تحديات تواجه مشروع طريق الحرير الصيني

تحديات تواجه مشروع طريق الحرير الصيني

22 يوليو 2017
مشاريع الحزام الاقتصادي ستشمل أكثر من 60 بلداً(Getty)
+ الخط -
أكد تحليل اقتصادي صدر اليوم أن تنفيذ مشروع "حزام طريق الحرير الاقتصادي" الذي أطلقته الصين عام 2013 لربط اقتصاديات الصين وغرب آسيا وأوروبا سيكون مصحوبا بتحديات كبيرة.


وأوضح التحليل الأسبوعي لبنك قطر الوطني (QNB) أن مهمة بناء المشروع بحجمه المقترح قد تستغرق وحدها عدة عقود، فضلا عن كيفية قيام الصين بالتنسيق بين 60 بلدا مختلفاً، كما أن تحقيق المستوى المطلوب من العائدات المرجوة منه سيكون أمرا في غاية الصعوبة نظرا لأن هذه الاستثمارات هي في الأساس مشاريع إنمائية طويلة الأجل وليست مشاريع تجارية بحتة.


ولفت التحليل إلى أنه يمكن للمبادرة، في حال عدم تحقيقها لعائدات دون المستوى المطلوب، أن تُسبب مشاكل فيما يتعلق بخدمة الدين في البلدان المتلقية للقروض وأن تؤذي المستثمرين والبنوك في الصين، داعيا صناع القرار إلى ضرورة الانتباه لهذه المخاطر.

وبين التحليل أنه على الرغم من أن مبادرة "حزام طريق الحرير الاقتصادي" يمكن أن تحقق فوائد هائلة للمشاركين فيها، إلا أنه يمكن لتكاليفها أن تكون باهظة.

كما تطرق التحليل إلى الأسباب التي تدفع الصين إلى الإقدام على هذه المبادرة رغم التحديات الواضحة، مشيرا إلى أن هناك ثلاثة أسباب تكمن وراء إقدام الصين على هذا المشروع الطموح والمكلف.

ويرجع السبب الأول للمبادرة، وفقا للتحليل إلى أن تباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني قد أدى إلى فائض في الطاقة الإنتاجية، خصوصاً في المشاريع الكبيرة لتنمية البنية التحتية والتي اكتسبت فيها الشركات الصينية خبرة جيدة، وبإمكان المبادرة أن تفسح مجالاً لتصدير هذه الطاقة الإنتاجية والمهارات التكنولوجية التي من شأنها أن تشكل عامل سحب للاقتصاد المحلي.


ويرجع السبب الثاني وراء المبادرة، إلى أنه ما يزال هناك فائض كبير في المدخرات المحلية بالصين، كما أن عملية إعادة التوازن نحو الاستهلاك مستمرة ولكن ليس بالسرعة الكافية لتخفيض فائض المدخرات، ولذا فمن المحتمل أن يرى صناع القرار أن الاستثمار الخارجي في المشاريع التي تشرف عليها وتقودها الصين هو وسيلة مهمة لتوجيه تلك المدخرات إليها.


فيما أشار السبب الثالث إلى أنه من المفترض أن تجني الصين فوائد من زيادة حجم التدفقات التجارية، فمن بين جميع الأطراف المشاركة في مبادرة "حزام طريق الحرير الاقتصادي"، يرجح أن يستفيد المصدرون الصينيون والقطاعات الصينية المرتبطة بالتجارة أكثر من غيرها، فالمبادرة ستخفض تكاليف النقل وتقلل أوقات التسليم وتحسن إمكانية الوصول للأسواق النامية والناشئة.


وأوضح التحليل أنه علاوة على ذلك، توفر المبادرة فرصة لاحتفاظ الصين بقدرتها على التحكم في تدفق التجارة الآسيوية، حتى ولو تراجعت حصتها من حيث الإنتاج أمام الدول الآسيوية الأخرى مع تحرك البلاد صعودا في سلسلة القيمة الصناعية وتحولها إلى اقتصاد قائم على الاستهلاك.

كان 30 من زعماء العالم قد اجتمعوا بمدينة بكين في شهر مايو/أيار الماضي لمناقشة مبادرة "الحزام الاقتصادي"، وهو المشروع الذي أطلق عام 2013 وكان يعرف حينها باسم "حزام واحد، طريق واحد"، وهو برنامج عالمي للبنية التحتية بقيادة الصين يهدف إلى تحسين الربط والتجارة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.


وبعد مرور أربع سنوات، يجري تنفيذ الموجة الأولى من المشاريع، وتعمل الصين على حشد المزيد من الدعم الدولي للمشروع.

وتهدف المبادرة لتطوير النقل والبنية التحتية المرتبطة بالطاقة مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الطاقة بامتداد ستة ممرات اقتصادية تربط الصين بآسيا الوسطى وأوروبا عن طريق البر وبالهند وجنوب شرق آسيا عن طريق البحر، وتشير الخطط الحالية إلى أن مشاريع "الحزام الاقتصادي" ستشمل أكثر من 60 بلداً تمثل نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي للعالم.

ولتمويل المبادرة، أعلنت الصين في مؤتمر القمة الخاص بالمبادرة الذي انعقد مؤخراً أنها ستنفق 124 مليار دولار أميركي على المشاريع في حين أنها قدمت في السابق قروضاً بقيمة 890 مليار دولار أميركي من خلال بنوك التنمية والبنوك متعددة الأطراف الصينية.

وتبلغ التكلفة الإجمالية التقديرية للمشاريع التطويرية لمبادرة الحزام الاقتصادي حوالي 1.2 تريليون دولار أميركي، غير أنه لم يتم حتى الآن سوى إنفاق حوالي 33 مليار دولار أميركي فقط.

تشتمل مبادرة الحزام الاقتصادي على عدة مشاريع كبرى، ففي باكستان، تقود الصين عملية تحويل ميناء جوادر في جنوب البلاد إلى مركز للطاقة يربط الصين بالشرق الأوسط، ويتضمن هذا المشروع بناء طريق وشبكة أنابيب تمتد من ميناء جوادر إلى غرب الصين، مما يقلص رحلة استيراد مواد الطاقة من 12 ألف كيلومتر عبر البحر إلى 3 آلاف كيلومتر، وقد بدأت فعلاً الأشغال في شبكة الطرق وتوسيع الميناء.


وتمت إقامة ربط بين إيران والصين عبر السكك الحديدية في 2016، بالإضافة إلى بوابة خورجوس وهي مركز رئيسي لشحن البضائع ما بين الصين وكازاخستان يتم العمل فيه حاليا ومن المتوقع أن يتم تمديده في إطار مبادرة الحزام الاقتصادي.

كما أن هناك مشاريع واعدة أخرى في غاية الأهمية لم يبدأ العمل فيها بعد، ومن بين هذه المشاريع هناك مشروع الربط عبر السكك الحديدية بين بكين وموسكو (7 الاف كيلومتر) وجنوب الصين وماليزيا وسنغافورة (3 الاف كيلومتر)، علاوة على ميناء في المياه العميقة في سريلانكا.



(قنا)


دلالات

المساهمون