الأردن يضيق الخناق على التمويل الأجنبي

الأردن يضيق الخناق على التمويل الأجنبي.. وضوابط لاستفادة الشركات والجمعيات

20 سبتمبر 2017
جدل في الشارع حول التمويل الأجنبي للشركات (Getty)
+ الخط -
عادت أزمة التمويل الأجنبي للشركات والجمعيات في الأردن إلى الواجهة مجدّداً، بعد إحالة الحكومة شركة معروفة إلى النائب العام بتهمة تلقي تمويل خارجي من جهات ومنظمات دولية، رغم مرور 20 عاما على تأسيس هذه الشركة.
وكشف مسؤول حكومي عن بدء الحكومة تدقيقاً على التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه بعض الشركات والجمعيات، للتأكد من سلامة الوضع القانوني لها وحقها في الحصول على الأموال من الخارج. وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، في تصريح لـ "العربي الجديد" أنه سيتم فتح ملفات العديد من الشركات التي تحصل على تمويل خارجي وإحالة أي مخالفات إلى النائب العام، مشيرا إلى أن هناك تجاوزات ثبت وقوعها بهذا الخصوص ولا بد من معالجتها.
وكانت الحكومة قد أحالت إلى القضاء، أخيراً، شركة نضال منصور وشركاه المختصة بالدفاع عن الحريات وحماية الصحافيين بتهمة تلقي تمويل أجنبي بخلاف القوانين المعمول بها في الأردن.
وفي هذا السياق، قال مراقب عام الشركات، رمزي نزهة، لـ "العربي الجديد"، إن الشركة مسجلة على أنها مدنية والقانون حصر التمويل الأجنبي بالشركات غير الربحية، مشيرا إلى أنه يتم التدقيق على كافة الشركات لهذه الغاية. ورفض المراقب الدخول في تفاصيل القضية كونها من وجهة نظره منظورة أمام القضاء.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة التنمية الاجتماعية، فواز الرطروط، إن الجمعيات في الأردن تخضع للرقابة ويشترط عليها الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة، إذا رغبت في الحصول على التمويل الأجنبي بحيث يتم تحديد مصدر التمويل وأوجه إنفاقه.
وأضاف الرطروط، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن مجلس الوزراء أصبح منذ عامين تقريبا صاحب الصلاحية في منح الموافقات على التمويل الأجنبي، سواء للشركات أو الجمعيات، وذلك لضبط عمليات التمويل الأجنبي وضمان سيرها بالطرق السليمة.
واشار إلى أن الحكومة لا تمانع في حصول الجمعيات والشركات غير الربحية على التمويل الأجنبي، شريطة صدور الموافقات اللازمة، وأن يتم صرف تلك المبالغ وفقا للغايات التي تخدم المجتمع، وبخاصة عمليات التوعية والتدريب وغيرها.
وحسب بيانات رسمية فقد تقدمت أكثر من 170 شركة وجمعية للحصول على تمويل أجنبي في العام الجاري، وقد صدرت موافقات لـ 90 مؤسسة وتختلف المبالغ من مؤسسة لأخرى فيما لا توجد إحصائيات بعدد المتقدمين بطلبات للحصول على الدعم في العام الماضي.
وقدرت تقارير غير رسمية مبالغ الدعم الموجهة للجمعيات بأكثر من 10 ملايين دولار العام الماضي، فيما لا تتوفر إحصائيات بحجم المبالغ الموجهة للشركات وغيرها من الجهات الأخرى التي تتلقى تمويلا أجنبيا، غير أن مراقبين يقدرونه بعشرات الملايين من الدولارات سنويا.
وفي هذ السياق، قال النائب البرلماني، صالح العرموطي، لـ "العربي الجديد"، إن التمويل الخارجي الذي تتلقاه شركات وجمعيات في الأردن وغيرها تجاوز الخطوط الحمراء ويشكل خطرا على المنظومة الأمنية، مشيرا إلى أن الجهات المتلقية للدعم تصدر تقارير عن الأوضاع في البلاد سواء السياسة أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية بحسب أهواء الداعمين. وأوضح أن الخطورة تكمن في أن تلك التقارير تنطوي على معلومات مغلوطة وغير دقيقة، وتُستقى من غير مصادرها لضمان الحصول على الدعم.
