الأسد الداعم والسوري المدعوم

الأسد الداعم والسوري المدعوم

30 يناير 2018
رفعت حكومة الأسد أسعار الوقود 6 مرات منذ2011(فرانس برس)
+ الخط -

لا تفوّت حكومة بشار الأسد، حتى قبل الثورة، أي مناسبة لتمنّن الشعب السوري بأنها تدعم المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وما إلى هنالك من تتمة "المعزوفة" التي تصل لدعم الخبز وما يشكله ذلك من إرهاق للخزينة وتبديد للموارد.

وأذكر بمرحلة بداية تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي عام 2007، وقت استدعانا رئيس مجلس الوزراء على عجل، ليمرر عبر أقلامنا نحن الإعلاميين الاقتصاديين، كيف تخسر الدولة 150 مليون دولار يومياً نتيجة الدعم، وكيف أن هذا الدعم يرهق الموازنة، إذ يأكل 60% منها ويشكل نحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبصرف النظر عن دقة كلام رئيس الحكومة وقتذاك، إذ بحسبة بسيطة سنعرف أن الدعم يشكل 7 مليارات دولار سنوياً، وهو أكثر من كتلة الموازنة الحالية، أو حتى ما تقوله الحكومة خلال ذلك العام، أيام كان إنتاج سورية من النفط 380 ألف برميل يومياً، من أن النفط يشكل نحو 24% من الناتج الإجمالي ونحو 25% من عائدات الموازنة وحوالي 40% من عائدات التصدير.

أمسَكَنا رئيس الحكومة وقتذاك رأس الخيط، لئلا نبدو دعاة تفقير للشعب، وأن نركز على أن جلّ الدعم يذهب للأغنياء ولا يلحق الفقراء منه سوى 10%، وسرت بالإعلام السوري حينذاك مقولة "توجيه الدعم لمستحقيه" حتى باتت ممجوجة ومقرفة لكثرة استخدامها ولكثرة ما تم طرح بدائل، منها البطاقة الممغنطة ومن ثم الذكية وبعدها التعويض المالي المباشر للفقراء.

وكانت تلك المرحلة بداية سحب االدعم التدريجي عن المحروقات ومن ثم المقننات "سكر وأرزّ" وبعدهما الخبز، لتصل الأسعار اليوم، مع استمرار منّة الدعم، إلى أعلى ما هي عليه عالمياً، رغم أن حكومة الأسد، تؤثر العزف على هذا الوتر، وكانت آخر "طقطوقة " لوزير المال أخيراً، من أن حكومة الأسد تدفع مع إشراقة كل صباح، نحو 3 مليارات ليرة "الدولار 465 ليرة"  لدعم المشتقات النفطية والخبز.

قصارى القول: في زحمة التشدق بالدعم وما نتج عنه من قلة معروض المواد بالأسواق وخلق سوق سوداء وأسعار متعددة، تخرج وزارة النفط بسورية لتقول: حققنا وفورات خلال عام 2017 بمبلغ 365 مليون دولار.

وفنّدت الوزارة، قبل أيام، خلال مناقشة تتبع تنفيذ الخطة الإنتاجية والاستثمارية عن العام الفائت، من أين أتت الوفورات، محاولة التهرّب من "جني الأرباح" جراء بيع المشتقات النفطية للمواطنين وللتجار، بأعلى من السعر العالمي، بأن تكرير النفط "للغير" حقق عوائد مالية وكذا تحرير آبار النفط ومعامل الغاز من الإرهابيين، لتنسب لتطبيق "البطاقة الذكية" على السيارات الحكومية ومخصصات الأسر السورية، تحقيق وفورات بقيمة 10 مليارات ليرة، رغم أن لا بطاقة ذكية للأسر ولا حتى بالسيارات الحكومية، وما نظام "جي بي أس" الذي تدّعي تطبيقه لحركة الصهاريج، سوى ركن من حملة التضليل. وسورية بخير.

نهاية القول: رفعت حكومة بشار الأسد أسعار حوامل الطاقة، المشتقات النفطية والكهرباء والغاز، ست مرات خلال الثورة، إلى أن وصل سعر ليتر المازوت 180 ليرة، وسعر البنزين 225 ليرة .

والأهم بالأمر، شح أو عدم توفر المشتقات النفطية بمراكز التوزيع الحكومية، ما يرفع سعر المازوت بدمشق لنحو 300 ليرة، هذا إن لم نأت على المناطق المحررة، إدلب وريف حلب شمالي غرب سورية، والتي لا يلتزم نظام الأسد بمدها بأي مشتقات نفطية ومواد غذائية، ما يضطرها إلى الخضوع لأسعار المهربين الذين يستجرون المشتقات النفطية من مناطق سيطرة الأسد، بعد خسارة داعش الآبار والتي كانت تمد تلك المناطق، خلال السنوات السابقة.

كذلك طاول رفع أسعار المازوت، قطاعي الزراعة والصناعة، فزاد من تكاليف الإنتاج، وبالتالي زيادة أسعار المنتج النهائي على السوريين، لأن حكمة حكومة الأسد، التي تدعم الصناعة والزراعة بالأسلوب ذاته الذي تدعم خلاله المحروقات والغذاء، دفعتها لرفع سعر ليتر المازوت للقطاع الصناعي إلى 290 ليرة سورية.


المساهمون