سوق النفط المأزومة... الأسعار تنهار برغم اتفاق أوبك

سوق النفط المأزومة... الأسعار تنهار برغم اتفاق أوبك

24 يونيو 2017
النفط الصخري من أهم تحديات أوبك (Getty)
+ الخط -





تعرف السوق النفطية صدمات أسعار متتالية منذ فترة، وصلت إلى أوجها خلال الأسبوعين الماضيين، ما أثار جملة من التساؤلات حول مستقبل الأسعار وانعكاساتها على الدول المنتجة للبترول، وكذا بدأت الشكوك تدور حول نجاح اتفاق أوبك مع الدول المستقلة لتحقيق التوازن في السوق النفطية. إلا أن هذا الاتفاق وبالرغم من عدم تحقيقه طموحات المنتجين في رفع الأسعار إلى ما بين 55 و60 دولاراً، لكنه أصبح حجرة توقف انزلاق الأسعار إلى مستويات أكثر انخفاضاً، وفق محللي الأسواق.

فقد بقيت أسعار النفط ما دون 46 دولاراً خلال الأسبوع المنقضي أمس السبت، مع وصولها إلى أكبر انخفاض خلال الربع الأول من هذا العام، منذ 20 عاماً. أما التوقعات فلا تشي بأي نوع من التفاؤل، مع ذهاب البنوك العالمية نحو توقعات بالمزيد من الانخفاض في الأسعار وصولاً إلى 30 دولاراً. وهذا المسار، يعني المزيد من الانكماش في اقتصادات الدول المنتجة للنفط، وفق تأكيدات خبراء الاقتصاد، وما يتبع ذلك من زيادة في عجز الموازنات، وارتفاع في نسبة الاقتراض من الأسواق الدولية.

وارتفعت العقود الآجلة للنفط يوم الجمعة الماضي، مدعومة بتراجع الدولار. لكنها أغلقت على خسائر أسبوعية للأسبوع الخامس على التوالي مع فشل تخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك في تقليص تخمة المعروض العالمي.

وتحدد سعر التسوية لعقود برنت على ارتفاع 32 سنتاً بما يعادل 0.7% عند 45.54 دولاراً للبرميل. وأغلق الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط مرتفعاً 27 سنتاً أو 0.6% إلى 43.01 دولاراً للبرميل.

وعلى مدار الأسبوع فقد خاما القياس 3.9% من سعرهما. وأسعار النفط الحالية لا تزيد إلا قليلاً فحسب فوق أدنى مستوياتها في عشرة أشهر، متأثرة باستمرار المخاوف من زيادة الإنتاج. وتراجع السعر لخمسة أسابيع متتالية هو الأطول منذ أغسطس/ آب 2015.

وقلصت الأسعار مكاسبها بعد أن قالت بيكر هيوز للخدمات النفطية نهاية الأسبوع، إن الشركات الأميركية أضافت 11 حفارة نفطية، وذلك في أكبر زيادة على مدى ثلاثة أسابيع.

اختبار اتفاق أوبك

وتعهدت السعودية، أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، في مايو/ أيار "بفعل كل ما يلزم" للدفاع عن أسعار النفط العالمية، لكنها لم تتوقع أن يختبر السوق تعهدها بعد شهر واحد فقط. وفي الوقت الذي مددت فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول تخفيضات إنتاج النفط، انخفضت أسعار الخام 18% في 20 يوماً فحسب.

وسجلت سوق النفط أسوأ أداء لها في الستة أشهر الأولى من العام خلال 20 عاماً، مما يشير إلى أن اتفاق أوبك لم يؤد إلى رفع الأسعار كما هو متوقع، مع اشتداد العوامل الدافعة للمزيد من الانخفاض. ويأتي ذلك مع استمرار مواقف أعضاء أوبك في عدم القيام بتخفيضات أكبر للإنتاج.

وقال بوب مكنالي رئيس مجموعة رابيدان لاستشارات السوق وسياسات الطاقة في واشنطن لوكالة "رويترز" إنه: "البعض في أوبك يجب أن يخفض الإنتاج أكثر، لكن لا أحد يرغب في ذلك".

وكانت السعودية وبلدان أخرى في أوبك أكدت أن المنظمة لن تندفع صوب تنفيذ تخفيضات أكبر للإنتاج من المستوى الحالي البالغ 4% كي تكبح انخفاض الأسعار. أما البديل فهو انتظار المنظمة التخفيضات المشتركة الحالية مع روسيا غير العضو في أوبك، التي من الممكن أن تؤدي إلى هبوط المخزونات العالمية خلال الربع الثالث من العام حين يرتفع عادة الطلب على النفط الخام. وقالت مصادر في أوبك وفي روسيا لـ "رويترز"، إنه لا مؤشرات تذكر على أن المنظمة تستعد لإجراء استثنائي قبل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في روسيا نهاية يوليو/ تموز.