وتابع أن أكثر الجهات الحاصلة على التمويل خطورة، هي التي تعمل في مجالات خاصة متعلقة بحالات العنف والاتجار بالبشر والاغتصاب والانتحار وتعاطي المخدرات وغيرها، حيث تستخدم جهات خارجية التقارير الصادرة من زبائنها لمهاجمة الأردن بخلاف الواقع.
وبين العرموطي أن بعض الجهات تسيء استخدام التمويل الأجنبي وذلك لغرض مهاجمة الدولة وتصوير الواقع على أنه سيىء وخاصة الأوضاع المعيشية وحالة الحريات والديمقراطية وغيرها. وللأسف لا تستخدم هذه الأموال في خدمة وتنمية المجتمع، حسب العرموطي.
وكانت الحكومة قد أصدرت عام 2015 آلية جديدة للحصول على التمويل الخارجي، تشترط الحصول على موافقة مجلس الوزراء، الذي أجاز له القانون حل أي جمعية والتحفظ على أموالها وممتلكاتها في حال تلقي تمويل خارجي قبل الحصول على الموافقات الرسمية المفترضة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ "العربي الجديد": لقد وضعت الحكومة يدها بشكل متأخر على ملف التمويل الأجنبي الذي أصبح يخضع للرقابة من قبل الجهات المختصة، ما أدى إلى إغلاق بعض المؤسسات التي لم يعد باستطاعتها الحصول على الدعم بالطرق القديمة.
وقدر عايش حجم التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه مؤسسات المجتمع المدني في الأردن بحوالى 150 مليون دولار سنويا، وبحد أعلى لا يتجاوز 8 ملايين دولار لكل جمعية أو شركة.
وتابع عايش أن النتائج على أرض الواقع من خلال برامج ومؤسسات المجتمع المدني قليلة جدا، بسبب أن كثيرا من الجمعيات والشركات تقصد من وراء التعامل الأجنبي التكسب وليس خدمة المجتمع، مشيرا إلى أن الجهات المانحة لا تثق احيانا بجدية الحاصلين على التمويل وتوجيه الدعم لخدمة المجتمع.
وأوضح أن سجلات الجمعيات والشركات المالية يجب أن تخضع للرقابة باستمرار، للحد من الاختلالات التي قد تحدث وبما يؤدي إلى خدمة المجتمع وتوجيه الدعم بالشكل الصحيح.
وأكد عايش أهمية إجراء دراسات أثر للمشاريع والبرامج التي تقوم بها الجهات الحاصلة على التمويل الأجنبي، للوقوف على النتائج التي تعود على المجتمع من ناحية التوعية والتنمية وتوفير فرص العمل.
وتسمح الحكومة بترخيص شركات غير ربحية لممارسة أنشطة تخدم المجتمع وتتيح لها إمكانية الحصول على الدعم الخارجي بالطرق الرسمية، وتركز على عمليات التوعية والتنمية والتدريب في العديد من المجالات. وتدرس الحكومة حاليا إعادة النظر في آلية وشروط ترخيص الشركات غير الربحية التي يسمح لها بالحصول على الدعم، على أن يوجه للمجتمع وألا تعمل على أساس تحقيق الأرباح، حيث تبين أن مؤسسات كبرى مثل الجامعات أسست على أنها شركات غير ربحية.
وقال عبدالله الحناتلة، المدير العام لمركز سواعد التغيير لتمكين المجتمع، لـ "العربي الجديد" إن الحصول على التمويل الأجنبي يتم وفقا للإجراءات الحكومية، وإن كان ذلك يعيق العمل أحيانا لكنه يضمن سلامة الحصول على الدعم وتوجيهه لخدمة المجتمع.
ولا ينكر الحناتلة، أن هناك بعض التجاوزات واحتمال وجود بعض المؤسسات، التي تستغل التمويل الأجنبي لغايات التكسب وتحقيق مصالح ذاتية، بينما تلتزم فيه كثير من الشركات والجمعيات والمراكز بغايات التمويل وإنفاقه على الأوجه اللازمة.
وفي المقابل يتخوف ناشطون في مجال الاستثمار، من تأثر مناخ الأعمال بالإجراءات الحكومية لمراقبة التمويل الخارجي، لاسيما الذي يأتي للشركات.
وكان الأردن قد حل بالمرتبة 118 في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال بين 190 دولة في العام 2016، متراجعاً خمس مراتب بعدما حل بالمرتبة 113 بين 189 دولة في مؤشر 2015.
وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي بنسبة 11.9% على أساس سنوي، خلال أغسطس/ آب الماضي، بعد أن بلغت 11.1 مليار دولار، مقارنة بنحو 12.6 مليار دولار خلال نفس الشهر من 2016، وفق بيانات للبنك المركزي، يوم الإثنين الماضي.

المساهمون