الكويت... صعوبات أمام خفض الدعم رغم خطط الإصلاح

الكويت... صعوبات أمام خفض الدعم رغم خطط الإصلاح

04 سبتمبر 2017
دعم الوقود بالكويت الأعلى خليجياً (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
تواجه الحكومة الكويتية تحديات قصيرة الأجل لإقناع أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) والمواطنين بضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتنويع مصادر الدخل في البلاد.
ويقول تقرير اقتصادي حصلت "العربي الجديد" على نسخه منه، إنه من خلال آليات التمويل مثل مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع الرأسمالية الممولة من قبل الشركات المملوكة للدولة، هناك فرص للشركات العالمية، وبالتالي فرص عمل جديدة للمواطنين الكويتيين.
ويضيف التقرير الصادر عن مجموعة أوكسفورد بيزنس غروب (المعتمدة لدى الحكومة الكويتية)، أن الحكومة تسعى جاهدة إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسليط الضوء على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة المتجددة والتمويل باعتبارها قطاعات ترغب في تطويرها من خلال الاستعانة بالخبرات العالمية على مدى العقدين المقبلين.
ويشير التقرير إلى أن استراتيجية الحكومة الكويتية لتحقيق الإصلاح الاقتصادي يجب أن تتضمن خطة واضحة بجدول زمني محدد لكيفية التعاطي مع قضية العمالة في القطاع العام والجهات والمؤسسات الحكومية، بما يشمل الرواتب وآلية العمل والجودة والمهارات والتدريب.

تحديات التنويع الاقتصادي
ويقول التقرير الذي يتناول الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية بالكويت، إن الحكومة الكويتية لم تستجب لانخفاض أسعار النفط من خلال تخفيض الأجور أو المزايا المالية التي يتقاضاها موظفو القطاع العام، ولكنها أعلنت عن برنامج مدته سنتان يشمل تغييرات في مرتبات الخدمة المدنية وتطبيق نظام لتقييم أداء الموظفين.
ويرى الخبير الاقتصادي بدر العتيبي، أن منظومة الدعم المقدمة إلى الجميع تمثل تحدياً كبيراً أمام سياسات تنويع النشاط الاقتصادي وإصلاح سوق العمل على وجه الخصوص، لا سيما أن هناك زيادة في عدد المواطنين الكويتيين العاملين بالقطاع الخاص.
ويضيف العتيبي خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن هناك حاجة ملحة إلى إصلاحات دعم الطاقة، لا سيما أن منظومة الدعم ونظم الرعاية الاجتماعية السخية كانت من أهم خصائص العقد الاجتماعي الذي نشأت عليه الكويت.
ويشير إلى أن دعم الطاقة مثل عبئاً كبيراً على المالية العامة للدول العربية وتهديداً لاستمرار القدرة على تحمل الديون ودوام النمو، لا سيما أن دعم الطاقة اتجه إلى مزاحمة الإنفاق الحكومي.
ويتفق الخبير الاقتصادي إبراهيم المشعل مع العتيبي، حيث يرى أن هناك أهمية لإصلاح منظومة دعم الوقود بالكويت في ضوء الأوضاع الاقتصادية المحلية ومراعاة اتجاهات أسعار النفط. ويضيف خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن ارتفاع أسعار النفط خلال العقد الماضي أدى إلى توسع كبير في الإنفاق الحكومي وتحقيق النمو الاقتصادي وخلق وظائف جديدة.
وكانت التغييرات في السياسة المتعلقة بالدعم جزءاً من سلسلة أوسع من الإصلاحات المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء في عام 2016.
وأعلنت الحكومة عزمها على تطبيق ضريبة بنسبة 10% على أرباح الشركات لتحل محل الرسوم المطبقة حالياً على الشركات الأجنبية ومجموعة من الرسوم الضئيلة المطبقة على الشركات الكويتية.

