أزمة الأجور في المغرب... الاتحادات العمالية ترفض عرضاً حكومياً

أزمة الأجور في المغرب... الاتحادات العمالية ترفض عرضاً حكومياً

18 أكتوبر 2018
مظاهرة عمالية تطالب بزيادة الأجور (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

لم تقنع الحكومة المغربية الاتحادات العمالية بالمقترح الجديد، الذي تقدمت به من أجل الزيادة في أجور فئة من الموظفين الحكوميين، حيث طالبتها تلك الاتحادات بإبداء سخاء أكبر، مؤكدة على أن يشمل ذلك جميع الموظفين. 

وبادرت الحكومة إلى تقديم عرض جديد، خلال لقاءات مع الاتحادات العمالية، ترمي منه الزيادة في أجور الموظفين من 30 دولارا موزعة على مدى ثلاث سنوات إلى 40 دولارا.

واقترحت الحكومة زيادة أجور الموظفين 20 دولارا شهرياً في العام المقبل، و10 دولارات في 2020 و10 دولارات في 2021، وذلك قبل عرض مشروع موازنة 2019 على البرلمان. غير أن الحكومة ستقصر الزيادة المقترحة على الموظفين من السلم الخامس إلى السلم العاشر الذين يتقاضون 520 دولارا في الشهر.

وراجعت الحكومة اقتراحها القاضي بزيادة التعويضات لفائدة الأبناء (في حدود 3 أبناء) من 10 دولارات دفعة واحدة إلى 5 دولارات في 2019 ومثلها في 2020.
وقال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد المغربي للشغل، نور الدين السيلك، لـ"العربي الجديد"، إن الاتحاد الذي يمثله أبلغ رئاسة الحكومة بتحفظه على العرض الجديد، مطالبا بتحسينه.

وشدد على أن قيادة الاتحاد المغربي للشغل، الذي يعتبر الأكبر في البلاد دعت الحكومة، أول من أمس، إلى أن تكون الزيادة شاملة لجميع الموظفين الحكوميين وموظفي المؤسسات العمومية وكذلك القطاع الخاص.

والتقت الاتحادات العمالية المشاركة في الحوار الاجتماعي، دون سابق تنسيق، في تحفظها ورفضها للزيادات المقترحة من قبل حكومة سعد الدين العثماني. فقد رفض اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل العرض، بينما طالب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التابع لحزب الاستقلال الحكومة بمراجعته وتحسينه.

ومن جانبه، يرى الاقتصادي، محمد الشيكر، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الحكومة لم تبلور رؤية واضحة حول شكل الحوار الاجتماعي، الذي تتطلع إليه، معتبرا أنها لا تحيد في طرحها عما توصي به المؤسسات المالية الدولية.

وترى الاتحادات العمالية، أنه من غير المنصف الزيادة في أجور فئة من الموظفين دون أخرى، على اعتبار أن آخر زيادة كانت قبل ستة أعوام.


ويترقب أن تهم هذه الزيادة في حال الوصول إلى اتفاق بين الحكومة والاتحادات العمالية، 700 ألف موظف حكومي، من بينهم 120 ألف موظف ومستخدم بالهيئات المحلية.

وكانت الحكومة قدرت في السابق كلفة العرض الذي تقدمت به للنقابات بـ600 مليون دولار، من بينها 400 مليون دولار برسم الزيادة في الأجور. غير أنه في حالة تبني العرض الأخير للحكومة من قبل الاتحادات العمالية، فإن كلفة الحوار الاجتماعي سترتفع إلى أكثر من 730 مليون دولار.

وسبق للحكومة أن صرحت بأنها ستجعل مشروع قانون المالية يتضمن تدابير لتحسين الدخل والزيادة في الأجور، حتى دون اتفاق مسبق مع الاتحادات العمالية ورجال الأعمال.

وعبر العثماني، في المذكرة التي وجهها للوزراء حول إعداد الموازنة، عن حرص الحكومة على الإسراع بمواصلة الحوار مع الاتحادات العمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، من أجل الوصول إلى ميثاق ثلاثي السنوات.

وطالبت الاتحادات العمالية، الحكومة بأخذ مستوى التضخم في الاعتبار منذ آخر اتفاق يعود إلى إبريل/ نيسان2011. وشددت تلك الاتحادات العمالية، على ضرورة وفاء الحكومة بالالتزامات التي أخلت بها، بعد الاتفاق الذي جاء في سياق ثورات الربيع العربي آنذاك.

ويأتي النقاش حول الزيادة في الأجور في ظل ارتفاع معدل التضخم 2.2% في نهاية أغسطس/ آب، مقابل 0.6% في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط (حكومية).

ويتجلى أن العرض الجديد، الذي أخبرت الحكومة الاتحادات به، لا يتناول سوى الزيادات الخاصة بالموظفين الحكوميين، حيث لم يشمل موظفي القطاع الخاص. ويفترض في الاتحادات العمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال الوصول لتوافق حول مطالب الأجراء من أجل إدراج بعضها في مشروع موازنة 2019.
وكان رجال الأعمال عبروا عن تحفظهم على فكرة الزيادة في الأجور، حيث اقترحوا على الحكومة تحسين دخل أجراء القطاع الخاص عبر خفض الضريبة على الدخل.

ودعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل للزيادة بـ10% في الحد الأدنى للأجور، غير أن رئيس الحكومة دعا إلى مناقشة ذلك مع رجال الأعمال. ولم تقم الحكومة بزيادة الحد الأدنى للأجور منذ 2015، حين تم تصحيحه في حدود 10%، وطبقت الزيادة على مرحلتين.

وكانت جولات الحوار الاجتماعي باءت بالفشل قبل عيد العمال الأخير، حيث حملت الحكومة الاتحادات مسؤولية ذلك، بينما لم يقدم الاتحاد العام لمقاولات المغرب أي التزام حول زيادة الأجور وتحسين دخل العمال في القطاع الخاص.