المختصة باستيراد النفط (Getty)
+ الخط -
بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مايو/أيار أنه سيعيد فرض عقوبات على إيران، بدأت وزارة الخارجية الأميركية إبلاغ الدول في أنحاء العالم بأن الوقت يمر سريعاً كي توقف تلك الدول مشترياتها النفطية من الجمهورية الإسلامية.


وتهدف الاستراتيجية إلى شل اقتصاد إيران المعتمد على النفط وإجبار طهران، ليس فقط على التخلي عن طموحاتها النووية، لكن أيضاً التخلي هذه المرة عن برنامجها للصواريخ الباليستية ونفوذها في سورية.

ومع بقاء أيام فقط قبل أن تدخل العقوبات المجددة حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني، يشير الواقع إلى أن 3 من أكبر 5 زبائن لإيران، الهند والصين وتركيا، يرفضون دعوة واشنطن لوقف المشتريات بشكل تام بحجة أنه لا توجد إمدادات كافية عالمياً لتحل محلها وفقاً لمصادر على دراية بالموضوع.

وإلى جانب المخاوف من حدوث قفزة في أسعار النفط تكون ذات أثر مدمر، يضع ذلك الضغط الموقف المتشدد لإدارة ترامب موضع الاختبار ويثير احتمال إبرام اتفاقات ثنائية للسماح باستمرار بعض المشتريات، وفقاً للمصادر.


وتسبب التوتر في انقسام الإدارة إلى معسكرين، أحدهما يقوده مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي يريد أقصى نهج متشدد ممكن، وآخر يقوده مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية الحريصون على الموازنة بين العقوبات ومنع حدوث قفزة في أسعار النفط قد تلحق الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها، وفقاً لمصدر أحاطه مسؤولون من الإدارة علماً بهذا الأمر.

وارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما يقل قليلاً عن 87 دولاراً للبرميل هذا الشهر، وهو أعلى مستوى في أربع سنوات. وقال المصدر إنه بسبب المخاوف من تلك المسألة، تدرس الإدارة منح إعفاءات محدودة لبعض عملاء النفط الإيراني حتى تضخ روسيا والسعودية إمدادات إضافية في العام القادم، مع الحد في الوقت ذاته مما يمكن أن تفعله طهران باستخدام تلك العوائد.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن إيرادات المبيعات قد يتم حجزها لكي تستخدمها طهران بشكل حصري لأغراض إنسانية، وهي آلية أكثر تشدداً بالمقارنة مع آلية مماثلة جرى فرضها على مشتريات نفط إيران خلال الجولة السابقة من العقوبات في ظل حكم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

وقال المصدر: "إذا كنت تتولى الإدارة، فسوف ترغب في ضمان ألا تحدث قفزة في الأسعار".

وقد تشكل تلك الإعفاءات معضلة للبيت الأبيض مع سعيه إلى شروط أكثر صرامة مقارنة مع تلك التي فُرضت إبان حكم أوباما الذي فرض بجانب حلفائه الأوروبيين عقوبات أفضت إلى اتفاق كبح تطوير إيران لأسلحة نووية.


وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن التعقيب على هذا التقرير، لكن الإدارة أكدت أن واشنطن تدرس إعفاءات.

وأبلغ وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين رويترز أنه سيتعين على الدول أولاً خفض مشترياتها من نفط إيران بأكثر من المستوى البالغ 20% الذي نفذته بموجب العقوبات السابقة.

أمر غير قابل للتنبؤ إلى حد ما ‭‭ 

سافرت فرق من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين إلى ما يزيد عن نحو 20 دولة منذ أن انسحب ترامب من الاتفاق النووي في 8 مايو/أيار لتحذر الشركات والدول من مخاطر القيام بأنشطة مع إيران.

وقلصت اليابان وكوريا الجنوبية الحليفتان للولايات المتحدة استيراد الخام الإيراني بالفعل. لكن الموقف أقل وضوحاً بين آخرين هم المشترون الأكبر.