وقال وزير النفط الإيراني بيغن زنغنه يوم الأربعاء "نجري محادثات مع أعضاء أوبك كي نجهز أنفسنا لقرار جديد". وأضاف "لكن اتخاذ القرارات في المنظمة أمر صعب جداً لأن أي قرار سيعني للأعضاء تخفيضات في الإنتاج".

وأطلق ارتفاع أسعار النفط بنهاية العقد الماضي وبداية هذا العقد مشاريع إنتاج متعددة في أنحاء العالم، بما في ذلك في تكوينات النفط الصخري الأميركي، مما نتج عنه فائض عالمي دفع الأسعار للانخفاض من 120 دولاراً للبرميل في 2014 إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل في العام الماضي.

وسعت أوبك وروسيا إلى تحقيق استقرار الأسعار عند 50-60 دولاراً للبرميل عبر تخفيضات الإنتاج، لكن أسعار خام القياس العالمي برنت انخفضت هذا الأسبوع صوب 44 دولاراً للبرميل بسبب استمرار المخاوف بشأن فائض الإمدادات.
ويقول أويستن برنتسن العضو المنتدب لشركة سترونغ بتروليوم لتجارة النفط، في تصريح لوكالة "رويترز": "الإمدادات العالمية تراجعت إلى مستوى منخفض جديد لم يُسجل في سنوات. النفط الصخري الأميركي يعود بكل قوة... وهناك مستويات مرتفعة من المخزونات العائمة وعلى الأرض".

والولايات المتحدة ليست طرفاً في أي اتفاقات لخفض الإنتاج ومن المتوقع أن تزيد الإنتاج من تكوينات النفط الصخري بما يصل إلى مليون برميل يومياً.
وقال برنتسن إنه ما لم تعمق أوبك التخفيضات أو تحدث توقفات كبيرة وغير متوقعة في الإنتاج فإن الأسعار ستظل منخفضة. وقال غريغ مكينا، كبير محللي السوق لدي أكسي تريدر للوساطة في العقود الآجلة: "تعميق الخفض قد يكبح انخفاض الأسعار لكن أوبك بحاجة بالفعل للقيام بهذا بدلاً من الحديث عنه فحسب".
وقالت مصادر في أوبك إن أحد الخيارات قد يتمثل في ضم عضوي أوبك ليبيا ونيجيريا في أقرب وقت إلى تخفيضات الإنتاج بعد أن نما إنتاجهما بقوة في الأشهر الأخيرة من مستوياته المنخفضة السابقة بسبب الاضطرابات. وفي الوقت الحالي فإن نيجيريا وليبيا معفيتان من اتفاق تخفيضات الإنتاج.

التوقعات غير متفائلة

وخفض بنك باركليز لأبحاث الأسهم توقعاته لمتوسط سعر خام برنت لعام 2017 إلى 52 دولاراً للبرميل من 56 دولاراً للبرميل. ولعام 2018 إلى 57 دولاراً للبرميل من 67 دولاراً. وقال إن متوسط توقعات خام برنت لعام 2019 ظل دون تغيير عند 60 دولاراً للبرميل، في حين اعتبر أنه على الرغم من أن انخفاض المخزونات القوي خلال النصف الثاني من العام قد يدعم ارتفاعاً قريب المدى في أسعار النفط، فقد تراجعت توقعات 2018 بسبب استمرار صمود إمداد النفط الأميركي، وتوقعات بأن تتراجع أوبك عن تخفيضات الإنتاج الراهنة.
بدوره، قال المحلل لدى "بنك أوف أميركا ميريل لينش"، بول سيانا، الأربعاء، إن "أسعار النفط تسلك مساراً هبوطياً وقد تتراجع إلى 30 دولاراً للبرميل، في ظل ما تواجهه السوق من مخاطر متعلقة بوفرة المعروض العالمي". ما يعني تراجعاً عما قاله محللو بنك أوف أميركا، الشهر الماضي، إن إسعار النفط قد تهوي إلى 35 دولاراً للبرميل.

ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع القادم للجنة أوبك في سان بطرسبرغ بروسيا في الرابع والعشرين من يوليو/ تموز 2017.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وبعض المنتجين المستقلين اتفقوا العام الماضي على خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يومياً لمدة ستة أشهر اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني، ثم مددوا الاتفاق ذاته حتى نهاية مارس/ آذار 2018.


(العربي الجديد)


المساهمون