سرقة المزروعات... ظاهرة تتسع وتهدد موسم الزيتون في تونس

سرقة المزروعات... ظاهرة تتسع وتهدد موسم الزيتون في تونس

13 سبتمبر 2017
توقعات بموسم زيتون جيد (Getty)
+ الخط -

ينظر المزارع ماهر بن إسماعيل إلى حقل الزيتون مستبشرا بما جادت به الطبيعة هذا العام، فأغلب أشجاره محملة الأغصان بزيتون جيد النوعية، لكن ثمة ما يعكر صفوه ونظرائه، فظاهرة سرقة المزروعات في تونس تأخذ في الانتشار.

ويبدو الموسم، حسب حديث ماهر لـ"العربي الجديد"، مخالفا للمواسم السابقة، فأغلب الأشجار أثمرت هذا العام رغم صغر سنها، مشيرا إلى أن تهاطل الأمطار بكثافة الشتاء الماضي ساعد مزارع الزيتون في أغلب محافظات البلاد على التجدد وتوفير محصول جيد كما ونوعا.

غير أن مخاطر سرقة المحاصيل وطرق تأمينها باتت تشكل هاجسا حقيقيا بالنسبة لأغلب المزارعين، وفق تصريحات ماهر، في ظل تكرر عمليات النهب التي تطاول الغلال على رؤوس الأشجار.

ويتكبد المزارعون، بسبب تكرر السرقات من عصابات نهب منظمة، مصاريف إضافية لحماية أشجارهم ومحاصيلهم، خاصة أن عمليات النهب غالبا ما تتسبب في أضرار للشجيرات النامية نتيجة قطع أغصان كاملة، ما يجعل الخسارة مضاعفة.

ويشير ماهر إلى أن أغلب المزارعين في منطقته انتدبوا رجال حراسة يسهرون على تأمين المزارع إلى حين بلوغ موسم الجني إلى جانب الدوريات الأمنية التي تؤمن المراقبة باستمرار منعا لتسلل عصابات أصبحت مختصة في سرقة المحاصيل الزراعية بمختلف أصنافها، حسب تأكيده.

وقال المزارع إن عددا من الفلاحين استغلوا الظروف الطبيعية الملائمة العام الماضي لتجديد أشجارهم وضخ استثمارات مهمة في هذا القطاع، متوقعا أن يشهد القطاع في السنوات القادمة نقلة نوعية تعزز مكانة الزيت التونسي في الأسواق العالمية.

وينتظر مزارعو الزيتون في تونس شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لجني محاصيل تعوّض خيبات السنوات الماضية، حيث يلوح الموسم هذا العام واعدا بعد أن قدرت وزارة الزراعة نسبة الزيادة في المحاصيل ما بين 20 و30% مقارنة بالعام الماضي.

وتعول تونس على موسم جني الزيتون لتحسين صادراتها الغذائية بعد خيبة الأمل التي مني بها مزارعو الحبوب هذا العام نتيجة انحباس الأمطار في فترات مفصلية من العام الزراعي.

وتتوقع وزارة الزراعة، وفق البيانات المعلن عنها أخيرا، أن تتجاوز صادرات تونس من زيت الزيتون 200 ألف طن، خلال موسم 2017-2018، وهو ما يسهل نفاذ المنتج التونسي إلى أسواق جديدة، على غرار كندا والولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا والهند، والابتعاد شيئا فشيئا عن الأسواق التقليدية الأوروبية (إسبانيا وإيطاليا).

وتمثل صادرات زيت الزيتون العمود الفقري للصادرات الغذائية التونسية، فيما يحتل القطاع موقعا متقدما في المنظومة الاقتصادية من حيث المردودية المالية من العملة الصعبة وقدرته على خلق فرص العمل.

ويخشى كاتب عام جامعة الزيتون محمد النصراوي، من مخاطر تحوم حول المحصول هذا العام، مشيرا إلى أن ارتفاع عدد السرقات في السنوات الماضية بات يهدد المزارعين.

وقال النصراوي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مخاطر السرقة لم تكن مطروحة في السنوات السابقة، حيث لم يكن المزارعون مطالبين بتوفير الحماية لأشجارهم، غير أن عصابات النهب المنظمة أصبحت تشكل خطرا كبيرا، حسب تأكيده.

وأضاف كاتب عام جامعة مزارعي الزيتون أن وفرة المحصول هذا العام تطرح تحديا كبيرا أمام الفلاحين بتوفير الإمكانيات البشرية واللوجستية لجني المحصول في أحسن الظروف بما يمكّن من توفير عائدات مهمة يعول عليها الاقتصاد المحلي.

وشدد النصراوي على أهمية توفير اليد العاملة المؤهلة لجني المحصول، لافتا إلى أن زمن الجني التقليدي قد ولّى في وقت تحتد المنافسة العالمية حول جودة الزيوت المصدرة.

ولمّح المسؤول بمنظمة المزارعين إلى إشكالية نقص اليد العاملة المختصة في المجال ونقص الاستثمار في آليات الجني الحديثة نظرا لغياب الحوافز والتمويلات المصرفية التي تدفع نحو هذا الصنف من الاستثمارات، وفق تأكيده.

ولا يخفى خطر السرقات على وزارة الزراعة التي أكد وزيرها سمير بالطيب، في تصريحات إعلامية، أن الوزارة ستعمل على حماية المحاصيل هذا العام بتكثيف الحراسة على غابات الزيتون من قبل مصالح الأمن والجيش، فضلا عن حث المزارعين على توفير الموارد البشرية اللازمة والمختصة لتأمين الجني في أحسن الظروف.

يقدر معدل الصادرات السنوية من الزيت، وفق بيانات لوزارة الزراعة خلال العشر سنوات الأخيرة، بنحو 145 ألف طن، ما يمثل 80% من الإنتاج المحلي.

وبلغت عمليات تصدير زيت الزيتون، إلى نهاية يوليو/ تموز الماضي، حوالي 71617 طنا، مكنت من تحصيل عائدات بحجم 697 مليون دينار، أي نحو 290 مليون دولار، مقابل تصدير 78336 طنا، بعائدات قدرت قيمتها بقرابة 590 مليون دينار (233 مليون دولار) في الفترة نفسها من الموسم الماضي.

وتحتل تونس المرتبة الثانية عالميا على مستوى المساحات المخصصة لأشجار الزيتون وتأتي بعد إسبانيا، وتغطي هذه المساحات 1.8 مليون هكتار وتضم أكثر من 86 مليون شجرة.

ويمثل قطاع الزيتون، وفق مؤشرات وزارة الفلاحة، النشاط الرئيس لحوالي 309 آلاف "مستغلة"، وهو ما يعادل نسبة 60% من العدد الإجمالي للمستغلات الفلاحية في تونس.



دلالات

المساهمون