ترامب بمواجهة "الفيدرالي الأميركي"... أسعار الفائدة "أم المعارك"

ترامب بمواجهة "الفيدرالي الأميركي"... أسعار الفائدة "أم المعارك"

11 أكتوبر 2018
+ الخط -
لم تتوقف حتى اللحظة المعارك الدائرة ما بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي). ولم يُنهِ اختيار ترامب لجيروم باول رئيساً للفيدرالي بدلاً من جانيت يلين التي رفض الرئيس الأميركي تجديد ولايتها، المعركة بين الطرفين، وكان ترامب شنَّ عاصفة من الانتقادات التي طاولت دور يلين وعملها. 

المشكلات المستمرة، تعكس وفق الصحف والمواقع الأميركية شرخاً ما بين الرئاسة الأميركية والإدارة النقدية في البلاد. أساسه محاولات ترامب التدخل في عمل الفيدرالي، بما يعاكس مسار عمل الأخير طوال السنوات الماضية. وفيما يبدو كفاحاً من قبل الفيدرالي الأميركي ضد تدخلات ترامب وانتقاداته اللاذعة، تبقى أسعار الفائدة مدار جدلٍ وخلافٍ يبدو أنهما سيستمران حتى نهاية ولاية ترامب على رأس الإدارة الأميركية.

وكان الفيدرالي رفع، في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، إلى نطاق 2 - 2.25 في المائة، للمرة السادسة منذ تولي ترامب الرئاسة، ما تسبب في انتقاد الأخير له بوقت سابق.

وما زال المركزي الأميركي يتوقع زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى في ديسمبر/ كانون الأول و3 مرات أخرى في العام المقبل، فضلاً عن زيادة واحدة في عام 2020. 



كيف بدأت المشكلة؟ ولماذا يصر ترامب على التدخل بالفيدرالي؟  

في 20 يناير/ كانون الثاني 2017، أصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. إلا أنه قبل تعيينه الرسمي، هاجم ترامب سياسات الفيدرالي الأميركي حول أسعار الفائدة.

ومع اقتراب الانتخابات النصفية للكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ارتفعت حدة الانتقادات لدى ترامب إلى حد وصفه الفيدرالي الأميركي أخيراً بأنه فقد عقله.

إذ أن الرئيس الشعبوي يريد خفض أسعار الفائدة لزيادة ضخ السيولة بيد الأميركيين، وتحريك الاستثمارات وزيادة عدد الوظائف، إضافة إلى رفع نسبة النمو التي ترتبط بعلاقة طردية مع أسعار الفائدة، إضافة إلى زيادة الاقتراض لتوسيع الأعمال، وتخفيف وإلغاء عدد من القيود والقواعد المفروضة على الصناعة المصرفية... وذلك لاستثمار هذه المعطيات انتخابياً، وفق العديد من التحليلات التي صدرت في الصحف الأميركية أخيراً.

طموحات يرفضها الفيدرالي، الذي يؤكد من خلال رفعه المتواصل لأسعار الفائدة أن الالتحاق بأفكار ترامب سيؤدي إلى اختلالات في نسب التضخم، وتشويهات في البنية الاستثمارية، خاصة في ما يتعلق بالمبالغة في تقدير قيمة الأسهم في الأسواق الأميركية التي يفترض الفيدرالي أنها ستؤدي إلى فقاعة قابلة للانفجار.
أزمة قديمة

إذن الأزمة ليست مستجدة. إذ يثير رفع سعر الفائدة غضب الرئيس الأميركي، الذي خالف الأعراف التي يتبعها الرؤساء الأميركيون في العادة، بالإحجام عن تناول عمل البنك المركزي الأميركي في تصريحات علنية، ما أدى إلى مشكلات مستمرة ما بين الإدارتين السياسية والنقدية.

وتمظهر الصراع جلياً في سبتمبر/ أيلول 2016، حين قال المرشح إلى الرئاسة حينها أي دونالد ترامب في مقابلة مع "سي أن بي سي" الأميركية: "على رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين أن تخجل من نفسها مما تفعله في البلد". 
وأضاف أن الفيدرالي يتقصد إبقاء أسعار الفائدة منخفضة في عهد أوباما لكي يأتي الرئيس التالي فيتم رفع الفائدة وتتأثر سوق الأسهم. 

