التوتر الجيوسياسي يفشل في تحريك أسعار النفط

التوتر الجيوسياسي يفشل في تحريك أسعار النفط

27 اغسطس 2017
محطة وقود في اميركاتيم بويل/Getty)
+ الخط -
فشلت مجموعة من العوامل الجيوسياسية والمناخية في رفع أسعار النفط خلال الاسبوع الماضي، بعدما كانت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" تأمل، في أعقاب إقرار خفض كبير بسقف الإنتاج في اجتماع بطرسبرغ الشهر الماضي، أن ترتفع الأسعار متجهة نحو 60 دولاراً للبرميل. ويذكر أن الخفض جاء متزامناً مع تقرير أميركي أظهر انخفاض المخزونات التجارية بأميركا وبعض دول الاستهلاك الرئيسية في أوروبا وآسيا، وذلك حسب تحليل لشركة "إس سي إس كومديتز" الأميركية الوسيطة في تجارة النفط، مساء الجمعة (25 أغسطس 2017).
وقال تقرير الشركة المتخصصة في تجارة النفط ومشتقاته، على الرغم من إعصار هارفي الذي يضرب أكبر مركز تكرير في العالم في تكساس والتوترات الجيوسياسية الممتدة من منطقة الشرق الأوسط وحتى واشنطن، وانخفاض حجم المخزونات الأميركية، فإن خام غرب تكساس الأميركي يتحرك في نطاق ضيق بين 47 و48 دولاراً للبرميل، كما أن سعر خام برنت لم يرتفع سوى بسنتات قليلة ليبلغ 52.41 دولاراً للبرميل في إغلاق لندن. وهذا يعني أن النفط لا يستجيب كما ينبغي للاضطرابات السياسية والمناخية.
وتناول التحليل النفطي أربعة عوامل رئيسية أثرت على أسعار النفط خلال الأسبوع ومن المتوقع أن تواصل تأثيرها خلال الأسابيع المقبلة. وهي العوامل الجيوسياسية والمناخية ومخزونات الدول الرئيسية المستهلكة للنفط ومعدلات النمو الاقتصادي.
على الصعيد الجيوسياسي، قال التقرير، حظرت الولايات المتحدة يوم الجمعة المتاجرة في السندات السيادية الفنزويلية، كما حظرت كذلك المتاجرة في سندات شركة الطاقة الحكومية التي تدير النفط والغاز في فنزويلا وتعرف اختصاراً بـ"بي دي إس أيه". ولكن ذلك لم يترجم في ارتفاع أسعار النفط في إغلاق الجمعة، وحتى الارتفاع الضئيل الذي شهدته الأسعار، حدث بسبب إعصار هارفي.
وعلى صعيد تأثير الحظ رعلى فنزويلا، توقع مصرف "آر بي سي" الكندي يوم الجمعة، أن تقود خطوة الحظر الأميركية الجديدة إلى تخلف شركة النفط الفنزويلية عن تسديد ديونها العالمية خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني. كما توقع المصرف في مذكرة للعملاء، أن تقود الخطوة إلى خفض معدل الإنتاج النفطي في فنزويلا، ولكنه لم يحدد الكمية المتوقعة للإنتاج الفنزويلي بعد الحظر الأميركي. وفي ذات الصدد توقع المصرف الكندي انخفاض إنتاج النفط الليبي بسبب الاضطرابات السياسية.
وفي ذات الشأن الجيوسياسي وتأثيراته يتزايد قلق المضاربين والمستثمرين في النفط ومشتقاته من اضطراب قرارات الرئيس دونالد ترامب، وسط مجموعة من الانتقادات شديدة اللهجة التي وجهت له من قبل قيادات من حزبه ومن الحزب الديمقراطي حول أدائه في إدارة الولايات المتحدة.
ويراقب المستثمرون في الصناعة النفطية بقلق شديد تغريدات ترامب غير المتوازنة وتأثيرها على الاقتصاد الأميركي. وكان وزير الخزانة الأميركية ستيف مينوشين قد قال، في تصريحات سابقة، إن وزارته لا تستطيع تلبية الفواتير الحكومية بحلول 29 سبتمبر/أيلول دون الحصول على موارد مالية جديدة.
وعادة ما تقود عوامل الاضطراب الجيوسياسي توجهات المستثمرين في أسواقر المال والطاقة. وفي مثل هذه العوامل، كان من المتوقع أن يتحول المستثمرون وصناديق التحوط من الأسهم والسندات إلى المضاربة على شراء العقود المستقبلية للنفط ومشتقاته، ولكن هذا لم يحدث بناء على معطيات الأسعار والصفقات المنفذة في بورصة "وول ستريت"، وذلك حسب ما أوردت شركة ""إس سي إس كومديتز" الأميركية.ولاحظت الشركة" إن بعض الصناديق باعت بعض من عقودها بدلاً من أن تشتري عقوداً جديدة".
