نقص السيولة يضع الشركات الخليجية بمواجهة ضائقة التمويل

نقص السيولة يضع الشركات الخليجية بمواجهة ضائقة التمويل... والبحرين الأكثر تأثراً

25 اغسطس 2017
البحرين ستكون الأكثر تضرراً من نقص السيولة(كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -
توقعت دراسة تجارية أن تواجه الشركات الخليجية ضائقة تمويل خلال العامين الجاري والمقبل، بسبب نقص الأموال المتاحة للاقتراض.

وقالت الدراسة التي نشرتها مجلة "غلوبال تيريد" قبل يومين (24 أغسطس/ آب الجاري)، إن بعض دول مجلس التعاون الخليجي تعاني حالياً من ضائقة سيولة بسبب ضعف إيرادات النفط التي حققتها خلال السنوات الماضية.

ويذكر أن أسعار النفط كانت قد انهارت من مستوياتها المرتفعة فوق 100 دولار في العام 2013 إلى 50 دولاراً حالياً، بسبب قرار منظمة "أوبك"، في نهاية العام 2014، وقف العمل بسقف الإنتاج، وهو ما أدى إلى إغراق سوق الطاقة وبالتالي انهيار الأسعار.

وحسب الدراسة التي نسبتها المجلة التجارية إلى مؤسسة ضمان الصادرات الفرنسية "كوفاس"، فإن انخفاض مداخيل دول الخليج من مبيعات النفط، أدى إلى نقص في السيولة المتاحة للبنوك الخليجية، كما رفع من كلف التمويل في هذه الدول، وهو ما أدى بدوره إلى صعوبات في النمو الاقتصادي.

ووفقاً لهذه الصعوبات، توقعت الدراسة أن يبلغ متوسط النمو الاقتصادي في دول الخليج الست 2.1% في المتوسط خلال العام الجاري. ولكنها أشارت إلى درجات متفاوتة في المتاعب التمويلية التي تواجه دول الخليج.

وأشارت دراسة "كوفاس"، التي نشرتها المجلة، والتي لم تتناول الآثار السلبية لحصار قطر اللاأخلاقي واللاقانوني، إلى أن نقص السيولة بدول الخليج ترجم فعلياً في زيادة سعر فائدة الاقتراض بين البنوك في جميع دول الخليج، كما أدى إلى تباطؤ تدفق التمويل المتاح للشركات والأعمال التجارية.

وقالت الدراسة إن مشكلة التمويل ظهرت بشكل جلي في دولة مثل البحرين، التي ليست لديها فوائض مالية تستند إليها مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.

وذكرت الدراسة أن النقص في السيولة كان له أثر سلبي كبير على نمو أعمال الشركات وتمويلاتها، خاصة في كل من البحرين وسلطنة عمان. وتوقعت الدراسة أن ينمو معدل الإقراض في دول الخليج الست بنحو 4.9% خلال العام الجاري، 2017، مقارنة بمعدل النمو المرتفع خلال الأعوام الماضية.

ويذكر أن معدل نمو الاقتراض بلغ في المتوسط 9.2% خلال الأعوام 2012 ـ 2016. وحسب هذا المعدل، فإن حجم الإقراض المتوقع أو الأموال المتاحة للشركات في الأسواق المحلية خلال العام الجاري تقل كثيراً عما كان متاحاً لها في الأعوام السابقة.

وستضاف هذه الضائقة المالية إلى الصعوبات الاستثمارية التي تسبب بها الحظر الاقتصادي، وتخريب البيئة التجارية بدول منطقة الخليج، خاصة على صعيد زيادة كلف الاقتراض وقلق المستثمرين الغربيين من تداعيات الحصار الذي رفع من معدل المخاطر بالمنطقة التي كانت تعد من الملاذات الآمنة مقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى.

وكان كبير خبراء الأسواق الناشئة في صندوق "بلوباي آست منجمنت" في لندن، تيموثي آش، قد ذكر في نشرة "سيتي آم"، في تقرير نشرته "العربي الجديد" أخيراً، أن الحصار على قطر وتعنت دول الحصار في الجلوس إلى طاولة المفاوضات وضع الاستثمار في منطقة الخليج في دائرة "الخط الأحمر".

ورأى في التحليل، أن التعنت "يؤكد لنا أن منطقة الخليج باتت غير مستقرة، وأن الاستثمار فيها بات مسموماً". ويقول إن هذا التعنت يعني أن الأزمة ربما تستمر لفترة أطول. ودخلت أزمة الحصار شهرها الثالث ولم يلح في الأفق حل لها حتى الآن.