ارتفاع الإيرادات الحكومية
ويقدر صندوق النقد الدولي ارتفاع الإيرادات الحكومية بنسبة 1.75% من الناتج المحلي الإجمالي إذا ما طبقت الكويت هذه الضريبة، بالإضافة إلى ضرائب جديدة أخرى على المشروبات الغازية والتبغ، الأمر الذي من شأنه أن يحد بعض الشيء من التراجع الناجم عن انخفاض أسعار النفط.
وفي الأول من سبتمبر/ أيلول 2016، ارتفعت أسعار الوقود بنسب تراوح بين 40% و80%، اعتماداً على نوع الوقود من خلال عملية إصلاح للدعم. ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، ارتفع متوسط السعر إلى 0.31 دولار لليتر، وهو أرخص من أي مكان آخر في منطقة الخليج، باستثناء السعودية. ومع ذلك، وبعد شهر واحد، تم الطعن في القانون أمام المحكمة التي أصدرت أوامرها للحكومة بإلغاء الزيادة، وهي الخطوة التي أعقبها حل مجلس الأمة وإجراء انتخابات مبكرة.
وأثناء مناقشة سابقة في إبريل/ نيسان 2016، أبلغت وزارة الكهرباء والماء مجلس الأمة بأنه إذا بقي الدعم على حاله واستمر استهلاك الكهرباء والمياه على وتيرته الحالية، فإن قيمة الدعم التي ستتحملها الحكومة حتى عام 2035 ستصل إلى 25 مليار دولار.
ويقول التقرير إن الجهود المستمرة لخفض الدعم على الوقود والمرافق كانت "خطوة في الاتجاه الصحيح"، رغم رفض مجلس الأمة السابق الموافقة على تمرير مشروع قانون خفض دعم الكهرباء والماء.
وفي وقت لاحق، تمت الموافقة على تنفيذ الإصلاحات شريطة أن تطبق فقط على المساكن التي يشغلها الوافدون المقيمون في البلاد والبالغ عددهم 3 ملايين، والأنشطة التجارية التي يقومون بها، فيما يعفى منها 1.34 مليون مواطن.
ويعني هذا التغير أن رسوم الكهرباء في المباني السكنية ارتفعت من فلسين لكل كيلوواط ساعة إلى 15 فلساً، بل إنها تصل إلى 25 فلساً بالنسبة للعقارات التجارية.
ويشرح صندوق النقد الدولي في تقرير حديث، أن الكلفة الضمنية لدعم الطاقة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بلغت 7.2% في الكويت، مقابل 4.2% في السعودية و3.6% في البحرين و3.5% في قطر، وفي الإمارات العربية المتحدة، حيث فرضت تخفيضات في الدعم أكثر صرامة، بلغت الكلفة الضمنية للدعم 0.8% فقط.

خفض الإنفاق العام
ويرى الخبير الاقتصادي يحيى كمشاد، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه في ضوء انخفاض أسعار النفط يتوجب الآن القيام بالتخفيض التدريجي في الإنفاق، مشيراً إلى أنه بعد تحويل الاقتطاعات اللازمة إلى صندوق احتياطي الأجيال سوف تنتقل الموازنة العامة المحلية من حالة الفوائض إلى العجز في ظل التوقعات باستمرار تراجع أسعار النفط خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد كمشاد أن الحكومة الكويتية في حاجة إلى تنفيذ الخطط المحكمة والواضحة لضبط الأوضاع المالية العامة على امتداد الأجل المتوسط لتحقيق التوازن بين الإنفاق وانخفاض النفقات فضلاً عن رفع أسعار الطاقة تدريجياً والتي لا تزال متدنية جداً مقارنة بالمعايير الدولية.
واختتمت أوكسفورد التقرير بأن الزيادة في أسعار الوقود ساهمت في تراجع ثقة المستهلك بصورة كبيرة، حيث إنه على الرغم من النمو في معدلات التوظيف والرواتب في القطاع الحكومي، فقد انخفض مؤشر ثقة المستهلك بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية، خاصة في الربع الأول من عام 2017 الذي شهد انخفاضاً حاداً، لا سيما في أوساط الأسر الكويتية.

المساهمون