واجتمع بريان هوك، الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية المعني بإيران، وفرانك فانون أكبر دبلوماسي أميركي معني بشؤون الطاقة لدى وزارة الخارجية، في الآونة الأخيرة مع مسؤولين من الهند، ثاني أكبر مشتر للنفط الإيراني، في منتصف أكتوبر/تشرين الأول بعد أن قال مصدر أميركي للمرة الأولى إن الإدارة تدرس بجدية الإعفاءات.

وذكر مصدر حكومي هندي إن الهند أبلغت الوفد الأميركي أن ارتفاع تكاليف الطاقة الناجم عن ضعف الروبية وصعود أسعار النفط ‭‭‭ ‬‬‬يعني أن وقف المشتريات من النفط الإيراني تماماً مستحيل حتى مارس/آذار على الأقل.

وقال المصدر: "أبلغنا الولايات المتحدة بهذا، وكذلك خلال زيارة بريان هوك... لا يمكننا وقف استيراد النفط من إيران في الوقت الذي تكون فيه البدائل مكلفة".

وأكد دبلوماسي أميركي المناقشات، قائلاً إن منح إعفاءات محدودة للهند ودول أخرى محتمل.

وعادة ما تستورد الهند ما يزيد عن 500 ألف برميل يومياً من النفط الإيراني، لكنها قلصت ذلك المستوى في الأشهر الأخيرة وفقاً لبيانات رسمية.

والمناقشات جارية أيضاً مع تركيا، رابع أكبر مشتر للنفط الإيراني، على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزراء أتراكاً انتقدوا علناً العقوبات.

وقال مصدر بالقطاع في تركيا مطلع على المناقشات لرويترز إن أنقرة خفضت وارداتها من النفط الإيراني بمقدار النصف بالفعل، وقد تصل إلى الصفر، لكنها تفضل استمرار بعض المشتريات.


ومنحت إدارة أوباما تركيا إعفاءً مدته 6 أشهر، لكن تركيا تتوقع أن تفرض إدارة ترامب متطلبات أكثر صرامة للحصول على الإعفاءات التي من المحتمل أن تغطي فترات أقصر.

وقال المصدر: "قد تكون لثلاثة أشهر، أو ربما لا يحصلون على إعفاء على الإطلاق. كل هذا غير قابل للتنبؤ بعض الشيء هذه المرة، إذ إننا ندرك أن الكثير من الأمور بيد ترامب".

والموقف أقل وضوحاً في الصين، أكبر زبون لإيران، والتي تطلب الشركات المملوكة للحكومة بها أيضاً إعفاءات. وحصلت بكين على ما يتراوح بين 500 و800 ألف برميل يومياً في الأشهر القليلة الأخيرة، وهو نطاق معتاد.

وقال المصدران إن إشارات بكين إلى شركات التكرير بها كانت متباينة. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت رويترز أن مجموعة سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي.إن.بي.سي)، أكبر شركتي تكرير مملوكتين للحكومة في البلاد، لم تحجزا أي نفط إيراني للتحميل في نوفمبر/ تشرين الثاني بسبب المخاوف بشأن العقوبات.

جو ماكمونيجل، محلل الطاقة لدى "هيدجآي" في واشنطن، يتوقع أن تقبل الإدارة بأن تشتري الصين مستوى ما من النفط الإيراني، بالنظر إلى استهلاكها. وقال: "من بين كل دول، لا أظن أنهم يعتقدون أن الصين ستصل إلى الصفر".

ومن المقرر أن يسافر مسؤول بالخارجية الأميركية إلى آسيا في الأيام المقبلة، مع اعتزامه إلقاء كلمة في سنغافورة في 30 أكتوبر/تشرين الأول. ولم يفصح مسؤول عما إذا كان فانون سيستغل رحلته لمناقشة مسألة إيران مع الصين.

(رويترز)‭‬‬‬

المساهمون