شركات عراقية متهمة بتمويل الإرهاب... والمستثمرون خائفون

شركات عراقية متهمة بتمويل الإرهاب... والمستثمرون خائفون

22 سبتمبر 2017
غسل الأموال يفاقم الأزمات المعيشية (مروان إبراهيم/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت السلطات العراقية إغلاق شركة وساطة مالية جديدة، أمس، لتواصل حملتها ضد شركات الوساطة منذ نحو شهرين بتهم غسيل أموال وتمويل الإرهاب وارتكاب مخالفات مالية، ما أثار انتقادات عاملين في القطاع إذ شكّكوا في قانونية الإجراءات مؤكدين أنها لصالح منافسين يستهدفون الانفراد بسوق العملة. 

ومن جانبهم حذر خبراء اقتصاد من أن تلك التهم قد تعزز من مخاوف الشركات الأجنبية، التي ترغب بالعمل داخل السوق العراقية.

وحسب بيانات البنك المركزي على موقعه الإلكتروني، فقد تم سحب ترخيص 23 شركة حوالات مالية وتصريف دولار من الفترة 20 تموز/يوليو الماضي وحتى أمس. ويشمل سحب الترخيص إغلاق الشركة ومنعها من التعامل المالي في العراق بشكل عام.

وتعزو بيانات البنك المركزي تلك القرارات إلى ما تصفه بمخالفتها التعليمات والقوانين. وفي المقابل أكدت مصادر من البنك المركزي العراقي لـ "العربي الجديد" أن هناك انتقائية في إجراءات غلق الشركات، تقودها مافيات فساد ونفوذ شركات أخرى لا ترغب بوجود منافس لها بالسوق العراقية.

ومن أبرز الشركات التي لها حضور في العراق ممن طاولتها الإجراءات الحكومية، الكوثر، الأمل، الدعاء، الحدباء، الخيمة، الخضراء، الرماح، برج الفنار، الحق اليقين، الصحراء، السمير، المازن، هلال الموصل، النمور، زحل، الممتاز، تدمر وغيرها.

وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة المالية العراقية، لـ "العربي الجديد"، " إن الإغلاق وسحب الرخص يتم من خلال مخالفات عدة، مثل شبهات تمويل إرهاب أو غسيل أموال أو احتكار عملة أجنبية لرفع سعرها".

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن جميع تلك الشركات متورطة بمخالفات مالية، مشيراً إلى أن هناك شركات كبيرة لديها فروع في دمشق وطهران وتحول مبالغ خيالية دون أن تفصح عن السبب، ولم يترتب عليها استيراد شيء للبلاد ولا تتم محاسبتها.

وحسب المسؤول العراقي، فإن هناك شركات تتورط بشراء ملايين الدولارات من سوق العملة لتحتكره ثم تبيعه بعد ساعات بسعر أعلى، وهناك شركات لم تسلم قاعدة بيانات زبائنها للبنك وهي مستمرة في العمل حتى الآن.

وأكد المسؤول أن تدخل أحزاب وقيادات سياسية في هذا الموضوع حول الأمر إلى عملية انتقائية، تستهدف أطرافا محدّدة لصالح تجّار عملة يرغبون في احتكار بيع الدولار لأنفسهم، ولا يرغبون في منافسين آخرين.

عضو لجنة تنظيم مزاد العملة في بغداد محمد عوني أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن هناك شركات ما زالت تعمل رغم ارتكابها مخالفات كثيرة ولم تغلق كونها تملك ظهرا قويا في البنك المركزي، الذي استخدم قانون تجفيف منابع الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال بشكل انتقائي. وأوضح عوني أن البنك أغلق الشركات التي لا تمتلك حزبا أو جهة سياسية يدافع عنها، و"نحن نشكك بحيادية البنك ولجانه" وفقا لقوله.

من جانبه قال المحلل الاقتصادي عصام الليثي، لـ "العربي الجديد"، إن العقوبات المصرفية على شركات الصيرفة والحوالات المالية تشمل حسب قانون الشركات رقم 94 وضع اليد على الأموال مجهولة الأصول، مع فتح تحقيق جنائي فيها.

وأضاف أنه "وفقا للقانون فإن البنك المركزي هو المسؤول عن السياسة النقدية بالعراق وسلطته نافذة على جميع المصارف الحكومية والأهلية وشركات المال، مشيراً إلى أن كثيرا من الشركات لم تقدم مستندات رسمية للمبالغ التي أخرجتها ولحساب أي جهة وما يقابلها من السلع والبضائع التي ستدخل إلى البلاد ولحساب أي شركة أو مؤسسة".

وتابع أن "بعضها يقوم بتقديم معلومات غير صحيحة عن عملها لتضليل اللجان التفتيشية التابعة للبنك، وتتخذ إجراءات كاذبة للاحتيال بشأن رأسمالها وهو ما يدخل في شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال والتلاعب بالسوق المالية، وفي النهاية فإن الإجراء صحيح لكن اللغط الحاصل بالشارع حالياً هو انتقائية تعامل البنك المركزي مع شركات المال".

وحسب توقعات الليثي فإن قائمة شركات جديدة ستصدر في القريب العاجل، لكنه في نفس الوقت دعا إلى فتح ملف الشركات العشرين الكبرى التي يملكها سياسيون ورجال دين، كونها الأقوى بالسوق وتتورط بعمليات تحويل مالية ضخمة من العملة الصعبة لخارج العراق دون رقيب، حتى لا تتم استباحة العملات الأجنبية التي يمتلكها العراق وإدخال البلد في منزلق التضخم وتضرر سوق العمل واضطراب السياسة النقدية والمالية وكذلك الإخلال بقيمة العملة العراقية.

وحسب بيانات رسمية، بلغ مجموع شركات الوساطة المالية المرخصة في العراق 311 شركة بداية العام الماضي، تم إلغاء تراخيص نحو 40 منها خلال العام الجاري ونهاية العام الماضي، كما تم إغلاق نحو 200 أخرى لم تكن تعمل ضمن ترخيص مسبق في بغداد والمحافظات.
ولا يسمح البنك المركزي إلا لعشرة بنوك أهلية و43 شركة وساطة مالية بالاشتراك في مزاده اليومي للعملة الصعبة (الدولار).

المساهمون