عقوبات تركيا المحتملة تهدّد بانهيار مالي لكردستان العراق

أردوغان يضغط بورقة الاقتصاد: عقوبات تركيا المحتملة تهدّد بانهيار مالي لكردستان العراق

21 سبتمبر 2017
مخاوف بالأسواق من استفتاء مرتقب لكردستان العراق (Getty)
+ الخط -
أخذت حكومة إقليم كردستان العراق على محمل الجد تهديدات تركيا بدراسة فرض عقوبات اقتصادية على أربيل لاعتزامها إجراء الاستفتاء الخاص بالانفصال.
ويرجع ذلك إلى ثقل الاستثمارات التركية داخل الإقليم، والتي تصل إلى نحو 40 مليار دولار، فضلا عن اعتماد كردستان بشكل كامل على تركيا في تصدير النفط والغاز الذي يعتبر شريان حياة الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، حسب مستثمرين وخبراء اقتصاد عراقيين لـ"العربي الجديد".

ووفقا لمصادر رفيعة في حكومة الإقليم، لـ"العربي الجديد" فإن تصريحات أردوغان كانت بمثابة التهديد الأخطر في الأزمة، وخاصة أن هناك نحو 200 شركة تركية تعمل في كردستان بقطاع النفط والغاز والإسكان والبنى التحتية والسياحة والنقل والكهرباء والاتصالات تشغل أكثر من 200 ألف من مواطني الإقليم، وانسحابها سيشكل صدمة اقتصادية للإقليم، حسب المصادر لـ "العربي الجديد".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس، إن بلاده ستبحث فرض عقوبات على إقليم كردستان العراق بسبب اعتزامه إجراء استفتاء على الاستقلال. وصعدت تركيا، أول من أمس، موقفها المعارض لاستفتاء كردستان على الاستقلال عن العراق قائلة، إن تقسيم جارتها قد يؤدي إلى صراع عالمي.

وقال أردوغان أثناء حضوره جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إن مجلس الأمن القومي التركي ومجلس الوزراء سيناقشان العقوبات المحتملة على شمال العراق عند اجتماعهما غدا الجمعة.
وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس المنطقة الحرة في السليمانية (منظمة شبه حكومية)، شوان سنجري، لـ "العربي الجديد" أن "تصريحات الرئيس التركي حول فرض عقوبات اقتصادية ستكون لها ارتدادات كبيرة".

وأضاف أن حجم الاستثمارات التركية في كردستان هو الأعلى بين دول العالم وتتراوح بين 37 إلى 40 مليار دولار وفي مختلف المجالات والقطاعات، فضلا عن القطاع البنكي، حيث توجد أربعة بنوك تركية كبيرة في الإقليم وتنشط أكثر من غيرها.
وأشار إلى تصدير نحو ربع مليون برميل نفط عبر تركيا التي تعتبر المقوم الأساسي الحالي لحكومة كردستان في تدبر دفع مرتبات موظفي الإقليم والإنفاق على الجانب الأمني والعسكري. وعلق أيضا: "إغلاق الحدود وسحب الشركات سيفاقم الأزمة، كما أن عائدات النفط يتم إيداعها في بنوك تركية، وهذا بحد ذاته تهديد خطير".

وحسب تقارير رسمية، تبلغ نسبة الفقر في الإقليم أكثر من 30 % تفاقمت بعد عقوبات فرضتها بغداد على أربيل، من بينها قطع مرتبات موظفي الإقليم وتقليل نسبة حصتهم بالموازنة السنوية من 21 إلى 17%.
وردا على التهديدات التركية كشف رئيس رابطة المستوردين والمصدرين في إقليم كردستان، مصطفى عبد الرحمن، في مؤتمر صحافي، أمس، عن وجود خطة لمواجهة تبعات الاستفتاء.

وأوضح عبد الرحمن أن البنية التحتية لإقليم كردستان قوية وقطاع الصناعة الداخلي جيد، مشيراً إلى أن الإقليم غني بموارده الاقتصادية الطبيعية، ويمكن الاعتماد عليها في مواجهة أي تبعات اقتصادية بعد استفتاء استقلال الإقليم المقرر في 25 من سبتمبر/أيلول الجاري، من خلال خطة على ثلاث مراحل لاقتصاد الإقليم، أولها الاستيراد والتخزين لسد الحاجة المحلية والثانية تعزيز الإنتاج المحلي تمهيدا لمرحلة ثالثة وهي التصدير، ويمكن تصنيف إقليم كردستان حاليا في المرحلة الثانية، حسب عبد الرحمن.

وأضاف أن الاستفتاء على استقلال كردستان مسألة وطنية ملحة ويجب إتمام العملية بنجاح.
وفي المقابل وصف الخبير الاقتصادي العراقي لطيف اليحيى تصريحات عبد الرحمن بالسياسية وغير الواقعية بالنسبة للملف الاقتصادي بالبلاد.
وأوضح اليحيى الذي عمل لسنوات أستاذا بكلية الاقتصاد بجامعة بغداد لـ"العربي الجديد" أن إغلاق الحدود بين تركيا والإقليم سيكون بمثابة انهيار القدرة المالية والاقتصادية لكردستان، فالمنتج المحلي لا يسد أكثر من 60% من احتياجات كردستان، كما أن أي منفذ للتصدير لم يعد متاحا.
وتمتلك كردستان حدودا دولية مع سورية وإيران وتركيا، وتم إغلاق الحدود مع سورية منذ سنوات بعد اتساع رقعة المعارك إلى الحدود قرب بلدة عين العرب (كوباني).

ولفت اليحيى إلى أن التهديد الاقتصادي للإقليم يعتبر أكبر وأكثر خطرا من العسكري المستبعد حاليا بأي شكل من الأشكال من قبل دول الجوار.
وكان المتحدث باسم محافظة أربيل حمزة نادر قد أعلن في وقت سابق عن أن "تركيا تأتي في المرتبة الأولى من حيث حجم الاستثمارات في الإقليم، ويليها لبنان بالترتيب الثاني، ثم تأتي بقية الدول".
وتستقطب مدن إقليم كردستان الكثير من رجال الأعمال العرب والأجانب والشركات الاستثمارية، وشهدت نهضة عمرانية واقتصادية كبيرة على مدى السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق.


المساهمون