لوبي شركات السيارات يهيمن على القرار السياسي بألمانيا

لوبي شركات السيارات يهيمن على القرار السياسي بألمانيا

04 اغسطس 2017
مصنع فولكسفاغن في ألمانيا (مايكل غوتشالك/Getty)
+ الخط -
في قمة عُقدت في برلين، مساء الأربعاء، أطلق عليها "قمة الديزل"، بين رؤساء شركات السيارات الألمانية وممثلين عن الحكومة الاتحادية وحكومات المقاطعات الألمانية، طُرحت أسئلة حول تأثير شركات السيارات الألمانية على القرار السياسي في ألمانيا ومدى ضرره على البيئة والمستهلك في ألمانيا.
وكانت بعض جماعات البيئة قد اتهمت الحكومة الألمانية بأنها تحابي شركات السيارات على حساب صحة المواطن الألماني.
وحسب تقرير لموقع "دويتشه فيله" الألماني، قال وزير المواصلات الاتحادي، الكسندر دوبريندت، في ختام القمة، إنه تم الاتفاق مع الشركات الألمانية على تقليل نسبة الانبعاثات بسرعة، وألا يفرض الحظر على قيادة بعض السيارات في بعض المدن.
من جانبها، قالت وزيرة البيئة الاتحادية، باربارا هيندريكس "إنه يجب أن تكتمل إجراءات تحديث تلك السيارات مع نهاية عام 2018، وأن تتحمل الشركات تكلفة ذلك".

ولكن قبل القمة طُرحت العديد من التساؤلات حول مدى أولوية حماية البيئة والمستهلك لدى الحكومة، نتيجة لضغط شركات صناعة السيارات عليها. فقبل القمة، قالت نائبة المتحدث باسم الحكومة، أولريكا ديمر "نحتاج إلى صناعة قوية ومبدعة، ولكن نظيفة وصادقة أيضاً"، وأضافت "الموضوع هو أن ننتقد ما يجب نقده، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن المسألة تتعلق بقطاع اقتصادي مهم واستراتيجي لألمانيا".
وتعد صناعة السيارات من أهم ركائز الاقتصاد الألماني، حيث تساهم بجزء كبيرة من الدخل القومي، ولكن الحديث عن تأثير هذه الصناعة على قرارات الحكومة عاد من جديد في برلين، إثر قضية تلاعب شركة فولكسفاغن بنظام الانبعاثات في سياراتها ذات محركات الديزل، قبل أن تصل الحكومة الاتحادية والشركات المصنعة للسيارات إلى اتفاق تعهدت فيه الشركات بتطوير تطبيق جديد من أجل تقليل نسبة الانبعاثات في 5.3 ملايين سيارة تعمل بمحركات الديزل، وفقاً للمعايير الأوروبية.

وتتخوف الحكومة الألمانية من إجازة قرارات صارمة ضد صناعة السيارات الألمانية، لأنها تشكل رأس الحربة في إنعاش الصادرات الألمانية، كما أنها من أهم القطاعات المشغلة، حيث يوفر قطاع السيارات أكثر من 800 ألف وظيفة بشكل مباشر، ونحو نصف مليون وظيفة بشكل غير مباشر. كما يشكل إنتاجها نحو الخمس من الصادرات.
من هذا المنطلق تتخوف الحكومة من تأثير فشل شركات السيارات الكبرى، مثل فولكسفاغن ومرسيدس و"بي.أم.في" "وبي إم دبليو" على الاقتصاد الألماني.

ويقول تقرير "دويتشه فيله"، على مدى عقود، كان هناك تبادل حيوي بين السياسة وصناعة السيارات بسبب أهميتها الاقتصادية. وعلى الحبال الواصلة بينهما تلعب جماعات الضغط. وانتقالها من أحدهما إلى الآخر ليس شيئاً غريباً.
على سبيل المثال: شركة دايملر العملاقة والمنتجة لمرسيدس وضعت إيكارت فونكليدن، عضو الحزب الديمقراطي المسيحي، ووزير الدولة لشؤون مكتب المستشارية، رئيساً لجماعة ضغطها. كما أن فولكسفاغن قامت بالاستعانة بالنائب السابق للمتحدث باسم الحكومة توماس شتيغ ليبني لها أفضل العلاقات ضمن الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وحتى رئيس رابطة صناعة السيارات الألمانية - منذ فترة طويلة- ماتياس فيسمان، كان في التسعينيات وزيراً للنقل ويجلس مع ميركل على طاولة الحكومة. والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية، مارتن ييغر، كان رئيس جماعة ضغط شركة دايملر، والآن يشغل منصباً في وزارة الداخلية في بادن- فورتمبيرغ.
ووزير الخارجية الحالي، زيغمار غابرييل، أيضاً شغل ما بين عامي 1999 و2003 منصب رئيس حكومة ساكسونيا السفلى مع عضوية في مجلس إدارة شركة فولكسفاغن، حيث تعود 20% من أسهمها لحكومة المقاطعة.

ويشير التقرير إلى أنه، ليس الأشخاص وحدهم هم سبب التشابك بين السياسة وشركات صناعة السيارات، وإنما المال الكثير الذي يتم دفعه. فهذه الشركات تعطي عشرات الآلاف من اليوروهات للأحزاب الألمانية كتبرعات. فشركة دايملر كشفت، في إبريل/نيسان، عن الـ 100 ألف يورو التي تعطيها منذ سنوات لكل من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. في شهر حزيران/يونيو منح المساهمان الرئيسيان في شركة بي.إم.في للسيارات، شتيفان كفانت وسوزانا كلاتن، 50 ألف يورو، مرة للحزب الديمقراطي المسيحي ومرة للحزب الديمقراطي الحر.


(العربي الجديد)


المساهمون