أزمة السيولة النقدية تطيح بغزة

أزمة السيولة النقدية تطيح بغزة

31 اغسطس 2017
أزمة الرواتب تهدد أسواق غزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -






تبدو الأزمات الاقتصادية فعلاً مرتبطة بقطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ صعود حركة حماس إلى سدة الحكم بعد فوزها عام 2006 بالانتخابات التشريعية، إذ لا تتوقف عجلة هذه الأزمات عن طحن ما تبقى من مقومات اقتصاد تهالك بفعل تلاحق الحروب واستمرار الحصار وتداعياته الخطيرة على كل مناحي الحياة.

ويعاني القطاع من تفاقم أزمة السيولة النقدية لدى المواطن وحتى أصحاب المنشآت الاقتصادية، ما أسهم في بروز مشكلات عديدة كالشيكات المرتجعة للكثير من التجار والتسبب في سجنهم على قضايا ذمم مالية، وإغلاق مشاريع اقتصادية وغيرها من الإشكاليات.

ومؤخرًا، فجرت الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بحق موظفي السلطة العموميين بغزة المزيد من الأزمات الاقتصادية التي أسهمت في عجز السيولة النقدية المتداولة بين المواطن والتاجر بالرغم من كل المحاولات التي يبذلها تجار غزة عبر الحسومات والتخفيضات التي لم تعد مغرية ولا مجدية.

ويقول الخبير الاقتصادي نهاد نشوان لـ "العربي الجديد" إن القطاع يعاني بشكل كبير من أزمة من السيولة من الممكن أن تؤدي به للوصول إلى حافة الانهيار خصوصًا أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية أدت لسحب 18 إلى 20 مليون دولار من السيولة المتوفرة في السوق.

ويضيف نشوان أن استمرار غياب السيولة النقدية بهذه الطريقة من القطاع سيفاقم الأزمات الاقتصادية وسيصل إلى مرحلة سيؤدي فيها سحب مبلغ كمليوني دولار إلى التأثير بشكل واضح رغم كون المبلغ بسيطا ولا يرتقي إلى رأس مال لشركة من الشركات العاملة في الأراضي الفلسطينية.

ويوضح الخبير الاقتصادي أن السلطة الفلسطينية ومنذ سنوات وعبر سلطة النقد (البنك المركزي) عملت على تقليص السيولة النقدية المتوفرة من 40 إلى 15 في المائة حيث خرجت مليارات الدولارات إلى خارج القطاع ولم تعد بأي شكل من الأشكال.

ويرى نشوان أن الحل للإشكالية الحالية هو فتح باب التصدير بشكل واسع، ما سينتج عنه دورة اقتصادية سريعة من الممكن أن تساهم في زيادة الصادرات وزيادة السيولة النقدية المتوفرة في السوق الغزي، في الوقت الذي يستعدّ القطاع لارتفاع واضح في الواردات.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن غياب السيولة النقدية أسفر عن ظهور العديد من المشكلات للكثير من تجار غزة من خلال الشيكات والكمبيالات المرتجعة بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بها في المواعيد المحددة وبفعل غياب السيولة النقدية وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان.
ومؤخرًا، أقرت السلطة الفلسطينية مجموعة من القرارات كان من أبرزها حسم 30 في المائة من رواتب الموظفين، فضلاً عن إحالة آلاف الموظفين من الشقين المدني والعسكري إلى التقاعد المبكر بشكل إجباري، في الوقت الذي كانت تساهم رواتب الموظفين العمومين بشكل واضح في الدورة الاقتصادية اليومية.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن القطاع الذي خاض ثلاث حروب ويعاني من الحصار المستمر للعام الحادي عشر على التوالي، لن يكون صالحًا للعيش بحلول عام 2020 بفعل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والحياتية وغياب أي رؤية تنموية.
من جانبه، يقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، سمير أبو مدللة، إن الأزمات الأخيرة التي عصفت بالاقتصاد الفلسطيني في القطاع ترجع إلى حالة الحصار الإسرائيلي المفروض ومنع عملية التصدير للخارج بالإضافة لحالة الانقسام السياسي وما تبعها أخيرًا من إجراءات.

ويشير أبو مدللة في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن السوق الوطني يعتمد على رواتب الموظفين العموميين، وتقليصها أدى العجز بالسيولة الذي نتج عنه مؤخرًا كميات كبيرة من الشيكات المرتجعة للتجار وأحيل بعضهم إلى الجهات الحكومية في غزة بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم.

ويؤكد أستاذ علم الاقتصاد أن أزمة السيولة النقدية من الممكن أن تؤدي إلى إغلاق عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية بسبب عجز مالكيها عن توفير السيولة الكافية في ظل ما يعانيه القطاع من أزمات اقتصادية معيشية تتفاقم بشكل متواصل.
ويشير أبو مدللة إلى أن أصحاب المنشآت التجارية في القطاع يعانون من ارتفاع النفقات التشغيلية، على الأخص في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات، فضلا عن ارتفاع الضرائب والإجراءات الحكومية، ومؤخرًا أزمة السيولة التي نتجت عن إجراءات السلطة بحق 58 ألف موظف تابعين لها.

المساهمون