وفي شباط/ فبراير 2017، دعت جانيت يلين في شهادة أمام الكونغرس، إلى الحذر من إجراءات الإنعاش الاقتصادي التي قد تتخذها إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وأشارت عدة مرات في شهادتها إلى "الغموض" و"العواقب المحتملة" للإجراءات المالية الصادرة عن إدارة ترامب. وحذرت يلين من أن التعديلات في السياسة المالية وإجراءات أخرى قد تؤثر على التوقعات الاقتصادية، لافتة من جهة أخرى إلى تزايد نمو اقتصاد الولايات المتحدة واقتراب التضخم من هدف 2 في المائة، ما قد يؤدي بالاحتياطي المركزي إلى زيادة الفوائد قريباً.

وفي نهاية سبتمبر/ أيلول 2017، هاجم ترامب الاحتياطي الفيدرالي. وكان قد سبق وأعلن صراحة أن يلين تنفذ أومر الرئيس السابق باراك أوباما "المشينة" بحسب تعبيره. 

وردت يلين أيضاً بوضوح، مؤكدة على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وعدم تأثره بقرار الرئيس، مصرة على استكمال ولايتها حتى فبراير، من دون التأثر بسهام ترامب.


في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، قرر ترامب ترشيح جيروم باول رئيساً للفيدرالي الأميركي، بدلاً من جانيت يلين التي لم تحظَ بموافقة الرئيس على تمديد ولايتها التي انتهت في شباط/ فبراير 2018.

وسادت التحليلات حينها بأن باول سيكون أكثر استجابة لمطالب ترامب فيما يتعلق بأسعار الفائدة، مع استبعاد رفعها. 

إلا أن الرياح جرت بما لا يشتهي ترامب. بعد أشهر قليلة على رئاسة باول للفيدرالي، قام بأول رفع لأسعار الفائدة، ما أثار غضب الرئيس، وأنذر ببدء معركة جديدة ما بين الفيدرالي والرئيس الأميركي.


ترامب "غير سعيد"

وفي 20 تموز/يوليو 2018، قال ترامب في مقابلة تلفزيونية: "لا يروق لي أننا نبذل كل هذا العمل في الاقتصاد، ثم أرى أسعار الفائدة ترتفع".

ورد باول في مقابلة إذاعية في منتصف يوليو أنه ليس مهتماً بالضغط الذي يمارس عليه لتغيير سياسته. وقال "لا نولي الاعتبارات السياسية أي اهتمام". وأضاف "لم يقل لي أحد في الإدارة شيئاً يمكن أن يثير قلقي في هذا الشأن".

وفي أغسطس/ آب الماضي، قال ترامب في مقابلة مع رويترز إنه "غير سعيد جداً" برئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، لرفعه أسعار الفائدة، واتهم الصين وأوروبا بالتلاعب في عملتيهما.

وفي نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، رفع الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال العام 2018، فرد ترامب بمؤتمر صحافي قائلاً: "أداؤنا عظيم كبلد. لسوء الحظ لقد رفعوا لتوهم أسعار الفائدة لأن أداءنا جيد. أنا لست سعيداً بذلك الأمر". وأضاف: "أفضل أن أسدد الديون أو أن أفعل أموراً أخرى كأن أخلق المزيد من الوظائف. من ثم أنا قلق بشأن حقيقة أنه يبدو أنهم يحبون رفع أسعار الفائدة".

واليوم الخميس، تابع ترامب حملته، وقال إن هبوط سوق الأسهم في الولايات المتحدة "تصحيح طال انتظاره"، وإن مجلس الاحتياطي الاتحادي الذي يرفع أسعار الفائدة "جُن جنونه".

جاء ذلك في تصريحات صحافية أدلى بها ترامب، وأجاب فيها عن أسئلة حول خسائر الأسواق الأميركية أمس الأربعاء، التي وصلت إلى 4 في المائة.

وذكر ترامب في تصريحاته: "في واقع الأمر إنه تصحيح ظللنا ننتظره طويلاً، لكنني لا أوافق في الحقيقة على ما يفعله مجلس الاحتياطي الاتحادي".