وكلما طال أمد الحصار كلما زاد من المتاعب الاستثمارية ورفع من كلف التمويل الذي تحتاجه بعض دول الخليج، خاصة السعودية والبحرين وسلطنة عمان بشدة، وسط نقص السيولة واستخدام الاحتياطي بكثافة في سد النقص.

وفي تعليقه على نقص السيولة، قال الاقتصادي بـ"كوفاس"، سيلترن جيغون: "إن نقص السيولة سيجعل بنوك المنطقة انتقائية أكثر خلال العامين الحالي والمقبل 2018، في منح القروض". وأضاف جيغون: "إن هذا الوضع سيحد من التمويلات المتاحة للشركات، خاصة الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة، لأنها تمثل مخاطر أكبر في الإقراض بالنسبة للبنوك".

وأشارت الدراسة إلى أن تدهور مداخيل النفط، أدى إلى انخفاض التمويل المتاح للشركات والأعمال التجارية وبالتالي تدهور بيئة الأعمال في هذه الدول، حيث اضطرت بعضها بسبب الضغوط المالية إلى تبني إجراءات تقشفية وإلغاء بعض المشاريع وخفض الدعم على بعض الخدمات.

في هذا الصدد، قال الاقتصادي المتخصص في منطقة الشرق الأوسط بـ"كوفاس"، ماسيمو فالسيوني، في تعليق حول الصعوبات التمويلية وتأثير الفائدة الأميركية على عملات الخليج: "إن زيادة سعر الفائدة الأميركية كان لها أثر سلبي على الدرهم الإماراتي".

وأضاف فالسيوني: "إن متطلبات رأس المال الجديدة التي أقرها قانون بازل والتي ستدخل حيز التنفيذ في العام المقبل، تطالب البنوك الخليجية بالاحتفاظ بنسبة عالية من الموجودات ذات النوعية العالية من الجودة". وهو ما يعني حسب المعطيات المصرفية، أن المصارف الخليجية ستضطر إلى تقليل المخاطر، وتفادي الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة.

وعلى صعيد الدول، قال التقرير إن قلة التمويل المتاح للاقتراض ستضطر دول مجلس التعاون إلى استخدام مواردها الخاصة في الحصول على تمويلات العجز في الإنفاق، مثل الصناديق السيادية أو اللجوء للاقتراض عبر إصدار سندات دين دولية، مشيراً إلى أن ذلك سيخفف من ضغوط السيولة في هذه الدول. ويذكر أن السعودية استخدمت بكثافة احتياطاتها المالية لسد العجز في التمويل.

وحسب تقرير حكومي نشر يوم الخميس الماضي، تراجعت الأصول الاحتياطية الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) الشهر الماضي، بنسبة 12.6% على أساس سنوي، أي بقيمة 71.2 مليار دولار، هبوطاً من 2121.2 مليار ريال (565.7 مليار دولار)، في يوليو/ تموز 2016.

وبلغت قيمة التراجع على أساس شهري 1.2% وبواقع 6.2 مليارات دولار، خلال يوليو، إلى 1854.5 مليار ريال (494.5 مليار دولار).

وأما المصدر الثاني لسد النقص في التمويل، فهو إصدار سندات دولية ومحلية. وحسب التقرير، اقترضت دول الخليج الست 38.9 مليار دولار في العام 2016 عبر إصدار سندات دولية. وكانت السعودية أكبر الدول التي دخلت سوق المال العالمي للاقتراض.

وحسب وكالة الأنباء السعودية "واس"، اقترضت الحكومة السعودية 51 مليار ريال (13.6 مليار دولار) من السوق المحلية عبر إصدار صكوك حكومية تم طرحها لأول مرة بالريال السعودي. وقالت الحكومة مع إعلانها موازنة 2017، نهاية العام الماضي، إنها ستصدر سندات وصكوكاً لتوفير التمويلات اللازمة لسداد العجز في موازنة 2017.

والصكوك هي أدوات استثمار تحصل الحكومات والشركات من خلالها على سيولة مالية من المستثمرين لاستخدامها في تمويل مشروعات استثمارية أو تغطية عجز الموازنة العامة للدول.

وما يزيد من نقص السيولة في المنطقة، عدم ارتفاع أسعار النفط حتى الآن، رغم الخفض الكبير في الإنتاج الذي نفذته دول منظمة "أوبك" ومنتجون خارجها في مدينة بطرسبرغ الشهر الماضي. وحسب تقديرات مصرف "غولدمان ساكس"، فإن سعر النفط لن يفوق 55 دولاراً في أحسن الأحوال خلال العام الجاري.

دلالات

المساهمون