ويذكر أن "العربي الجديد"، كانت قد نشرت في الشهر الماضي، توقعات لمصرف باركليز البريطاني حول احتمال أن تكسب أسعار النفط 7 دولارات في حال شمل الحظر الأميركي صادرات النفط الفنزويلية. ولكن يلاحظ أن الحظر الذي فرضه ترامب يوم الجمعة لم يتناول الصادرات النفطية. وربما تكون الولايات المتحدة قد أخذت في الاعتبار أن الصين ستستفيد من أي حظر لصادرات النفط الفنزويلي لأنها ستقوم بشرائه بسعر رخيص.
وفي ذات الصدد، قال محللون لرويترز إن وفرة الإمدادات من منتجين كبار للنفط بما في ذلك أعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والولايات المتحدة، شجعت المستثمرين على التخلي عن مراكز دائنة اشتروها في يوليو/ تموز خلال فترة ارتفاع الأسعار.
أما على صعيد المخزونات النفطية، فقد أظهرت إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية المنشورة على موقعها، أن المخزونات الأميركية من الخامات انخفضت في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها في 20 شهراً، حيث انخفضت إلى 483 مليون برميل. وهذا المعدل أقل بنسبة 6.0% عن مستوياتها في نفس الفترة من العام الماضي. كما أظهرت إحصائيات أوروبية كذلك انخفاضاً في المخزونات. وعلى صعيد النفط المعروض من قبل المنتجين في "أوبك" وخارجها، فقد توقعت شركة "بترولوجستكس" التي ترصد شحنات منظمة أوبك، يوم الإثنين الماضي، أن ينخفض معروض المنظمة من النفط الخام 419 ألف برميل يومياً في أغسطس/ آب.
وقال دانييل جربر، الرئيس التنفيذي لبترولوجستكس، في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز "من المتوقع أن يبلغ متوسط الإمدادات من 14 دولة أعضاء بأوبك 32.8 مليون برميل يومياً في أغسطس، وهو ما يمثل تراجعاً قدره 419 ألف برميل مقارنة بأعلى مستوى في 2017 في يوليو". ولكن رغم ذلك لم تتفاعل أسعار النفط مع هذه التوقعات. وتتخوف الأسواق من حدوث زيادة كبيرة في انتاج العراق التي لا تدخل في سقف انتاج"أوبك"، ولديها طاقات جديدة وقدرة على زيادة انتاج النفط. كما يتخوف المضاربون على العقود المستقبلية كذلك من ارتفاع انتاج النفط النيجيري.
وعلى الصعيد المناخي، فإن أسعار النفط لم تكسب في المتوسط في تعاملاتها نهاية الأسبوع، سوى نحو واحد في المائة مع تراجع الدولار وتأهب منطقة الساحل الأميركي على خليج المكسيك للإعصار هارفي الذي قد يصبح أكبر عاصفة تضرب البر الأميركي الرئيسي في أكثر من عشر سنوات.
وقال مركز الأعاصير الأميركي، إن هارفي أصبح عاصفة من الفئة الثانية مع عبوره خليج المكسيك برياح سرعتها 175 كيلومتراً في الساعة على بعد 235 كيلومتراً قبالة ساحل "بورت أوكونور" بولاية تكساس. وأغلقت المصافي والمرافئ ومنشآت الإنتاج البرية والبحرية وبنى تحتية أخرى أو بدأت استعدادتها للعاصفة، حيث من المتوقع أن اشتد إلى إعصار من الفئة الثالثة. ويتوقع مركز الأعاصير، الذي حذر من فيضانات عبر أجزاء من جنوب وجنوب شرق تكساس، أن يتحرك هارفي ببطء وأن يبقى في تكساس لأيام.
ويذكر أن العقود الآجلة للخام الأميركي، كسبت في نهاية تعاملات وول ستريت، حوالى 44 سنتاً بما يعادل 0.9% ليتحدد سعر التسوية لخام غرب تكساس الخفيف عند 47.87 دولاراً للبرميل، لكنها أنهت الأسبوع منخفضة 1.3% عن مستوياتها في الأسبوع الماضي. كما أغلق خام برنت مرتفعاً 37 سنتاً أو 0.7 % عند 52.41 دولاراً، لكنه فقد 0.65 على مدار الأسبوع.

دلالات

المساهمون